نصف مليون جواز سفر من دون طباعة… مساعٍ جادة لإعادة الألق لجواز السفر السوري… وإبعاد السماسرة عن المشهد
الحرية – محمد زكريا:
تهمة رافقت حياة السوريين على مدار السنوات الماضية، ولم يستطع أحد إبعادها أو التخلص منها، ملخصها أنه ما إن تظهر جواز سفرك السوري في الخارج، حتى تصبح محط تهمة وشبهة في نظر الكثيرين ممن تراهم في الخارج.
بالتأكيد الدولة سابقاً هي من تتحمل مسؤولية هذه السمعة السلبية، وما قاله القائد أحمد الشرع في إحدى لقاءاته مع مجموعة من الناشطين يوم الأحد الفائت عن الجواز السفر السوري، كيف هو من أضعف جوازات السفر بالعالم والأغلى مادياً، ومتذيل الترتيب العالمي لجوازات العالم، هذا يدلل على دقة وحقيقة ما أسلفنا إليه.
واللافت أن كلام القائد الشرع ترافق مع الإصدار الجديد لمركز “هينلي العالمي الخاص بالمؤشرات والبيانات الرقمية العالمية”، حيث يستند هذا المؤشر في تصنيف الجوازات على بيانات حصرية من اتحاد النقل الجوي الدولي، والذي يعتبر أكبر قاعدة بيانات عن السفر وأكثرها دقة، وحسب المؤشر المذكور، فإن الجواز السوري يأتي كثاني أضعف جواز سفر في العالم للعام الحالي، وأمام هذا الحال، يقع على المعنيين في الإدارة الجديدة لسورية مسؤولية كبيرة، تتمثل في إعادة الهيبة والألق للجواز السوري من جديد، ولاسيما في ظل الانفتاح الإقليمي والدولي الذي تشهده سورية بعد سقوط النظام البائد، والمهم الاستفادة من حالة التأييد للعديد من الدول الأوروبية بإعادة فتح سفاراتها في سورية ضمن خطوات تهدف إلى تعميق العلاقات الدبلوماسية مع الإدارة الجديدة، وأنه مع تقدم العملية السياسية في البلاد والانتقال نحو الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة، يمكن أن تخفف أو تلغى العقوبات المفروضة، كل ذلك سيكون له انعكاسه بشكل واسع على حركة السفر من وإلى سوريا، وبالتالي أمام هذا الانفتاح تجاه سورية، يمكن أن يصبح الجواز السوري محط أنظار العالم، وهذا ليس غريباً لطالما أن هناك وطنيين غيورين على سمعة بلدهم.
مشاهدات حية
قبل الولوج في الحديث عن التفاصيل الخاصة بإصدار الجوازات الجديدة، لا بد لنا من توصيف ما كان يحصل في أروقة الهجرة والجوازات، والذي ساهم في إضعاف مكانة الجواز السفر السوري، وذلك حسب شهادة عدد من المراجعين لإدارة الهجرة، التقتهم “الحرية” أمس، حيث أجمعوا على حسن المعاملة المرنة ولباقة الموظفين، إضافة إلى الحالة التنظيم السلسة، وذلك على عكس الفترات السابقة أيام النظام البائد.
وأشار المواطن أحمد محمود المقداد لـ” الحرية” ، إلى أن المواطن السوري أيام النظام البائد لم يكن بمقدوره الحصول على الجواز، إلا من يستطع دفع السمسرة والإتاوات، ناهيك ببدل الرسوم المرتفعة التي أرهقت جيوب من يرغب بالحصول عليه، موضحاً تحكم بعض المتنفذين بآلية العمل المتبعة في ذلك الوقت، على الرغم من الشعارات التي كانت قائمة آنذاك، وهي لم تفارق مسامعنا إلى الآن، والتي تؤكد على وجود تسهيلات حقيقية تضمن للمواطن حصوله على الجواز بأبسط وأسهل الطرق، لكن للأسف مع كل مرة ترفع هذه الشعارات ترى موجة جديدة من الابتزاز والسمسرة، يقع ضحيتها من يرغب بالحصول على الجواز.
في حين روت الحاجة أم حسن، وهي من محافظة حمص عن حالة أصبحت متداولة عند البعض تقول: إنه عندما يستلم فلان جواز سفره يتوافد إليه العامة للمباركة وللاستفسار منه عن الطريقة التي حصل بها عليه لعلهم يستفيدون ويسلكون الطريق ذاته، وهذا حسب رأي الحاجة من عجائب الأمور التي كانت تحصل أيام النظام البائد.
وعن بقية المشاهدات الحية التي دونتها “الحرية” أثناء الجولة الميدانية لها على مراكز الهجرة في البرامكة والمرجة، فيوجد عدد من الضباط والأفراد ممن كانوا يعملون خلال السنوات الماضية في تلك المراكز وما زالوا يعملون، وإنما بشكل طوعي تحت إمرة الإدارة ويقدمون خبراتهم حسب ما يطلب إليهم، غير مكترثين لما يقال ويشاع حول مصيرهم. كما لوحظ اختفاء ظاهرة “الوشيشة” والسماسرة، ولم تعد موجودة في أروقة مراكز الهجرة على عكس الفترات السابقة، وهذا يسجل للقائمين على عمل الإدارة الحالية.
جوازات من دون طباعة
ومع العودة لمنح الجوازات بعد التوقف القسري إبان سقوط النظام السابق، أعلنت إدارة الهجرة والجوازات في دمشق عن إصدار جوازات سفر جديدة بصلاحية تمتد إلى ست سنوات دون تعديل على آلية التقديم أو رسوم الإصدار في الوقت الحالي، وفقاً لما صرح به المسؤول المكلف وليد عرابي، حيث أوضح أن العمل جار لإعادة تفعيل الشبكة وأفرع الجوازات بعد توقف دام لفترة مع التركيز على طباعة الجوازات المتراكمة.
وأكد أن النظام الحالي لتقديم الطلبات عبر المنصة الإلكترونية سيظل دون تغيير لتجنب أي تأخير، مع السعي للتخلص من التكاليف الإضافية التي يتحملها المواطن، وسيتم طرح جواز سفر جديد خلال الأشهر القادمة، يتماشى مع المعايير الحديثة دون تغيير الشكل الحالي للجواز مؤقتاً.
وشدد على أن جميع الجوازات الجديدة ستكون بصلاحية موحدة تبلغ ست سنوات دون استثناءات. يذكر أن لدى الإدارة العامة للهجرة ما يقارب نصف مليون دفتر” جواز” من دون طباعة.