سالي أحمد تقدم صياغة سينمائية بعيدة عن التكلف

تشرين- ميسون شباني:

بملامحها الطفولية العابسة أطلت؛ فتاة تبحث عن الحياة، وربما عن حبٍّ ضائع في زمن غلبت فيه العشوائية والعبثية والقسوة.. زمن هو زمن الحرب،
تشويش واضح ومتأرجح في علاقتها مع الأب ربما يمكن وصفها بالعلاقة المضطربة.
هكذا اختارت (سميحة) سالي أحمد لنفسها أن تصوغ عالما من الحب في فيلم “أيام الرصاص” الذي عرض مؤخراً في دار الأوبرا.. ربما ظنته ملاذها يعوضها عن حنان فقدته من أب متسلط لا يعرف الرحمة، ويرفض ان تستمتع بناته بأدنى حقوق من الحرية والراحة فارضاً سطوة لها حكايتها التي أرخت بظلالها على مجمل شخصيات الفيلم…
الفنان أيمن زيدان – كمخرج للفيلم- اختار وجوهاً شابة لبطولة فيلمه السينمائي “أيام الرصاص” أكد فيه على تمكنه من أدواته وضبط ممثليه وصوغ حكايته مستعرضاً جمالية المكان بعين السينما في رغبة منه بإظهار البيئة المفترضة بكل حيثياتها وتفاصيلها.
وبالعودة إلى شخصية (سميحة) تظهر علاقتها السيئة مع الأب منذ أول مشهد فيه وتعرضها للضرب أمام اهل الضيعة ووقوفها بوجه والدها واتهامها له بالقتل بعد أن هربت شقيقتها من عرسها القسري..
مشهد يبدو مكرراً في عدد من الأعمال الدرامية والسينمائية، إلا أن تصاعد الأحداث والعودة بها إلى الوراء يجعلنا نفهم سر الهوة العميقة التي كانت تكبر يوميا بينها وبين المحيطين بها، ولعل ذلك جعلها أميل إلى العزلة والانفراد بذاتها، ودفعها أكثر للبحث لاهثة عن حبٍّ ضائع ومفقود يدخلها الفردوس الموعود..
صدمات نفسية متتالية تلقتها (سميحة) من والدها منذ لحظة خروجها من المنزل وتوجهها إلى عملها، الأب الذي يؤثر أن تستخدم ابنته المواصلات العامة رغم امتلاكه لسيارته الخاصة ومروره أمامها ورفضه إيصالها وتجاهله إياها، أدخلنا في سر خيباتها المتكررة، ووقادنا لقرار الأب التعسفي؛ وهو تزويجها من عامل لديه هو أقرب إلى “الأجدب” بلغة عامية.. تتصاعد لهجة الكراهية والحقد أكثر لوالدها ولجميع المحيطين به ويجعلها تنكّل بخطيبها المزعوم وتكيل له مختلف الشتائم رغم حبه لها، وهو ما دفعها للتورط في علاقة مع شاب يعمل معها والغرق فيها كأنها المنقذ، لكن الحمل سفاحاً أيقظها من كذبة هذا الحب خاصة مع تهربه من مسؤولياته تجاهها والتخلي عنها، مشهد جعلتنا فيه (سميحة) نقف بموقع الجلاد تارة وعين المتسامح حيناً أخرى ولتضعنا أمام تساؤلات: هل الهروب والبحث عن الحب أوقعها في علاقة خاطئة؟ أم إن الخوف ممن حولها دفعها لتعيش إرهاصاً نفسياً قادها لجلد ذاتها؟ حضور وازنت به (سميحة) متغيرات معظم أحداث الفيلم.
شخصية جادة لم تبتسم رغم حيويتها وابتسامتها التي لا تفارقها بعيداً عن التمثيل.. تقول سالي: إن حالة عدم التوازن العائلي انعكست سلباً على حياتها ما دفعها للبحث عما يعوض الحب هذا النقص وجعلها ضحية في زمن أرخت الحرب بظلالها على العائلة ومع غياب الوعي الاجتماعي خلق شرخاً واضحاً في علاقتها مع والدها المتسلط وشقيقاتها.
شخصية بهذا الكمّ الهائل من التعقيد استطاعت (سميحة) فيه أن تنقل معاناة شريحة من الفتيات في زمن الحرب، فتيات يبحثن عن ملجأ وأمان مع غياب العائلة، آثرت فيه (سميحة) معاقبة نفسها وإجهاض سفاح بطنها بمشهدية أعادت من الذاكرة مشهد أمل عرفة في مسلسل غزلان في غابة الذئاب واختارت فيه أن تكون جلاداً وقاضياً لما عاشته من ٱلام.
سالي أحمد وجه شاب واعد يحمل الكثير من موهبة الأداء والحضور وطاقة خلاقة ثرية الإمكانات.. وهي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2019 وسبق لها أن عملت في مسرحية “سوبر ماركت” ومسلسل “بروكار”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار