أميركا في عهدة ترامب والعالم يترقب.. «عصر جديد» ماذا سيحمل لمنطقتنا؟

تشرين- هبا علي أحمد: ‏
إذاً، يُمكن القول – بانتظار الإعلان الرسمي النهائي- حُسم الأمر في الولايات المتحدة، ‏وحطت الرئاسة رحالها في عُهدة الجمهوري دونالد ترامب، وبهذا ينتهي ترقب ويبدأ ‏ترقب آخر داخلياً وخارجياً، أي أميركياً وعالمياً، بناءً على سيناريوهات وخطط ‏المرحلة المُقبلة أميركياً، وتبقى حالة اللايقين سارية في الداخل الأميركي، من حيث ‏الفوضى وإمكانية حدوث الحرب الأهلية أو قلب نتيجة الانتخابات بطريقة أو أخرى، ‏وسط كل ذلك تبقى فرضية اغتيال ترامب قائمة. ‏
كما أن حالة اللايقين سارية على مستوى العالم على اعتبار أن أميركا ستكون في مرحلة ‏انتقالية إلى حين التنصيب الرسمي للرئيس في 20 كانون الثاني 2025 وستسري ‏تبعاتها على الصراع الدائر في الشرق الأوسط بلا أدنى شك، وأيضاً حتى بعدها ‏سنكون أمام مرحلة انتقالية جديدة حتى تتضح ملامح سياسة ترامب في ولايته الثانية ‌‏(الأولى 2016-2020) وطريقة إدارته وتعاطيه مع الصراع في منطقتنا من دون الحاجة ‏إلى العودة لوعوده الانتخابية التي أطلقها في هذا الشأن والتي تبقى مجرد وعود لا ‏يُبنى عليها ولا يجب الوقوف عندها أساساً، بل ما يُبنى عليه هو ما سنراه وما يمكن ‏تطبيقه، وعلى نحو خاص في غزة ولبنان. ‏

تبقى حالة اللايقين سارية داخلياً وخارجياً بفعل المرحة الانتقالية التي تدخلها أميركا ‏حتى التنصيب الرسمي للرئيس في 20 كانون الثاني المقبل

وإن كانت لا آمال كبيرة يُمكن تعليقها على اعتبار أن رئيس وزراء كيان الاحتلال ‏بنيامين نتنياهو كان من أول المُهنئين لترامب كأنه يقول له: «يداً بيد لنكمل الصراع ‏ونبني الشرق الأوسط الجديد الذي عرقله الديمقراطيون» ليتبعه وزير الحرب ‏الإسرائيلي الجديد إسرائيل كاتس، مُهنئاً ترامب بالقول: «معاً سنعزز التحالف ‏الأميركي- الإسرائيلي ونعيد المختطفين ونهزم محور الشر بقيادة إيران»ن هذا عدا ‏تهنئة وزير مالية العدو بتسائيل سوموتريش ووزير ما يسمى «الأمن القومي ‏الإسرائيلي» إيتمار بن غفير المتطرفين بطبيعة الحال. ‏
حتى يُمكن القول إن نتنياهو حقق «نصرين» وهزم الديمقراطيين مرتين، الأولى ‏مُباشرة بإقالة وزير حربه يوآف غالانت بالتزامن مع الانتخابات الأميركية، والهزيمة ‏هنا مردها إلى الميل الديمقراطي لغالانت في الآونة الأخيرة، والثانية غير مباشرة ‏بفوز ترامب. ‏
هذا وحديثنا فقط عن منطقتنا، أما عن الصراعات الأخرى في العالم كالحرب ‏الأوكرانية والعلاقة مع روسيا، والحرب المخفية مع الصين ومع دول أميركا اللاتينية، فكلها بالضرورة مرتبطة ومترابطة مع منطقتنا تبعاً للأجندات وترابط العلاقات ‏والاصطفافات حتى لو تمايزت السياسة بشكل أو آخر، فإن لهذه الصراعات حديثاً ‏آخر ومستقلاً، لا سيما أن بداية العهد الأميركي الجديد سيكون إلى حيث انتهى القديم ‏من منطقتنا والحروب الدائرة فيها وعليها، أما عن أوروبا التي تعيش تحت «صدمة» ‏فوز ترامب- وهي التي لم تكن تتمناه- فلها حديث آخر أيضاً، في ظل توقع الكثيرين ‏من الخبراء والساسة الأوروبيين أن وصول ترامب إلى عتبات البيت الأبيض سيؤثر ‏في الملف الأمني للقارة العجوز، وسيغير من واقع الأزمة التي تشهدها حول ‏أوكرانيا.‏

‏«عصر أميركا الذهبي»‏
وأعلنت محطة «فوكس نيوز» الأميركية فوز ترامب بعد حصوله على 277 صوتاً ‏في المجمع الانتخابي، لتكون وسيلة الإعلام الأميركية الكبرى الوحيدة التي تعلن ذلك، ‏بعد توقع فوزه في ولايتي بنسلفانيا وويسكنسن الأساسيتين، وبفوزه هذا فقد أصبح أول ‏رئيس يفوز بولايتين غير متعاقبتين في أكثر من 100 عام.‏
وعلّق ترامب في خطاب الفوز من مقر حملته الانتخابية في ولاية فلوريدا، قائلاً:« ‏فزت فوزاً تاريخياً، والشعب منحني ولاية ثانية.. ما حدث هو انتصار سياسي غير ‏مسبوق من قبل، شاكراً الأميركيين على انتخابه رئيساً، وواعداً إياهم بأن يكون هذا ‏هو العصر الذهبي لأميركا.‏

مع تقاطر متزعمي الكيان لتهنئة ترامب لا آمال كبيرة تعلّق عليه في سبيل تحقيق ‏الاستقرار في المنطقة خصوصاً إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان

وعن السياسة الداخلية التي سيتبعها، أكّد ترامب أنه سيساعد الولايات المتحدة على ‏التعافي، قائلاً: لدينا الكثير من النفط وسنخفض الضرائب ولا أحد يمتلك ما نمتلكه، ‏متعهداً بتوفير فرص العمل وإصلاح اقتصاد البلاد، لافتاً إلى أنه سيحكم وفق شعار ‏الوعود التي تقطع سنحافظ عليها وننفذها، أما بشأن السياسة الخارجية، فقال: «لم نبدأ ‏أيّ حرب في عهدي السابق وسنتيح المجال معاً لمستقبل أميركا العظيم والمجيد».‏
بالتوازي، فاز الجمهوريون بالسيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي بانتصارات على ‏الحزب الديمقراطي في ويست فرجينيا وأوهايو، لكن لم يتضح بعد الحزب الفائز ‏بالأغلبية في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون حالياً بفارق طفيف.‏
وسيطر الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ، بعدما تمت إعادة انتخاب عضو المجلس ‏ديب فيشر عن ولاية نبراسكا، وبعد الفوز بما لا يقل عن 51 مقعداً في مجلس ‏الشيوخ يتجه الجمهوريون للسيطرة على المجلس للمرة الأولى منذ أربعة أعوام، ويمنح ‏ذلك الحزب مركز قوة واسعاً في واشنطن وسلطة مهمة للتصديق على أعضاء ‏الحكومة المقبلة، وفي ظل استمرار عدم حسم عدد قليل من الولايات، ما زالت أمام ‏الجمهوريين فرصة لتعزيز أغلبيتهم.‏

‏حديث الحرب الأهلية
بالتزامن مع الانتخابات الأميركية أمس أفاد أحد السياسيين بأن النظام الانتخابي ‏الأميركي غير المباشر المستخدم في الولايات المتحدة قد يشكل محفزاً لحرب أهلية في ‏البلاد، حيث يتم اختيار الرئيس من الممثلين المنتخبين وليس من الناخبين ‏مباشرة، وهذا يشوه إرادة الشعب في العصر الحديث لتكنولوجيا المعلومات، مؤكداً أن ‏هذا الخلل في النظام الانتخابي الأميركي له أهمية كبيرة في الوقت الحالي، فغياب ‏التعبير الحقيقي والمباشر عن إرادة الشعب في الانتخابات الأميركية قد يلعب دوراً ‏حاسماً في وقت أصبحت فيه الولايات المتحدة أقرب من أي وقت مضى إلى حالة ‏الحرب الأهلية.‏

حديث الحرب الأهلية يبقى قائماً ومثله احتمالات تعرض ترامب للاغتيال فيما ‏التوقعات باستفحال الأزمات الاقتصادية في أميركا تطغى بين المحللين

بدوره يرى المحلل الروسي ألكسندر نازاروف أن فوز ترامب الأكثر ثقة من شأنه أن ‏يثبط معنويات الديمقراطيين ويقلل من فرص حدوث اشتباكات فورية، لكن هذا لا ‏يعني أن الديمقراطيين سوف يهدؤون ولن يبذلوا جهوداً للإطاحة بترامب، مضيفاً: ‏الوضع الاقتصادي سيىء ويزداد سوءاً، ومن الممكن تسريع انهيار سوق الأوراق ‏المالية والأزمة الاقتصادية يدوياً، وهو ما من شأنه أن يدمر الدعم لترامب ويوفر ‏الظروف المسبقة للإطاحة به وبدء حرب أهلية، وعلى الأرجح ستكون عملية زعزعة ‏الاستقرار أبطأ في المرحلة الأولية وستستغرق وقتاً أطول.‏
وتابع نازاروف: الآن أصبح الوضع أكثر خطورة، والأهم من ذلك أن السياسة ‏الخارجية والوضع الاقتصادي للولايات المتحدة سوف يتدهوران بسرعة.. لقد صوتوا ‏لمصلحة ترامب، لأن الناس غير راضين، وفي غضون شهر سيكون الناس أكثر ‏استياءً، كما سيكون الوضع أسوأ كل شهر، ولن يُظهر ترامب نجاحاً، لأن النجاح ‏مستحيل في مثل هذه الظروف وفقاً لعوامل موضوعية، علاوة على ذلك فإن العديد ‏من عوامل التدهور سوف يكون سببها ترامب بشكل مباشر أو ستكون مرتبطة به، لافتاً ‏إلى أن نشوة الأيام الأولى خادعة.‏
بالمحصلة – وعلى اعتبار أن ترامب فاز – يبقى كل حديثه كما قُلنا عن وعوده ‏الانتخابية مجرد كلام والعبرة في التنفيذ والتطبيق وهذا ما أشارت إليه موسكو، إذ ‏أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا أن تصريحات ترامب حول ‏الحاجة إلى إنهاء النزاعات يجب أن تدعمها خطوات ملموسة، يسترشد بها الجميع.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار