سُليماني “المرعب”!
كان مرعباً قبل اغتياله وظل كذلك حتى بعد الاغتيال.. على هذه الحال بقي الشهيد الفريق قاسم سليماني يسكن الهواجس الأمريكية، وشكلت معه إيران ومن دون مبالغة عنصر الرعب والخوف للولايات المتحدة، التي تبقى مترقبة لأي ردود فعل إيرانية لن تكون نتائجها بالهينة على واشنطن في حال أقدمت الأخيرة على أي مغامرة طائشة، إذ يكفي أن طهران مع غيرها من الدول كانت قادرة على زعزعة المكانة الأمريكية وكسر هيمنتها.
جديد أمريكا أو بالأدق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران، قوله: “أي هجوم إيراني على الولايات المتحدة سيواجه برد أقوى بـ 1000 مرة”، مشيراً إلى تقارير صحفية تزعم بأن “إيران تخطط ربما لعملية اغتيال أو هجوم ضد الولايات المتحدة انتقاماً لاغتيال سليماني”. التصريح الأمريكي الجديد إنما هو إقرار صريح ومباشر بمدى القوة الإيرانية وتطورها وما يمكن أن تفعل، كما يعكس حال التخبط والذعر الأمريكي بدليل استباق ترامب لأي ردود فعل إيرانية مقبلة بكيل التهديد والوعيد، ظناً منه أن المزاعم التي روّجت مؤخراً حول “تخطيط إيران لمحاولة اغتيال السفيرة الأمريكية في جنوب إفريقيا لانا ماركس منذ الربيع الماضي” ، قد تعطيه شرعية لأي تهديدات أقله أمام ناخبيه.
الأمر الآخر من وراء التصريح أن ترامب المقبل على الانتخابات بحاجة إلى كلام انتخابي، ومع تراجع حظوظه يريد أن يرمي بكل ما في جعبته دفعة واحدة، فلا يملك المزيد من الوقت ولا بد من تسجيل أي “إنجاز” أو مكسب أياً تكن النتائج، فهو يرمي من وراء التصريح إلى “دفع” إيران إلى أي هجوم على القوات والقواعد الأمريكية الموجودة في المنطقة، لتستغله واشنطن لترد رداً يكون بمستوى الرافع لحظوظ ترامب الانتخابية.
لن تصغي إيران للرعونة الأمريكية، لكن أي مغامرة من واشنطن فإن إيران لن تتردد لحظة واحدة في الدفاع المشروع عن شعبها وأرضها ومصالحها، فقد أعلنتها طهران.
ببساطة أفلس ترامب وهو على مشارف نهاية ولايته الأولى ولا يدري إن كانت حظوظه ستساعده على نيل ولاية ثانية.. أفلس إذ تراجعت مكانة أمريكا، وشعار “أمريكا أولاً” اندثر، كما أنه لم “يفرمل” الصعود الصيني والروسي والإيراني، ولم يستطع النيل من كوريا الديمقراطية أو كوبا أو فنزويلا، بل على العكس في عهده حدثت تغييرات في الموازين الدولية وتلاشت الأحادية الأمريكية، وتشكلت تحالفات سياسية واقتصادية عصية على الأمريكي، ثم إن الحديث عن العودة إلى الوراء غير واقعي أبداً.