لا توجد كلمات كافية لتقديم العزاء للأشقاء في لبنان على المفقودين، وليس هناك عبارات مواساة للجرحى الذين أصيبوا في هذا اليوم الأسود العصيب من تاريخ لبنان، الذي سيضاف لرصيد أيام بيروت الحزينة، لكن الواجب يحتم علينا وعلى العالم التضامن مع لبنان فعلاً لا قولاً ومواقف إعلامية، إنه الواجب الإنساني تجاه هذا البلد الذي يمر اليوم في مرحلة خطرة، وأن يتعامل مع شعبه بعيداً عن أي حسابات لكي يستطيع تجاوز هذه المحنة بأسرع وقت، وتفويت الفرصة على المتربصين به وبأمنه وبشعبه.
بيروت اليوم تختصر وجعاً عربياً، مأساة كبيرة ومدوية تضرب مدينة الأحلام والحب والحرب..مدينة “عذراء” بأبريائها، حين تضحك تختصر فرح العالم في حفلاتها، ومهرجاناتها وأثواب نسائها، وحين تبكي تغرق العالم ببحر دموعها.
كارثة لبنان مهولة..ست الدنيا يلفها الحزن، وكأن قدر هذه العاصمة العربية المقاومة، كلما لاحت الفرصة لها لاستعادة عافيتها، يجب عليها أن تدفع ضريبة الدم جراء مواقفها وصمودها.
لا وقت للتحليل وتحميل المسؤوليات فهذا من واجب التحقيق، المطلوب أمام هذه المحنة تضامن دولي حقيقي بكل معنى الكلمة مع لبنان حكومة وشعباً لكي يستطيع هذا البلد العزيز النهوض من هول من أصابه، وبدهي أن نقول إن الحاجة للتضامن أشد ما تتعزز وقت المحن.
لا يوجد أثر أومعنى لأي تضامن، إذا اقتصر الأمر على الشعارات والأقوال التي لا تقترن بالأفعال النابعة من الشعور الحقيقي بما أصاب لبنان، إذا بدا الأمر كأنه تنافس مقيت للظهور والمباهاة والاستثمار في الأزمات، والمجتمع الدولي لا ينقصه المزيد من المواقف الاستعراضية التي يجني الجميع اليوم نتائجها الكارثية، بل من شأن هذه الحالة أن تقود إلى مزيد من الانقسام والمحن، التي لا يستطيع أي مجتمع مجابهتها من دون تضامن وتعاون حقيقيين، لا سيما أن تكاتف المجتمع الدولي جنباً إلى جنب يؤسس لجهد جماعي حضاري باتجاه تحقيق التنمية والتقدم.
إن المجتمع الدولي وفي المقدمة الأشقاء العرب مدعو للوقوف مع لبنان، أمام هذا الكم الهائل من الأزمات والصعوبات التي تواجهه، قبل كارثة المرفأ وبعدها، ولا يتخيل أحد أنه بمنأى عن هذه المحن والكوارث والأوبئة، فالجميع يركبون قارباً واحداً .
على مدى العقود، مرّ لبنان بحروب ومصاعب وأزمات عديدة، لكن إرادة شعبه العنيد انتصرت، حيث يبقى لبنان مهما عصفت به الأزمات، كطائر الفينيق ينهض من الرماد، فتفجيرات الأمس، لن تزيد هذا البلد إلا صلابة وعزيمة على مواصلة الحفاظ على البلاد والوقوف على قلب رجل واحد.