عن نوعيه المادي واللامادي… الباحث حيدر نعيسة: التراث هو أحد المكونات الأساسية للهوية الوطنية

طرطوس – ثناء عليان:

التراث الشعبي هو هوية وحضارة المجتمع، وهو روحه وذاكرته التي تمتد عبر الأجيال محملاً بالقصص والعادات والتقاليد التي تعكس هويته وثقافته، وهو أحد المكونات الأساسية للهوية الوطنية أو القومية لأي شعب، والمحافظة عليه هو حفاظ على الشعوب والحضارات من الزوال، وهو واجب الدولة والجماعة والفرد، بهذا التعريف بدأ الباحث في التراث الشعبي حيدر نعيسة المحاضرة التي ألقاها في ثقافي طرطوس تحت عنوان: “التراث الثقافي وأهمية الحفاظ عليه وأبعاده الوطنية والقومية”، مؤكداً أن التراث كهوية وطنية ترتبط بالمكان والزمان، والتراث علامة وميزة للأمة وللأفراد، والخصوصية التراثية هي خصوصية وطنية، إذ إن لكل دولة ولكل مكان علامات فارقة تميزه عن غيره.

نوعا التراث

وبين أن التراث نوعان؛ تراث مادي وتراث لامادي، ولا يمكن الفصل بينهما وأي تراث شفوي له تراث مادي والعكس صحيح، لافتاً إلى أن التراث هو كل ما ورثناه من الأجداد، لا يشمل المادي الملموس فقط، بل الكلمة التي تتضمن الأمثال والأسطورة والحكاية والمعارف والمعتقدات والفنون الشعبية والأدب الشعبي والعادات والتقاليد، وعموماً لا فرق بين الأثر الثقافي سواء كان ملموساً أو غير ملموس فكلاهما أمانة الأجداد في أعناق الأحفاد.

روح الأجداد

وأكد المحاضر أن الزمن يعطي الأشياء قيمة مضافة ويرفع من مكانتها ومن ثمنها، لذلك يوجد هالة ومهابة لكل ما هو قديم وكل ما تحدر من الماضي له قدسية لأنها تحمل روح الأجداد لذلك ينبغي الحفاظ عليه والنظر إليه بقدسية، لافتاً إلى أن أجدادنا أورثونا عادات وتقاليد، وعلينا نحن أن نحافظ على ما ورثناه منهم وأن نضيف عليه، مشيراً إلى أن تراث اليوم هو نتاج الأمس وتراث الغد هو نتاج اليوم، مؤكداً أهمية التراث وضرورة إحيائه والإضاءة على جمالياته وفرادته باعتباره جزءاً يصل الأحفاد بالأجداد عبر الزمن.

مصدر معرفة

وأكد نعيسة على ضرورة حماية الآثار واحتضان الماضي وآثاره بغض النظر عن الأديان والسياسات، منوهاً بأن الله سبحانه ترك لنا الآثار وجعلها عبرة وعظة ومصدر معرفة، كذلك فعلت الحضارات السابقة، فكل ما تركه السابقون له قيمة تاريخية من عدو أو صديق.

وبين أن التراث له قيمة اقتصادية، إذ يساعد في تنمية الحياة البشرية، مشيراً إلى ضرورة الاهتمام بالتراث والتعرف عليه، لأنه لا أحد يستطيع أن يحافظ على شيء لا يعرفه، فمعرفة المكان سبيل إلى حبه والدفاع عنه والتمسك به، ولفت إلى أن ريفنا ينهض بحفاظه على تراثه وعلى خصوصيته وملامحه ولهجته السريانية، وإلى أن التراث الثقافي وحدة تراثية مكملة لوحدة الأمة ووحدة معمارية وفنية وهو علامة فارقة حيث البلد كالكائن الحي ينفرد بخصائص معينة دون غيره.

الحرب والتراث

والحرب –حسب نعيسة- أثرت في التراث الشعبي بفرعيه التقليديين؛ المادي والشفوي، مشيراً إلى الآثار السلبية للحرب والتدمير الممنهج للآثار والأماكن المقدسة التي غيرت من طبيعة الأماكن والبيئات التي ترتبط بالتراث ارتباطاً وثيقاً، لافتاُ إلى أن الكثير من المعالم لم يبقَ منها إلا وثائق المستشرقين.

ويؤكد الباحث على أن الحفاظ على المعالم الأثرية هو واجب في السلم وفي الحرب، لاسيما في عصر العولمة التي ضيعت الكثير من العادات وحددت الخصائص الفارقة للشعوب، ومن البديهيات القول: إن الآثار هي ملك للجميع وملك للأمة وللبشرية جمعاء، ومن الواجب استقطاب الناس لصالح التراث ودعم الجهات المعنية بالتراث كي لايبقى مجرد ذكريات وأشياء من الماضي يحن إليها العاملون بالآثار والتراث، ليس إلا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار