الجيش موجود.. ولكن! 

تشرين- ادريس هاني: 

– عندما يتحدّث الاحتلال عن نزع سلاح المقاا..ومة، وانتشار الجيش في الجنوب، يوحي كما يوحي خصوم المقاا..ومة سواء في الداخل اللبناني أو خارجه، بأنّ الجيش هو بديل عن المقاا..ومة، وهو جزء من ماكنة نزع سلاحها.

لقد غاب عن خصوم المقاا..ومة ابتداء من الاحتلال إلى آخر خرتيت عميل بأنّ شباب الجيش اللبناني هم على قدر من الشّراسة في القتال، والتّضامن مع المقاا..ومة، وهم يدركون أنّ المقاا..ومة بدورها حمت الجيش. وقد تجسّد ذلك في البيان الوزاري الذي أسفرت عنه جلسة حكومية استمرت لخمس ساعات، بموجبه تبنت حكومة الوحدة الوطنية موقفاً داعماً للمقاا..ومة. وكانت الحكومة حسب تصريح وزير الإعلام آنذاك عام 2008م طارق ميتري قد وافقت بالإجماع على البيان، ولم يتحفّظ على البيان سوى بعض الوزراء رُفع عنهم القلم من فصيلة (14 آذار) وكان ذلك متوقعاً، لكنهم لم يبلغوا كعب النّصاب الذي يمكنهم من الطعن في البيان. وكان البيان واضحاً فيما نصّ عليه حول العلاقة بين المقاومة والجيش والشعب: «حق لبنان وشعبه وجيشه ومقاومته في تحرير أراضيه والدفاع عنها».

يبدو أنّ مغالطة الدعوة لانتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني مغالطة سياسية، حيث لا شيء يمنع الجيش من الانتشار في سائر التراب اللبناني، وقد تبيّن أنّ الاحتلال في عدوانه الأخير على الجنوب أصاب أحد أفراد الجيش اللبناني، لكن في الوقت نفسه فُرض حصار على تسليح الجيش اللبناني، فأي دور سيلعبه الجيش اللبناني في مواجهة عدوان الاحتلال وهو لا يمتلك ما يكفي من المعدّات للدّفاع عن نفسه في أي مواجهة مفترضة؟

ولقد رفضت الدولة اللبنانية تحت طائلة الضغوط الخارجية أن تقبل مبادرة من طهر..ان لتسليح الجيش اللبناني، وهذا الموقف لا يدل فقط على الارتهان لمن رفضوا تسليح الجيش، وفي الوقت نفسه يرفضون المبادرة المذكورة، بل هذا يؤكد أنّ من يدعم المقاا.ومة بالسلاح عرض أن يفعل ذلك مع الجيش.

يبقى دور الجيش اللبناني على الرغم من ذلك كبيراً في الدّاخل اللبناني.. إنّ الجيش هو المؤسسة التي تحظى بإجماع اللبنانيين، وهذا واضح ومُعلن.. للجيش دور مهم في وأد الفتنة الداخلية، وهو عصيّ على الاختراق، وعلى الرغم من الدور الكبير الذي يلعبه الجيش اللبناني على مستوى الاستقرار السياسي والاجتماعي في لبنان، إلاّ أنّنا لا نتحدّث عن عسكرة الحياة السياسية، هذه إذاً ميزة لبنان، بأنّ قيادة الجيش ضامن لاستمرار حكومته المدنية.

يبقى أنّ أي دعوة لسحب سلاح المقاا..ومة وانتشار الجيش، هي انقلاب سافر على البيان الوزاري ومنطق الأشياء في لبنان الذي يتعرّض للعدوان الدّائم.. فالمقاا..ومة تعرف حدودها داخل التركيبة الدستورية والسياسية والاجتماعية في لبنان، لكن الدّعاية تبحث عن المبالغة لتبرير العدوان.

وسيكون ذلك اليوم مثالياً حين تسلّم المقاا..ومة سلاحها للجيش وينظم مقاتلوها للجيش وينتشر هذا الأخير جنوباً، ويتبنّى مسؤولية تحرير الأرض والدفاع عن أمن لبنان وتحقيق الرّدع، وهو مطلب صرّحت به المقاا..ومة مراراً، على شرط لا مناص منه، بأن يتوفّر للجيش كلّ المعدّات اللازمة لخوض معركة الدفاع عن الوطن، إذ لا تكفي المساعدات الرمزية التي لا تكفي لإسناد فرقة كشافة، أي شرط أن يكون لبنان القويّ سيداً حرّاً مستقلاً.

كاتب من المغرب العربي

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار