سوق (الكريبتو) والانتخابات الأميركية وطبول الحرب؟

تعتبر سوق ( الكريبتو CRYPTO) سوقاً للعملات الإلكترونية المشفرة وهي  منصة دفع رقمية تستخدم عبر الإنترنت، ويشهد هذا القطاع نشاطاً لم يشهده منذ إطلاق سيدة هذه العملات (البيت كوين  Bitcoin) سنة /2008/ من قبل شخص أو مجموعة من الأشخاص مجهولي الهوية عرفوا باسم (ساتوشي ناكاموتو)، واستخدمت  سنة /2009/، ومن ثم توسعت دائرة هذه العملات ومنها (الإثيريوم   ( Ethereum وغيرهما، ودخلت /17/ عملة مشفرة جديدة سنة /2024/ لتنضم إلى /20000/ عملة سنة /2023/ وقبلها اليوان الصيني الرقمي سنة /2022/.

وتؤكد الدراسات الاقتصادية الأميركية أن تسابقاً محموماً  من المرشحين للرئاسة الأميركية للحصول على أصوات المتعاملين بالعملات المشفرة، أصبحت قضية حاسمة في الانتخابات الأميركية لسنة /2024/ بعد أن توسع التعامل بها في السوق الأمريكية والعالمية، حيث إن /20%/ من الناخبين أي كل (ناخب من خمسة / 5/ ناخبين)  يدعو للتعامل بها، وتجسدّ هذا عمليا أثناء عقد (مؤتمر البيت كوين) بتاريخ 25/7/2024 في مدينة (ناشفيل في ولاية تنيسي) وحضره أكثر من /20/ ألف من المؤيدين للعملة المشفرة والمديرين التنفيذيين المهتمين بها وبصناعتها وتسويقها، وكان مجالاً لسباق المرشحين للرئاسة الأمريكية في تقديم الوعود لدعم العملات المشفرة.

فمثلاً انقلب (دونالد ترامب) على أفكاره السابقة وبزاوية /180/ درجة حيث دعا إلى دعم التعامل بالعملات المشفرة بعد أن كان قد رفضها سنة /2019/ عندما كان رئيساً لأمريكا، وقال يومها: إنه ليس مع البيت كوين والعملات المشفرة الأخرى، مشيراً إلى أن الرموز ليست نقودا وأن قيمتها “مبنية على الهواء”، وحذر من أن الأصول المشفرة غير المنظمة يمكن أن تساعد في تسهيل تجارة المخدرات والأنشطة غير القانونية الأخرى، أمّا في مؤتمر للعملات المشفرة وحسب صحيفة (وول ستريت جورنال، فقد صرح: “لن أسمح للصين بالسيطرة على سوق العملات الإلكترونية، وسيسعى في حال فوزه بالانتخابات المقررة بتاريخ 5/11/2024 أن تكون الولايات المتحدة الامريكية عاصمة ومقراً للعملات المشفرة الإلكترونية.. إن العملات المشفرة ستحدد المستقبل ويجب استخراجها وتعدينها وسكّها في الولايات المتحدة، ويجب أن تكون أميركا الدولة التي تقود هذا الطريق الذاهب إلى القمر”؟!،وتهجم على الديمقراطيين (جون بايدن وكمالا هاريس) بأنهما وقفا ضد هذه العملات؟!، ووعد بأنه سيعين فريق اقتصادي لوضع المعايير المطلوبة لتشجيع التوسع بالتعامل بها وعلى أن يقدم له تقريراً عنها خلال /100/ يوم من رئاسته لأمريكا وبما ينسجم مع شعاره ( أمريكا أولاً)،  وسيشكلّ احتياطي نقدي من العملات الإلكترونية يعادل الاحتياطي الذهبي وأطلق عليه (مخزون البيتكوين الوطني الإستراتيجي)،  فهل سيربطها بالدولار كما حصل في ربط الدولار بالذهب سنة /1944/ في اتفاقية ( بريتون وودز ) وكانت أمريكا أول من خرق هذه الاتفاقية في 15/8/1971؟!.

ودعا ترامب المتعاملين بالعملات المشفرة إلى أن لا يتسرعوا في بيعها وأن قيمتها ستزيد عن قيمة الذهب وأنها لا تشكل خطراً على الدولار بل الخطر يأتي من الديمقراطيين، وأنه اختار عضو الكونغرس ( جي دي فانس) لمنصب نائب الرئيس وهو من أكبر المناصرين للعملات المشفرة ويمتلك أكثر من /100/ ألف دولار منها، وهو رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.

وانتقلت (عدوى) العملات المشفرة إلى (كمالا هاريس) المرشحة الديمقراطية وأعطت تلميحات بأنها ستدعم التعامل بالعملات الإلكترونية في حال فوزها بالانتخابات، كما أكد المرشح المستقل وهو المرشح الثالث ( روبرت كينيدي جونيور) وينتمي إلى عائلة سياسية معروفة فهو  ابن شقيق الرئيس الأميركي الخامس والثلاثين (جون كينيدي)  وابن المدعي العام (روبرت كينيدي)، وأكد أنه في حال وصوله إلى (البيت الأبيض) سيقوم بإنشاء احتياطي بيتكوين و سيشتري /550/ قطعة بيتكوين يومياً حتى يصبح لدى الولايات المتحدة احتياطي لا يقل عن /4/  ملايين بيتكوين، لكن فرصته في النجاح ضئيلة جداً لأن أمريكا لم تنتخب مستقلاً منذ (جورج واشنطن) وهو أول رئيس لأمريكا لدورتين  سنة /1779حتى 1789/ .

وبعد هذه التصريحات زادت أسعار البيتكوين /4%/ في التعاملات الدولية.

وهنا نسأل هل يتبنى البنك الفيدرالي الأميركي العملات المشفرة ومن ثم البنوك المركزية الأخرى؟ و ماهو مصير المديونية الأمريكية البالغة /35/ تريليون دولار ولأول مرة في تاريخ أمريكا وبما يعادل /123%/ من قيمة الناتج الإجمالي الأميركي؟!، أم إن هذه الوعود ستذهب مع انتهاء الانتخابات الأميركية؟، وهل ستسدد أمريكا ديونها أم ستضيع على الدائنين أم ستحصل حرب عالمية مثل الحرب العالمية الثانية وانتقال السيطرة من الجنيه الإسترليني إلى الدولار الأمريكي؟ ، وعندها سيقال كما تقول الحكاية العربية (على نفسها جنت براقش) وتقرع طبول الحرب؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار