«إسرائيل» مأزومة على كل الجبهات وذروة أزماتها اقتصادها المنهار
تشرين- د. منذر علي أحمد:
لا شك بأن عدم الاستقرار والحرب العبثية التي تقودها «إسرائيل» منذ قرابة العام وبشكل متصاعد من دون هوية أو أهداف واضحة، باتا يشكلان عبئاً كبيراً على كل نواحي حياة الكيان الغاصب رغم محاولة إنكارها والتقليل من قيمتها، وأهمها الآثار الاقتصادية الكبيرة، ليس فقط على الأطراف المعنية ولكن أيضاً على الاقتصاد العالمي ككل، حيث نشرت مؤخراً العديد من الدراسات أرقاماً خطرة عن التداعيات المالية والاقتصادية الواسعة النطاق على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تشير التقديرات إلى أن إجمالي تكلفة العدوان على غزة بلغت ما يزيد على 60 مليار دولار، وتشمل هذه التكلفة النفقات العسكرية والمدنية التي تتضمن عمليات التجهيز العسكري والنفقات اللوجستية وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة داخل «إسرائيل».
ويمكن ملاحظة فروقات النمو والتأثير الاقتصادي للحرب الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني عبر قراءة مؤشرات الأرقام، فالناتج المحلي الإجمالي الاسمي لـ«إسرائيل» وصل في الربع الأول من عام 2024 إلى 475.69 مليار شيكل، ما يمثل زيادة بنسبة 1.13٪ مقارنة بالربع السابق.
لكن مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الأول 2023، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2 بالمئة في الربع الرابع من عام 2023.
هذا وارتفع الاستهلاك الحكومي بشكل كبير بعد اندلاع هذا العدوان، حيث وصل إلى أكثر من 125 مليار شيكل في الربع الرابع من عام 2023، في حين ازداد الدين العام بسرعة بنسبة 10 بالمئة بين الربع الثالث من عام 2023 والربع الأول من عام 2024 نتيجة ارتفاع الإنفاق العسكري.
تراجع التصنيف الائتماني للكيان
أثر العدوان الصهيوني على غزة أيضاً في التصنيف الائتماني لـ«إسرائيل»، فقد خفضت وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لكيان الاحتلال إلى «إيه 2» مع نظرة مستقبلية سلبية.
بينما توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز» أن يتسع العجز الحكومي العام إلى 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بـ5.5 بالمئة في عام 2023.
وأدى ذلك كله وفقاً لدراسة بحثية نشرت في وسائل إعلام «إسرائيلية» إلى زيادة تكاليف الاقتراض، إذ ارتفعت معدلات الفائدة على السندات الحكومية من 3.5 بالمئة إلى 4.2 بالمئة، وبالتالي التأثير في قيمة الشيكل أمام الدولار.
وبالانتقال للحديث عن التضخم فقد وصل معدل التضخم في «إسرائيل» إلى 2.8 بالمئة في أيار 2024 بعد زيادة تدريجية من 5.4 بالمئة في كانون الأول 2022، وكان البنك المركزي قد خفض أسعار الفائدة في كانون الثاني 2024.
كما تراجعت قيمة الصادرات والواردات بشكل كبير في الربع الرابع من عام 2023 بعد بدء العدوان، على سبيل المثال انخفضت الصادرات إلى تركيا بنسبة 83 بالمئة ، وانخفضت الصادرات إلى «إسرائيل» خلال شهر آذار من عام 2024 بنسبة 17 بالمئة مقارنة مع شهر آذار من عام 2023، فأثر ذلك سلباً في العائدات.
انهيار قطاع العمالة وانكماش السوق
سبّب العدوان أيضاً انكماشاً في سوق العمل، ومن أكبر المتضررين في القطاعات الاقتصادية قطاع العمالة، حيث بلغ عدد العاملين الغائبين عن العمل في «إسرائيل» 977,000 شخص في الأسابيع الثلاثة الأولى بعد بدء العدوان، هذا يشمل حوالي 179,000 جندي احتياطي تمت تعبئتهم، كما انخفض عدد العمال الفلسطينيين المسموح لهم بالعمل في «إسرائيل» من 165,000 إلى 15,000 بعد الحرب، فارتفع معدل البطالة من 4.5 بالمئة في كانون الثاني 2024 إلى 6.2 بالمئة في تموز 2024، وهذا يعني فقدان مئات الآلاف من الوظائف.
ناهيك بإغلاق العديد من الشركات أبوابها، وسجلت التجارة والاستثمار تباطؤاً حاداً، وأظهرت بيانات شبه رسمية أن 726 ألف شركة «إسرائيلية» أغلقت منذ بدء الحرب، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 800 ألف بحلول نهاية العام.
أزمة قطاع التكنولوجيا
ولطالما اعتبرت «إسرائيل» أن قطاع التكنولوجيا هو الرافعة لاقتصادها، لكن الحرب أثرت في هذا القطاع بسبب توقف العديد من الشركات العاملة فيه والتي تمت تعبئة عمالها كجنود احتياط بعد بدء الحرب بما يعادل حوالي 28,000 عامل من قطاع التكنولوجيا، ما أثر في توظيف العمالة في هذا القطاع، كما انخفضت الاستثمارات الجديدة فيه بنسبة 20 بالمئة مقارنة بالعام السابق ، كذلك حال الصادرات التكنولوجية، والتطوير والابتكار، حيث تراجعت طلبات براءات الاختراع بنسبة 30 بالمئة نتيجة البيئة غير المستقرة.
شلل القطاع السياحي
وشهدت السياحة الدولية انخفاضاً كبيراً بعد بدء العدوان، حيث تراجعت حركة السياحة الدولية إلى «إسرائيل» بنسبة تزيد على 80 بالمئة مقارنة بالعام السابق، بسبب انخفاض أعداد السياح وتأثير ذلك في القطاع الفندقي والمنشآت السياحية، كما أثرت في الحجوزات وحركة المطار والنقل.
ختاماً هذه حال بعض القطاعات، والأمر نفسه يجري على باقي القطاعات الأخرى بالأرقام والإحصاءات والمؤشرات الحمراء، ومن المتوقع أن تستمر هذه الانهيارات مدة طويلة، وأن تزداد الأزمة تفاقماً مع استمرار العدوان الهمجي على غزة وفتح جبهات أخرى كما يحدث اليوم في لبنان والعدوان الهمجي على جنوب لبنان.