عودة إلى التشاؤم
عاد التشاؤم ليستحكم بالمشهد الليبي، ممتداً إلى ما بعد الانتخابات، هذا في حال وصل قطارها إلى محطته الأخيرة المقررة في الـ24 من الشهر المقبل.
عودة التشاؤم لم تكن متوقعة، بعد أشهر من التفاؤل، ومن سلسلة توافقات واتفاقات داخلية بدا معها أن كل الأمور على ما يُرام، خصوصاً أن الخارج أبدى دعماً واسعاً لإجراء الانتخابات، مهدداً المعرقلين لها بالعقوبات والاستبعاد.
ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين يكاد يكون انقلاباً كاملاً في مشهد التفاؤل، ولم يكن ينقصه إلا استقالة المبعوث الأممي يان كوبيتش يوم الثلاثاء الماضي، بعد أقل من عام على استلامه منصبه، وقبل شهر فقط على موعد الانتخابات.
الاستقالة المفاجئة رافقها تحول في موقف الأطراف الخارجية حيال مسار الترشيحات الانتخابية، مع إعلان كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، تأييدها للمراجعة القضائية لهذه الترشيحات، وذلك غداة إقفال باب الترشح على 98 مرشحاً.
الرقم كبير بلا شك، لكن الجميع يعلم أن الترشيحات الرئيسية تنحصر في أسماء محددة: سيف الإسلام القذافي، خليفة حفتر، عبد الحميد الدبيبة، وعقيلة صالح.
المفارقة أن هؤلاء جميعهم يدخلون ضمن دائرة المراجعة القضائية، وقد يسقطون جميعهم بالطعن حيال قانونية ترشحهم، حسب قانون الانتخابات.. والسؤال -إذا ما حدث وسقط هؤلاء بالطعن- من هم المرشحون البدلاء الأبرز الذين يُفترض أن قانون الانتخابات ينطبق عليهم؟
أغلبية الأسماء ليس لها حضور على الساحة الليبية.. ومن له بعض الحضور، فهذا غير كاف للفوز بالانتخابات، هذا ونحن لم نتحدث بعد عن الحضور الخارجي.
هذا يعزز احتمال ألا يسقط أي من المرشحين المعروفين بالطعن، وبالتالي جميعهم سيخوضون الانتخابات، التي ستكون حامية الوطيس بلا شك.. لكن النقطة الأساسية ليست في خوض الانتخابات فقط، بل في مسألة من سيفوز فيها، وإذا ما كان الطرف الخاسر سيعترف بالهزيمة؟
ما سبق يعني أن حالة القلق والمخاوف والتشاؤم التي تسيطر حالياً ستنسحب إلى ما بعد الانتخابات.. وبدل أن يُقبل الليبيون بتفاؤل على يوم التصويت، فإن كل ما سيفكرون به وهم يصوتون أن أياً كان من سيصوتون له، سيفوز أم لا، لن يكون نقطة بداية نحو الاستقرار وعودة الدولة موحدة، سياسةً وجغرافيا.