المتوسط بوابة الأزمات التركية

فتح الصراع على غاز المتوسط الباب على أزمات متعددة أصابت أنقرة التي جنحت بسياستها بعيداً عن كل الأعراف الدبلوماسية والقانونية، والتي استندت على العداء لجميع جيرانها، فالحاصل بعد سنوات من النظرية الميتة ” صفر مشكلات” هو صفر جيران، إضافة لعلاقات متوترة مع حلفاء من الأمس “ناتو” وعلاقات تشوبها عدم الوضوح مع حليف جديد أي “الروسي”.
لقد أدخل رئيس النظام التركي رجب أردوغان بلاده في متاهات كثيرة نابعة من أطماع عثمانية، متناسياً حقيقة العداء لإمبراطورية أجداده الآفلة من الشعوب التي لم تنسَ بعد كل الويلات التي أبدع بها سلاطين بني عثمان ضد البشرية، فقدرته على اللعب على التناقضات الدولية لن تخدمه طويلاً.
الأطماع التركية أظهرت موقع تركيا الحقيقي في الأحلاف السياسية والعسكرية في المنطقة المحيطة بها، فتركيا المنضوية تحت مظلة حلف “ناتو” كشفت سياستها في البلطجة على غاز المتوسط موقعها الحقيقي الذي يقع على هامش الحلف- إن لم نقل عنها ذيل الحلف، الذي أيدت دوله الأوروبية اليونان، فيما الولايات المتحدة الأمريكية وحتى الآن يمكن القول إن سياستها حيادية من العراك الحاصل بين أعضاء في “ناتو” على مكامن الطاقة في المتوسط.
التأهب ضد الأطماع التركية امتد إلى المحيط العربي الذي تتزايد فيه التوترات وخاصة بين تركيا التي لا يساندها أحد في ذلك ومصر ومن خلفها دول عربية وازنة، إضافة لموقف أوروبي يقف خلفها بطريقة غير مباشرة ضد التمدد التركي، وأيضاً الروسي الذي أبدى مرونة كبيرة في تليين مواقف أنقرة في ملفات مشتركة وهو صاحب النفس الطويل، بدأت ملامح السأم من استغلال أنقرة لصبره وتفهمه تظهر لديه، إضافة إلى ذلك الاعتداءات التركية في شمال سورية والعراق، كما الحشرية التركية في الخلاف بين أرمينيا وأذربيجان، فكل هذه المعارك التي يخوضها النظام التركي على جبهات متعددة، وربما تكون لأهداف داخلية فقط، إلا أنها تفتح أبواب الأزمات على تركيا، فعلى أي حصان خاسر يراهن النظام التركي؟.
أوروبا ومعها دول عربية متفقة مع بعضها أو مختلفة وإلى موقف روسي غير معلن، لن يرضوا بهيمنة تركية على البحر المتوسط، وسيعملون لتكسير أذرع النظام التركي كل بطريقته عندما يحين الوقت– إن واصل هذا النظام سياساته التي تستحضر “أمجاداً” غابرة، رفضته سابقاً دول حوض المتوسط كما ترفضه اليوم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار