«سديه تيمان» والوحشية الإسرائيلية التي لا حدود لها.. المنطقة تترقب جهود الاحتواء الدولية و«رد» الكيان ما زال رهن مخاوفه

تشرين – هبا علي أحمد:
في ظل ترقب ما ستسفر عنه الجهود الدولية لاحتواء الموقف على جبهة الشمال، ما بعد العدوان الصاروخي على بلدة مجدل شمس «في الجولان السوري المحتل».. برزت إلى السطح أحداث معتقل «سديه تيمان» الإسرائيلي وما يواجهه الأسرى الفلسطينيون من صنوف الانتهاكات والتعذيب وبما يفوق مستوى أن تُسجل كجريمة ضد الإنسانية، إذ لا يمكن تصنيف ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون على أيدي جنود الاحتلال في هذا المعتقل تحت أي صنف من الجرائم، لأنها تفوق في وحشيتها كل تصنيف، وبما لم يستطع مع الكيان الإسرائيلي إلا فتح تحقيق فيها بعدما تسربت أخبار هذا التعذيب وانتشرت على المستوى الدولي وضجّت بها المنظمات الإنسانية، خصوصاً أن المسألة لم تقف عند هذا الحد في ظل عملية اقتحام القاعدة العسكرية الإسرائيلية في «بيت ليد» من عشرات المستوطنين، بهدف إطلاق الجنود الإسرائيليين العشرة المحتجزين على خلفية التحقيق بتعذيب الأسرى الفلسطينيين في معتقل «سديه تيمان».

تعذيب الأسرى الفلسطينيين في معتقل «سديه تيمان» الإسرائيلي لا يمكن تصنيفه تحت أي صنف من الجرائم ضد الإنسانية لأنه يفوق بوحشيته كل تصنيف

وعلى اعتبار أن تاريخ الكيان مملوء بقضايا تعذيب الأسرى الفلسطينيين وما يتعرضون له من شتى أنواع العنف والحرمان داخل المعتقلات – وبالتالي أي تحركات معاكسة لا يمكنها أن تُبيّض صفحة العدو حتى عالمياً-  فإنه يُمكن النظر إلى الحدث من زاوية ثانية مرتبطة بمجدل شمس ولا سيما في ظل تأخر «الرد الإسرائيلي». ورغم أن هناك إجماعاً داخل الكيان على الرد إلا أنه حسب مصادر أمنيّة في الكيان فإنّ التأخر بتوجيه الضربة نابع من عدم معرفة الكيان ماذا سيكون رد فعل حزب الله؟ وهل ستقود الضربة الإسرائيلية إلى حرب إقليمية شاملة؟.. وعليه فإن التأخر قد يقود إلى عدم الرد ليقتصر الأمر على الضربات المعتادة ربما.

تأجيل المأزق
وعند موضوع «الرد الإسرائيلي» بالتحديد، تدرك المستويات المختلفة داخل كيان الاحتلال أن أي حرب طويلة أم قصيرة ستخدم في نهاية المطاف حركة حماس، وبالتالي محور المقاومة، وستعزز من موقعه واستراتيجيته، وبناء عليه فإن التأخير بالرد يعني تأخير أو تأجيل المأزق، وهناك الرأي العام الداخلي الذي هو بحاجة لسيل من الأكاذيب لطمأنته وتهدئته، وفي هذا السياق، حسب صحيفة «هآرتس»، فإنّ الحرب الشاملة تخدم في نهاية المطاف الاستراتيجيّة التي وضعتها حماس بجرّ «إسرائيل» إلى حربٍ واسعة النطاق تستنزفها أكثر مما هي مستنفزة.
وعلى صلة بذلك، أعدّت قيادة الجبهة الداخلية في كيان الاحتلال، حملة دعائية منظّمة لتنسيق التوقعات مع جمهور المستوطنين بشأن احتمال نشوب حرب شاملة، مع التركيز على حرب ستشنّ ضد حزب الله في لبنان، لكن الدفع قدماً بالفكرة لا يزال غير مُدرج على جدول الأعمال على الرغم من وصول التوتر إلى ذروته في الشمال، ولفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن قيادة الجبهة قدمت في وقت سابق حملة دعائية تهدف إلى تنسيق التوقعات مع الإسرائيليين في حال حدوث مواجهة مع حزب الله وإيران قد تتدحرج إلى حرب شاملة، لافتة إلى أنّه هذا هو الوقت المناسب لإثارة الحملة بطريقة منظمة حتى لا تخلق حالةً من الهستيريا، بل تكون تحضيراً للجمهور أمام مختلف التطورات.

تأخر الكيان بتوجيه ضربة ضد لبنان نابع من عدم معرفته ماذا سيكون ردّ فعل حزب الله وهل ستقود الضربة إلى حرب إقليميّة شاملة؟

مسار التفكك
بناء على تلك المعلومات تأتي أحداث معتقل «سديه تيمان» واقتحام القاعدة العسكرية الإسرائيلية في «بيت ليد» من عشرات المستوطنين من التيارات اليهودية اليمينية المتطرفة لفكّ احتجاز الجنود الإسرائيليين المدانين بتعذيب الأسرى الفلسطينيين.. تأتي بالتوقيت المناسب للكيان المحتل والمنقذ أيضاً، إذ سرعان ما أوقف مداولاته حول التصعيد في الشمال، كما أفرز الوضع عن أزمة داخلية تتربص في الكيان وهي تسير إلى الانفجار في أي لحظة في ظل الانقسامات السياسية والعسكرية بشأن تقييم الحادثة.
يُضاف إلى ذلك أنّ مسار المفاوضات لا يشهد تقدماً وبالتالي فإن الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية لن يعودوا إلى ذويهم وهذا ما يفاقم من مأزق المستوى السياسي متمثلاً برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذكرت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها اليوم أنّ سلسلة الأحداث في معتقل «سديه تيمان» ثم في قاعدة «بيت ليد» هي شهادة حية ومباشرة على محطة متقدمة في مسار تفكك «إسرائيل» في عهد بنيامين نتنياهو، مضيفة: «إسرائيل» بقيادة نتنياهو فقدت السيطرة على أقصى اليمين، ومن يزرع الفوضى يحصد الفوضى، وهم سيفككون

«إسرائيل» نهائياً إذ لم يتم وقفهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما يؤكّد انتشار العفن في كل شيء، هو مسارعة رئيس لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست»، يولي إدلشتاين، إلى الإعلان عن عقد جلسة نقاش اليوم بشأن اعتقال الجنود وسلوك المدعية العامة العسكرية والشرطة العسكرية.
وعقّبت الصحيفة على ذلك قائلة: العالم مقلوب رأساً على عقب، وأبدت عجبها من أنّ النيابة العامة العسكرية هي التي سيطلب منها تقديم إجابات، وليس جنود الاحتياط الذين أساؤوا إلى المعتقل، وتحصنوا في المكان ورفضوا الإخلاء بناءً على طلب الشرطة العسكرية، ولا أعضاء الكنيست الذين اقتحموا القاعدة، ولا الوزراء الذين هرعوا للتعبير عن دعمهم لجنود الاحتياط، مؤكدة أنّ كل حلقة في السلسلة هذه تُشير إلى الانحلال المؤسساتي.

الكيان يعتبر أن أي حرب طويلة أو قصيرة ستخدم محور المقاومة وتعزز قوته ومن هنا فإن التأخر بالرد قد يقود إلى عدم الرد والاكتفاء بالضربات المعتادة

«غوانتنامو» إسرائيلي
وفي وقت سابق أمس، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية تحقيقاً يفيد بوفاة ما لا يقلّ عن 13 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول الماضي من مناطق فلسطينية مختلفة باستثناء قطاع غزة، حسب منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان».
ووفقاً للتحقيق الصحفي، فقد تدهورت ظروف السجن والاعتقال في السجون الإسرائيلية بشكل كبير، وشملت العنف المتكرر، والحرمان من الطعام ومن العلاج الطبي، والإيذاء الجسدي والعقلي للسجناء الآمنين.
وتحدثت الصحيفة إلى 11 أسيراً محرراً و6 محامين، واطّلعت أيضاً على تقارير تشريح الجثث التي كشفت العنف الشديد والمعاملة السيئة التي تمارسها مصلحة السجون الإسرائيلية.
وفي أيار الماضي، زعم جيش الاحتلال بأنه يحقق في تقارير عن إساءة معاملة وتعذيب المعتقلين المحتجزين في «سديه تيمان» في أعقاب تقارير متعددة تفيد بأن الأسرى يتعرضون لمعاملة سيئة للغاية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار