هذه هي السياسة الأمريكية بأبشع صورها، لا تخفي نفسها، بل لا تخجل في إظهار نفسها، كل شيء في عرف هذه السياسة يخضع للابتزاز والمساومة، بعد الضغط والتجويع والحصار والعقوبات والتلويح بالحرب، من يمتلك الإرادة للصمود استمر في نهجه، ومن ضعف ووهنت قوته رضخ للابتزاز الأمريكي– الصهيوني.
فقد قام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مؤخراً بزيارة إلى العاصمة السودانية الخرطوم هي الأولى لوزيرِ خارجية أمريكي منذ خمسة عشر عاماً..
الرسالة التي يمكن فهمها أو استنتاجها من هذه الزيارة التي تحمل الكثير من الأسئلة بالتوقيت ومسار الرحلة كانت ” التطبيع مقابل فك العزلة” في عملية ابتزاز مكشوفة, وعندما نقول التطبيع فهذا لا يعني فقط الولايات المتحدة، بل “إسرائيل”.
بومبيو عبر في “تغريدة” عن سعادته بأن يكون على متن أول رحلة مباشرة بين “إسرائيل” والسودان.. فهل بات “ملف التطبيع” شرطاً أمريكياً لتطوير العلاقات مع السودان؟
زيارةٌ يتساوق مسارها مع مسار ما يجري في المنطقة وهي مخصّصة، وفق ما هو مُعلَن، للنظر في إمكانيّة توسيع دائرة “السلام” لتشمل عواصم عربية أخرى، ومن بينها الخرطوم، السائرة في اتجاه تطبيع كاملٍ للعلاقات مع واشنطن، وكلّ ما يأتي تحت هذا البند، أملاً بمكاسب سياسية واقتصادية وأمنية، يعتقد السودان أنه سيجنيها يومَ يُرفع اسمه من القائمة الأميركية لـ”الدول الراعية للإرهاب”.
لقد كان بومبيو واضحاً في الخرطوم حين أعلن “دعمه إطلاق علاقات إسرائيلية– سودانية”، وزيارته هذه لا تنفصل عن هذا السياق, والأكيد أن الإدارة الأميركية ستضغط على السودان في هذا الاتجاه، في مقابل إزالة اسمه من قائمة الإرهاب، والمساهمة في حلّ مسألة الديون الخارجية المتراكمة على هذا البلد، لكن احتمال رفع العقوبات، لا يزال أمراً مستبعداً، ولاسيّما أن العقوبات مرتبطة بالكونغرس، وليس بالبيت الأبيض.