استقرار قطاع المشتقات النفطية مرهون بعودة آبار النفط ودخول “الخاص” كشريك فاعل لتأمين حاجة الأسواق
الحرية – مركزان الخليل:
المتابع لسوق المشتقات النفطية خلال المراحل السابقة يلحظ تحكم بعض الأشخاص بها وصولاً الى انتشار السوق السوداء الممنهجة، والتي يتحكم بإيقاعها بضعة أفراد مستغلين حاجة السوق المحلية المتزايد على المادة.
واليوم نحن أمام حالة جديدة تتوافر فيها المادة بالأسواق ومحطات الوقود وغيرها، وبأسعار تنخفض عن العهد البائد بمستويات ارتبطت بتحرير المادة من جهة، وأسعار الصرف من جهة أخرى، والاعتماد على توافر المادة من خلال عدة مصادر الأمر الذي ساهم في استقرارها الى حد بعيد.
الحامل الأكبر
الخبير الاقتصادي الدكتور محمود أسعد يرى أننا أمام مرحلة جديدة لقيادة قطاع المحروقات والمشتقات النفطية، بصورة تتماشى مع بناء سورية الجديدة وتحقيق إنطلاقة نحو مستقبل أفضل تتفاعل فيه كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية لإعادة بناء الاقتصاد الوطني بصورة جديدة تحاكي متطلبات الشارع السوري في التنمية والعيش الرغيد، ومن بين هذه القطاعات “المحروقات” والذي يعتبر الحامل الأكبر لقوة الاقتصاد الوطني.
وأضاف أسعد: قبل الحديث عن استقرار سوق المشتقات النفطية لابد من إجراء قراءة للحالة الانتاجية وإجراء مقارنة لإنتاج سورية قبل الأزمة وخلالها للوصول الى الغاية المرجوة من الحديث، حيث يصل الانتاج الحالي من الغاز الطبيعي /6/ ملايين متر مكعب باليوم في حين كان قبل عام 2011 حوالي /18/ مليون متر مكعب باليوم.
ومن الغاز المنزلي كمية لا تتجاوز سقف /120/طنا باليوم في حين كان قبل عام 2011 حوالي /800/ طن ومع ذلك فان هذه الكميات تغطي حاجة السوق المحلية الفعلية بنسبة تتراوح ما بين 45- 50% وكان يتم الإعتماد على الاستيراد من بعض الدول لتلبية حاجة السوق المحلية بشكل منتظم.
السيطرة الأمريكية على الآبار
ولكن بعد العقوبات القاسية على سورية وقانون قيصر تعثرت عمليات الاستيراد واقتصر الأمر على الشحنات الضئيلة التي كانت تؤمنها الدول الداعمة للنظام البائد مثل إيران وروسيا، وما زاد الوضع سوءً السيطرة الأمريكية على الآبار النفطية في مناطق شرق الفرات والتي لم تتم استعادتها، وبالتالي لا يمكن لهذه الكميات الضئيلة من الإنتاج المحلي أن تلبي حاجة السوق من تغذية محطات توليد كهرباء و تغذية المدن الصناعية بالإضافة للغاز المنزلي والحال ذاته ينطبق على المشقات الأخرى كالبنزين والمازوت .
مقترحات تحقيق الاستقرار
وللخروج من هذا الواقع وتحقيق الاستقرار لسوق المحروقات في سورية بعد التحرير فقد قدم أسعد عدة مقترحات في مقدمتها: التنسيق المستمر عالي المستوى لوصول شحنات منتظمة من الدول الصديقة والداعمة لسورية الجديدة، إلى جانب فتح مجال لتوقيع عقود مع شركات القطاع الخاص لاستيراد النفط والغاز، بشكل مستمر ومنتظم، وبما يضمن تخزين احتياطي يستعان فيه لتعويض النقص الحاصل عند حدوث أي تأخير بعملية الاستيراد وبالتالي ضمان عمل مستمر لمصافي النفط بسوريا وعدم توقفها بسبب نقص النفط الخام.
أيضاً العمل على تنفيذ مشروع استيراد الغاز المسال (LNG) لاستيراد الغاز من بعض الدول الداعمة وتجهيز البنية التحتية اللازمة لذلك من محطات “التغويز” ومرافىء إرساء السفن المختصة في المنطقة الساحلية مثل بانياس. والأهم استعادة الآبار النفطية في منطقة شرق الفرات.
وبالتالي من الطبيعي عند ضمان توفر المشتقات النفطية وعدم انقطاعها من المصادر الحكومية وتلبيتها للحاجة الفعلية للاستهلاك المحلي وضبط الأسعار مع السعر العالمي وضبط سعر صرف الدولار وانتعاش الليرة السورية سيكون ذلك كفيلاً بالسيطرة على المادة ومنع المتاجرة بها وإقصاء السوق السوداء.