ترامب.. والدعاية الانتخابية الخادعة
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية واشتداد المنافسة بين جو بايدن ودونالد ترامب, أعلن الأخير سحب المزيد من الجنود الأمريكيين المتمركزين في كل من العراق وأفغانستان, حيث من المزمع, حسب الترويج الأمريكي, أن يتم قريباً سحب نحو 1500 جندي من العراق و4000 آخرين من أفغانستان استكمالاً لخطة إدارة ترامب الدعائية لتقليص عدد الجنود الأميركيين خارج الولايات المتحدة.
ليس خافياً على أحد أن هذا الإعلان وفي هذا التوقيت بالذات, يأتي كمحاولة لإقناع الناخبين بأن ترامب “يفي” بالوعود التي قطعها على نفسه في حملته الانتخابية السابقة عام 2016 وعلى رأسها إنهاء ما وصفها بحروب أميركا التي لا تنتهي، خاصة في ظل ما يواجهه ساكن البيت الأبيض حالياً من ردود فعل سلبية بعد تحدثه بشكل مهين عن القتلى الأميركيين في حروب خارجية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
الكل يعلم أن الإعلان الأمريكي بخفض عدد الجنود الأميركيين على أرض العراق وأفغانستان لا يعني الانسحاب كلياً من البلدين وإخلاء الساحة, فقد عملت الإدارة الأمريكية على التأسيس لوجود عسكري أميركي طويل الأمد, وإذا كان ترامب اليوم يقدم على تخفيض عدد القوات في محاولة منه لاستمالة الناخبين والتقدم على منافسه الديمقراطي بايدن في استطلاعات الرأي، إلا أن تخفيض عديد القوات سيكون عددياً وآمناً بما يتيح لواشنطن المحافظة على وجود أصغر ولكن دائم, وفي الوقت ذاته لا يهمل ترامب الحرص على تجنّب وقوع خسائر بشرية في صفوف القوات الأميركية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، حيث يعلم ترامب مدى حساسية هذا العامل لدى الناخب الأميركي.
اللافت أن هذا الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية يأتي بالتزامن مع تصاعد وتيرة الاستهداف المتكرر للقواعد الأمريكية في مختلف المحافظات العراقية، ومع قرار مجلس النواب العراقي إخراج القوات الأمريكية بشكل كلي وليس سحب أجزاء منها إيماناً من جميع القوى السياسية العراقية بأن بقاء القوات الأمريكية في العراق يعني استمرار الإرهاب.
وعليه فان إعلان ترامب سحب جزء من القوات الأمريكية من العراق بين الحين والآخر مجرد دعاية انتخابية له وظّفها في حملته الانتخابية عام 2016 وها هو اليوم يوظفها مجدداً في حملته الانتخابية لاستمالة الشعب الأمريكي وإيصال رسالة خادعة له بأنه غير راضٍ بالبقاء في العراق، لكن هو يخطط عكس ذلك