هل تحتاج الحكومات طبيب تجميل ؟
لا تحسد الحكومة ولا الوزراء على مناصبهم، فالهم بالكم ومشاكل إعادة الإعمار لا تقل ضخامة عن تكلفة الإعمار.. والحقيقة أنه رغم أهمية الكفاءات الحكومية والخبرة والقدرة المطلوبة في الوزراء إلا أن المطلوب أيضاً الشجاعة والأخلاق لكي يكون صاحب الكفاءة يليق بالكرسي الذي يشغله.. فالموظفون والمواطنون سواء عندما يقيمون أداء وزارة ما أو إدارة ما يتطلعون إلى ميزان العدالة والرحمة في سلوك هذه الإدارات .
واليوم والكل يضبط ساعته على موعد تشكيل الحكومة الجديدة لابد من الوقوف والتأمل عند نقاط مهمة حددها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته أمس أمام مجلس الشعب أبرزها أن الأزمات الاقتصادية الحادة هي حالة نقص مناعة غير ظاهرة للعيان، وتأتي الحروب لتظهر هذه الحالة من الضعف وحدتها.. وعلينا أن نبحث في عمق توجهاتنا الاقتصادية التي اتبعناها على مدى عقود وتحديد الحلول الأكثر مناسبة والأقل ضرراً لنا في سورية.. وهذ استراتيجية هامة لابد للحكومة الجديدة من وضع أهداف واضحة لتقوية مناعة الوطن الاقتصادية بما فيها تطوير آليات الحصول على الطاقة والصناعات التكنولوجية والعمل على ردم الفجوة المعرفية والتكنولوجية في الزراعة والصناعة والتعليم والاستثمار …
ونأمل في التشكيلة الحكومية الجديدة أخذ معيار الشجاعة في تحمل المسؤولية واتخاذ القرار الى جانب المهارات المطلوبة لمنصب وزير أو رئيس وزراء ..
وأما الشجاعة فهي أساسية لأن اتخاذ القرار مع وقف التنفيذ لا يعطي أي نتيجة ويبقى الأمر على ما هو عليه، وما أكثر القرارات التي نتخذها لكننا بالنهاية لا ننفذها ليس فقط على مستوى الإدارات حتى على المستوى الشخصي، ومن هنا نؤكد أن تنفيذ القرارات يتطلب شجاعة وقوة وجرأة وصراحة وعدالة وأيضا أمانة وما أدل على ذلك مما ورد بأن خير من يولى القوي الأمين .
وبالعودة الى الأخلاق والتي أكد عليها السيد رئيس الجمهورية في كلمته التوجيهية أمام مجلس الشعب من خلال التأكيد على أن الرقابة والمحاسبة مسؤولية قبل أن يكونا سلطة، فالسلطة من دون مسؤولية تؤدي إلى الخراب، والمسؤولية من دون معرفة تؤدي إلى الفوضى، والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.. يتحملون مسؤولية مناقشة السياسات والإستراتيجيات والخطط انطلاقاً من معرفة أسبابها وسياقها ونتائجها وضررها وكيفية الإفادة منها، ويتحملون مسؤولية مناقشة الرؤى انطلاقاً من امتلاك الرؤى، كل ذلك يتطلب اعتماد آليات عمل منهجية واضحة تمنع العمل الفردي على حساب المؤسسي، والشخصي على حساب العام، والشعبوي على حساب الوطني، والارتجالي على حساب العلمي المبني على أسس واضحة سببية معللة.
وأي سلطة لا ترتكز على أساسيات الأخلاق لن يكون جديراً بالدولة السورية القوية . ولعل الحرب الإرهابية على سورية كان من أبشع آثارها الهدم الأخلاقي لاسيما في المجتمع، هذا التردي جعل الفساد يصول ويجول في كل مكان وكان لغياب الرحمة والعدالة أثره في جشع التجار وانتشار البطالة والفاقة بين المواطنين .
وبالتالي فالحكومة الجديدة مطالبة بمناقشة السياسات العامة أو الكلية ثم القطاعية المنبثقة عنها في السياسات الوزارية بحيث يتم بناء النقاشات على تشخيص دقيق للواقع والأسباب، والتشخيص أساسه الوضوح والشفافية، فمعظم الناس يعيشون اليوم في خضم تساؤلات عن الوضع المعيشي حول كيفية الخروج من الوضع الراهن، وعن الحاضر والمستقبل، والأولوية في هذه الحالة وفي مثل هذه الظروف ليست للطمأنة ورفع المعنويات على أهميتها بل لشرح الواقع.
إن إدارة الأخلاق تدرس وتطبق في كثير من الدول القوية، ومن هنا نأمل من الحكومة الجديدة أن تقوم بوضع مؤشرات حقيقية للوصول إلى مخرجات إيجابية فيما يتعلق باستراتيجية بناء الإنسان وتحقيق التنمية الشاملة وتكريس القيم والأخلاق ومعالجة مفرزات الحرب الإرهابية على العنصر البشري من جميع النواحي المعيشية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والثقافية والفكرية والصحية والوظيفية. وأيضاً القيمية .