إلغاء الخدمة الإلزامية تشجيع للشباب المغتربين للعودة وبناء سوريا الجديدة
الحرية – بادية الونوس:
استُهلكت أعمارنا كما أحلامنا، فالخدمة الإلزامية كانت تشكل عبئاً نفسياً ومادياً يثقل كاهل الشباب وذويهم.
يبين مهند حسين شاب خريج (كلية حقوق) أن الخدمة العسكرية الإلزامية خلال الظروف التي شهدتها البلاد خلال السنوات الفائتة، تعني أن ترتدي الموت كل يوم وتودع أهلك لتذهب ولا تدري إن كنت ستعود سالماً.
ويضيف: لم يتوقف الأمر هنا، وإنما يضطر البعض من الشباب إلى تأجيل التخرج والإبقاء على مواد في جامعتهم، حتى يتسنى لهم التأجيل لأطول فترة ممكنة، وأثنى مهند الشاب الثلاثيني على القرار المتعلق بإلغاء الخدمة، معتبراً أنه يعني تنفس الصعداء، والتفكير بالمستقبل من دون خوف أو قلق.
مهند يمثل أغلبية الشباب الذين كان يتملكهم الخوف والقلق من الخدمة العسكرية التي تكون أحياناً متضمنة عبارة (إلى إشعار آخر ). ومعنى هذا لسنوات طويلة تذهب من أعمارهم في حرب لا طائل منها.
سرق أعمارهم وأحلامهم
إذاً بعد التغييرات التي قلبت الموازين للبلاد والعباد، ومنها إلغاء خدمة الإلزامية، وعن أصداء القرار النفسية لدى شريحة الشباب، التقت (الحرية) الباحث والاستشاري في القضايا الاجتماعية والنفسية د. حسام سليمان الشحاذة، الذي بين أنه من المؤكد أن إلغاء التجنيد الإلزامي والاحتياطي جاء نتيجة حتمية لسقوط النظام البائد، ووفقاً للقانون والدستور ونتيجة حتمية لقوة الثورة.
ولفت د. الشحاذة: إلى أن التجنيد سرق من الشباب أحلامهم وطموحاتهم الدراسية وأبعدهم عن أعمالهم وحطم آمالهم، لذلك لم يكن هناك خيار أمامهم سوى الالتحاق بالخدمة العسكرية وتسليم هوياتهم ودفاتر الخدمة أو الهرب، وهذا ما ينتج عنه الهجرة غير الشرعية كلاجئين في مختلف دول العالم.
وأضاف: إن الوضع تفاقم مع بداية ٢٠١١ من خلال زج الشباب في حروب وصراعات في حروب لا طائل منها سوى خدمة الأسرة الحاكمة، ناهيك بتوظيفهم كأعمال سخرة حقلية وإنشائية لقصور بعض الضباط الفاسدين، وهذا بحد ذاته شكل من أشكال الفساد.
فرصة لبناء المستقبل
وأشار الشحاذة إلى بعض القرارات التي صدرت عن وزارة الدفاع السورية المنحلة خلال ٢٠١٧-٢٠١٨، تضمنت إلزام الشباب بالخدمة الإلزامية (حتى إشعار آخر) وهذا بحد ذاته قاتل لأحلام الشباب، وله تبعات على ذويهم وأسرهم. لافتاً إلى أن هذه العوامل مجتمعة تقود إلى حالة من الغليان والقلق، نتج عنها ثورة التحرير وسقوط الطاغية.
وأوضح أنه في الوقت الراهن اختلف الأمر تماماً وبدأت إشراقة الأمل تبزغ مجدداً، لأن أمام الشباب السوري فرصة لبناء دولتهم الجديدة والحرة وبناء مستقبلهم بعيداً عن شبح الخدمة الإلزامية، ناهيك بأن هذا الأمر مشجع للشباب المهاجر والمغترب للعودة إلى بلدهم الأم وبنائها والدفاع عنها.
بحاجة إلى جيش بموازاة المصالحة
لكن يجب ألا يغيب عن الأذهان-حسب شحاذة- حاجة سوريا الجديدة إلى جيش قوي ووطني، يحمي أراضي الجمهورية إلى أبعد نقطة، وهو مطلب ضروري وعاجل في الفترة الحالية، بموازاة العمل على موضوع المصالحة مع صفوف الجيش السوري، ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء السورية، وإدراجهم في صفوف الجيش الجديد (من كل الأطياف السورية )، للاستفادة من خبراتهم وتخصصاتهم الأمنية، وكذلك دعم الجيش مادياً، لأن أي دولة تسعى لحماية أمنها وأرضيها وثرواتها بحاجة إلى جيش قوي ومستقل لحماية البلاد.