أغنية وصية أب.. عندما أوصى مبدعون سوريون بناتهم بالوطن

تشرين – سامر الشغري:
أغنية اجتمع فيها ما لم يجتمع في غيرها قط، إذ كيف لأغنية واحدة أن تحاكي واقع وطموحات ووجدانيات ثلاثة هم صانعو الأغنية الأساسيون، وأعني الشاعر والملحن والمطرب في آن معاً.

الأغنية كرسالة عاطفية
اعتدنا أن الأغنية تحاكي الشاعر في أغلب الأحيان برغباته وانكساراته، كما في أغاني شاعر الشباب أحمد رامي التي كان يبث فيها لواعج غرامه وأحزانه لكوكب الشرق أم كلثوم، والتي كانت تغنيها من دون كثير اهتمام بتعلق رامي فيها، وفي بعض المرات تأتي فكرة نص الأغنية بناء على رغبة المطرب أو الملحن كما في الأغاني التي لحنها الموسيقار بليغ حمدي بعد طلاقه للمطربة وردة والتي كانت بمثابة رسائل حب لزوجته السابقة بأصوات مطربات أخريات، كما وصفتها المطربة المغربية سميرة بن سعيد، وكذلك أغاني الرحابنة لفيروز والقائمة تطول.

وصية أب
ولكن أغنية “وصية أب” كان لها شان آخر وفريد، فهذه الأغنية كتبها طيار حربي سوري أقعدته إصابته في حرب تشرين عن الطيران والزمته التسريح، فدرس المحاماة ولكن تعلقه الشديد بوطنه جعله يخوض حرباً أخرى ولكن على صفحات الورق الأبيض.
هذا الطيار الشاعر كان نصر ميكائيل وككل الآباء كان يبصر ابنته وبكر أولاده وهي طفلة صغيرة تكبر أمامه وفي ذهنه أحلام وطموحات بأن يراها تشب وتصبح قوية، ولأنه لم يكن لديه وقتها أبناء ذكور تمنى لو تكمل ابنته ما كان يقوم به قبل الإصابة وتدافع عن تراب سورية ضد العدوان، من دون أن تهمل واجب الأمومة فكتب:
“ياللا شدي يا بنتي وصيري كبيرة
مستني الوطن
حتى تلبي صوت الواجب
وتتحدي الزمن
ياللا بلادك بدها ولادك بدها عنادك بدها جهادك
تا يعيش الوطن”
لقد كتب ميكائيل هذه الأغنية في ذروة تعاونه مع الموسيقار سهيل عرفة، حيث لحن له أغنيتين للمطربين فهد بلان وسمير يزبك، ولكن (وصية أب) خاطبت وجدان الأب الملحن، فهو مثل ميكائيل لديه ابنة طفلة يعول عليها في أن تكمل مسيرته هي المطربة أمل عرفة.

اجتماع الثلاثة
وقد وجد عرفة ضالته في الصوت الذي سيغني (وصية أب) مع المطرب مصطفى نصري، فهو أيضاً لديه بنات ويرغب بأن يكون لهن شأن مثله في عالم الموسيقا، ألم يأخذ بيد ابنته البكر أصالة ويشركها معه في أعمال للأطفال مثل (افتح يا سمسم وحكايات عالمية).
ولكن تشاء الأقدار أن يصطحب نصري حين ذهابه لاستديو إذاعة دمشق في سنة 1982 لتسجيل الأغنية، ابنته الأصغر (ريم نصري)، وكانت في الرابعة وقتها، ولا تزال تتذكر كيف وقف والدها بكل الجدية والرصانة ومعه سهيل عرفة وفرقة الإذاعة ليسجلوا الأغنية.
من أجل ذلك عندما دعيت ريم للمشاركة في مهرجان الأغنية الوطنية سنة 2014 لتقديم عمل وطني لوالدها، لم تختر زادك الله أو زفوا الشهيد وسواها من الأغاني المشهورة، بل اختارت تلك الأغنية التي حملها والده لتسمعها منه بصوته، ولتغنيها من بعده كالوصية التي تحققت بعد ( 32 ) عاماً.
وهكذا ظهرت ريم على مسرح دار الأوبرا في المهرجان الذي أخرجه الدكتور عجاج سليم ومن وراءها شاشة عليها صورة والدها وهو يغني مذهب الأغنية، ثم تختفي صورته من خلفية المسرح ولتكمل هي ما بدأه والدها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
بدء فعاليات المؤتمر العلمي العشرين للجمعية السورية للمولدين النسائيين في اللاذقية الرئيس الأسد يهنئ الرئيس تبون بالذكرى السبعين لثورة الأول من نوفمبر المجيدة معرض للحرف اليدوية في «ثقافي بانياس».. الحرفيون: فرصة لعرض منتجاتنا بعد إغلاق سوق المهن اليدوية مناقشة ورقة العمل المقترحة حول دور القطاع العام وسياسات التوظيف المنشودة التشخيص والعلاج والرعاية التلطيفية مثار بحث على طاولة الورشة الوطنية للتخطيط الاستراتيجي لمواجهة السرطان التعادل السلبي يسيطر على لقاء الشعلة والفتوة في الدوري الممتاز لعلاج سوءالتغذية.. تزويد منطقتي القامشلي والمالكية بكمية من زبدة الفستق عدم تقديم التأمين الصحي لخدمات فعلية يتصدر مناقشات الجلسة الختامية لمجلس محافظة دمشق المازوت الزراعي ودعم قطاع التربية يتصدران آخر جلسات مجلس محافظة طرطوس... مدير تربية طرطوس : لا توجد شواغر في مدارس طرطوس بل سوء توزيع مجلس الشعب يقر مشروعات قوانين متعلقة بالعمل السياحي