الناتو ومستقبل الاقتصاد الصهيوني
مرّ أكثر من عشرة أشهر ونصف على العدوان الإسرائيلي على غزة و طوفان الأقصى، وما رافقه من تدمير وأعمال إجرامية صهيونية فاقت وتجاوزت الفاشية والنازية على البشر والشجر والحجر وحتى على المقابر والأموات؟، ولكن من جهة أخرى تزداد الخسائر الصهيونية من يوم لآخر وتسيطر حالة (عدم اليقين) على كلّ جوانب المجتمع والاقتصاد الصهيوني، ومن أهم المؤشرات على تراجع الاقتصاد الإسرائيلي رغم مئات المليارات من الدولارات المقدمة من الدول الأطلسية الناتوية NATO، ونذكر على سبيل المثال ومن ربط الأسباب بالنتائج وليس الحصر: تراجع معدل النمو الاقتصادي المتوقع من 2% إلى /0،5%/ وبالتالي زاد معدل الانكماش الاقتصادي لحدود /23%/ – تراجع قيمة الناتج المحلي الإجمالي المتوقع بحدود /8%/ حتى نهاية سنة /2024/ ومتوسط دخل الفرد بنسبة /3،1%/ ما سبب تململاً مجتمعياً وصراعاً بين الأحزاب وتقاذف التهم بين الكتل السياسية -زيادة أعباء “الحكومة الإسرائيلية” لمواجهة تداعيات عدوانها وتراجع الإنتاجية والمردودية في أغلب قطاعاتها الاقتصادية وخاصة القطاع التكنولوجي وبنسبة تزيد على /30%/ حسب (معهد الأبحاث رايدز الإسرائيلي) – تراجع قطاع السياحة بأكثر من /40%/ مقارنة مع الفترة السابقة من السنة الماضية- تراجع الصادرات بنسبة/ 26%/ والواردات بنسبة 12% ما أدى إلى زيادة عجز الميزان التجاري بسبب زيادة التوتر في البحرين الأسود والأبيض المتوسط – تراجع الاستهلاك الخاص بنسبة /7.5%/ مع زيادة في الضرائب والرسوم لتعديل العجز في الموازنة السنوية للسنة الحالية- صعوبة إعداد موازنة سنة/2025/، حيث أطلق عليها وزير المالية الصهيونية (سموتريش ) مصطلح (موازنة احتياطية) بسبب صعوبة تقدير الإيرادات والنفقات المتوقعين وزيادة نفقات الحرب المتزايدة من جرحى ومرضى نفسيين وإيواء مستوطنين..إلخ، وخاصة إذا تم تنفيذ الهجوم المتوقع من محور المقاومة – زيادة العجز في الموازنة إلى /8،3%/.
البروفيسور الصهيوني (يعقوب فرنكل) الحائز على جائزة “إسرائيل” للاقتصاد والمحافظ السابق لبنك “إسرائيل”، صرح بأن “المهمة الأكثر إلحاحاً وأهمية هي التعامل مع العجز – زيادة الخسائر الاقتصادية لأكثر من /82/ مليار دولار حتى نهاية شهر آذار وبأكثر من المتوقعة من قبل البنك الإسرائيلي وقدرها بحدود /71/ مليار دولار – تراجع معدلات الاستثمار وخاصة في مجال ( التقنية العالية)، وزيادة مستوى المخاطر وهجرة شركات التكنولوجية الفائقة التطور بسبب زيادة المخاطر وعدم توفر الأمن والأمان- تراجع ثقة المستثمرين الداخليين والخارجيين في الاقتصاد الصهيوني ما دفع أحد خبراء الاقتصاد الصهيوني للقول: في الاقتصاد ممنوع اللعب، وكمثال على ذلك انسحاب بنك (باركليز البريطاني) من السوق الصهيونية وقدم سابقاً أكثر من /6/ مليارات جنيه إسترليني لشركات التصنيع الصهيونية – تراجع مؤشرات الكثير من شركات التصنيف الائتماني ومنها (فيتش – آند بورز – موديز) وغيرها بتخفيض مستوى التصنيف إلى درجة سالبة وخاصة بعد تصنيف وكالة (فيتش للتصنيف الائتماني) الدولية مؤخراً من “إيه +” (A+) إلى “إيه” (A) وأبقت الوكالة على نظرتها المستقبلية للتصنيف عند مستوى سلبي، بل قد يتم تخفيض التصنيف مرة أخرى وخاصة بعد زيادة الدين العام الصهيوني ولأول مرة إلى /67%/ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، وهذه أول مرة يواجهها الاقتصاد الصهيوني بهذه الحدة…الخ.
إن تراجع درجة التصنيف الائتماني يشكل مؤشراً للانهيار الاقتصادي لأنه يعني عدم القدرة على سداد الديون وتراجع المستثمرين عن شراء السندات الحكومية وتراجع ثقتهم بالسياسة النقدية والمالية ومطالبتهم بزيادة أسعار الفائدة، ما يؤثر على تدفق الاستثمارات وخاصة الأجنبية المباشرة وغير المباشرة والتأثير السلبي على أسعار الصرف ومعدل التضخم والبطالة والقدرة الشرائية للعملة التي سجلت تراجعاً أمام الدولار الأمريكي كما تراجعت أسعار الأسهم في البورصة، فهل يستطيع الاقتصاد الأمريكي والغربي تحمل تبعات العدوان الصهيوني على المنطقة وزيادة بؤر التوتر وتراجع سلاسل التوريد من منطقة تصدر أكثر من /70%/ من النفط والغاز العالمي وفيها أهم شرايين النقل العالمية وخاصة المضائق البحرية ولا سيما مع غياب أي أفق لانتهاء الحرب في ظل تغير موازين القوة العالمية والإقليمية ووجود حكومة صهيونية يمينية وهزيمة الفاشية الأوكرانية أمام العملية الخاصة الروسية وبما يتناسب مع ظهور قوى جديدة تترافق مع تقليل الفجوة التقنية بين محور المقاومة والكيان الصهيوني المحمي غربياً ومن دول الأطلسي NATO لأنه قاعدة عسكرية اقتصادية لهذا الحلف الذي يدعم هذه الحكومة الصهيونية اليمينية عملياً؟!.