الإدارة الجديدة و«سؤال الحُكم والسياسات».. الشيباني يُعيد توجيه وتصويب الرسائل: كل السوريين مدعوين لبناء سوريا الوطن والدولة
الحرية – مها سلطان:
رغم أن السؤال حول «كيف سيدير الحكم الجديد في سورية دفة سياسته الداخلية والخارجية» لا يزال قائماً، إلا أن ذلك «لا يُفسد» بأي حال مسار الاحتضان العربي، أو الإيجابية المهمة و اللافتة التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع القيادة الجديدة.. وعندما نقول أن السؤال لا يزال قائماً فهذا ليس مرده بالضرورة عدم وضوح الرؤى والمسارات، بقدر ما هو مرده اعتبارات/توازنات، تؤثر في مجمل السياسات لأي دولة أو قيادة، سواء كانت قائمة أو جديدة.. وعندما نقول أن استمرار السؤال لا يفسد مسار الاحتضان العربي والإيجابية الغربية فهذا مرده إلى أن القيادة السورية الجديدة أدارت وأجادت بحكمة وبصيرة عالية، منذ اليوم الأول، توجيه رسائل الطمأنة للداخل والخارج، وهي رسائل تتم ترجمتها عملياً في الداخل وبما ينعكس خارجياً، ولهذا نجد هذا الاحتضان والإيجابية، ونجد استمرارية لهما بصورة تصاعدية، فيتسع التفاؤل، وتتعزز التطلعات والآمال.
كل ما سبق، كان أبرز ترجمة له، اجتماع الرياض الذي انعقد في 12 كانون الثاني الجاري، وكان محط اهتمام عالمي، ومحل اجماع على أنه نقطة تحول، على مسارات ثلاثة: نوعية ومستوى الجهود العربية والدولية لدعم القيادة الجديدة وتطلعات الشعب السوري.. الدور السعودي الريادي.. أول ظهور رسمي للإدارة السورية الجديدة ضمن إطار عربي ودولي، ممثلة بوزير الخارجية السيد أسعد الشيباني وتصريحاته المهمة، في اجتماع «له ما بعده» حتماً.
وعلى قدر أهمية اجتماع الرياض والآمال المعقودة عليه، وعلى قدر الاحتضان العربي للقيادة السورية الجديدة، جاءت كلمة السيد الشيباني لتعيد تأكيد الأولويات، وتحدد بصورة أوضح مسار السياسات الداخلية والخارجية، ربطاً باستمرار الدعم والإيجابية، وصولاً إلى المسألة الأهم وهي رفع العقوبات.. وفي حال كان البعض ما زال يُجادل في بعض من «عدم وضوح» فيما يخص هذه السياسات، وفي حال افترضنا وجود ذلك، فإن هذا ليس نقطة سلبية، وإذا كان لا بد من وضعه في تصنيف ما، يمكن وضعه في إطار عدم وضوح «استراتيجي» إذا جاز لنا القول، ففي السياسة ليس منطقياً ولا ذكياً أن تكون جميع الأوراق مكشوفة.. المهم هو أن القيادة الجديدة كشفت من السياسات ما يكفي لطمأنة الداخل والخارج، ربطاً بحسن نيات يتم ترجمتها عملياً بصورة مستمرة ومتسعة، وربطاً بقرارات وإجراءات وتوجهات تصدر بما تفرضه الضرورات والمستجدات، وربطاً أيضاً بأن مهمة بناء سوريا الجديدة ليست بالمهمة السهلة في ظل «ما خلفه النظام السابق من إرث ثقيل، من فساد إداري ومالي، ومن هياكل مؤسساتية عفا عليها الزمن، يتطلب جهداً استثنائياً لإعادة بنائها بشكل شامل». كما عرض السيد الشيباني في اجتماع الرياض.
وإذا ما كان الخارج، الغرب تحديداً، يترقب ويتدرج في مسار الانفتاح الكامل ورفع العقوبات ربطاً بما يسميه «اختبار الوفاء بالالتزامات» فإن السيد الشيباني انطلق في تصريحاته من الداخل، مجدداً أن الإدارة السورية الجديدة تركز أولوياتها على «بناء رؤية تتمحور حول الإنسان السوري، وتعمل على خدمته وتحسين ظروف حياته المعيشية، وتفسح له المجال للإبداع ونيل حقوقه المدنية». ويضيف بأن هذه القيادة «ملتزمة بشكل كامل بتحقيق التقدم في مجال حقوق الإنسان، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو العرقية» لأن «المشاركة الواسعة لجميع الفئات في الحياة السياسة والاجتماعية تمثل حقاً دستورياً لكل سوري، فنحن ندعو الجميع إلى المشاركة الفعالة في بناء سوريا المستقبل».
ويؤكد السيد الشيباني أن إشراك جميع الأطياف السورية هو في صلب التزام الإدارة الجديدة بالمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية «لخلق سوريا جديدة تستند إلى قيم المساواة والشراكة والاحترام المتبادل».
وهذا ما سيكون تحت سقف مؤتمر الحوار الوطني الذي يتم التحضير له، والذي كان أيضاً ضمن جدول أعمال اجتماع الرياض.
الأهم- كما يؤكد السيد الشيباني- هو الالتزام الكامل بالعدالة الانتقالية «وليس الانتقامية» كما سعى البعض للتشويش والتحريض، فكان من القيادة الجديدة أن تتطرق باستمرار لهذه المسألة، وتوضح مسارها، وأن الإجراءات ستكون ذات موثوقية في تطبيق العدالة بحق المتورطين بقضايا تعذيب وقتل جماعي.
أما ما يتعلق بالسياسات الخارجية، فإن رسالة سوريا الجديدة قائمة على «مبادئ السيادة الوطنية والاحترام المتبادل بين الدول، وإن العلاقات بين الشعوب يجب أن تقوم على أساس التعاون والبناء المشترك». كما أكد السيد الشيباني.
.. ودائماً للحديث بقية، كما يُقال.
ويبقى التفاؤل قائماً، فما أظهره اجتماع الرياض واعد ومُبشر.