مع استمرار توقف محطة مياه عللوك.. مجلس محافظة الحسكة يطالب بحفر آبار عميقة في المدينة

الحسكة – خليل اقطيني:
مع استفحال أزمة مياه الشرب في منطقة الحسكة وريفها الغربي، نتيجة للارتفاع الشديد وغير المسبوق بدرجات الحرارة في هذا الصيف اللاهب، وانسداد أفق الحل لمشكلة توقف المصدر الوحيد لمياه الشرب لأكثر من مليون إنسان في منطقة الحسكة وضواحيها وتل تمر وقراها، وهو محطة مياه عللوك الكائنة في ريف منطقة رأس العين المحتلة شمال غرب الحسكة، من المحتل التركي ومرتزقته، انبرى مجلس محافظة الحسكة إلى تقديم مقترح جديد لتأمين جزء من حاجة سكان المدينة من مياه الشرب.. فما هذا المقترح، وهل هو قابل للتطبيق؟

آبار عميقة
رئيس مجلس المحافظة عيد سالم الصالح ذكر لـ”تشرين” أن المقترح هو حفر آبار عميقة (بحرية)، في مدينة الحسكة وتجهيزها بكل المستلزمات الضرورية لضخ المياه للسكان، مبيناً أن مجلس المحافظة لجأ إلى تقديم هذا المقترح، لأن الحلول التي تم استخدامها سابقاً ومازالت قيد الاستخدام حالياً، باتت تتراجع مع مرور الزمن عن وضعها قيد الاستخدام لأسباب مختلفة، أبرزها انخفاض منسوب المياه الجوفية في المدينة، بسبب الاستجرار المكثف من السكان، لتلبية الطلب المتزايد على المياه مع ارتفاع درجات الحرارة.
وأضاف: بات من المعلوم للجميع أن المصدر الوحيد لمياه الشرب لسكان منطقة الحسكة وريفها الغربي، وهو محطة مياه عللوك لمياه الشرب، متوقف عن العمل، بسبب سيطرة المحتل التركي ومرتزقته عليه منذ التاسع من تشرين الأول عام 2019، الأمر الذي استدعى إيجاد حلول إسعافية بديلة لسد جزء من احتياجات السكان من مياه الشرب، ومن بين هذه الحلول حفر آبار سطحية وتركيب محطات لتحلية المياه عليها.

الصالح: الهدف من الآبار هو تأمين جزء من حاجة السكان من مياه الشرب

وتابع: مع مرور الزمن توقف بعض هذه المحطات البالغ عددها 20 محطة عن العمل، نتيجة جفاف الآبار التي تمدّها بالمياه، بسبب اضطرار السكان إلى استجرار كميات كبيرة من المياه، في ظل الارتفاع الشديد وغير المسبوق بدرجات الحرارة، لكون محطات التحلية المصدر الأهم حالياً لمياه الشرب، الأمر الذي يُنذِر بحدوث أزمة إنسانية وبيئية خانقة لا تحمد عقباها ستعيشها المدينة.
وأوضح الصالح أن مجلس محافظة الحسكة، وبناء على المعطيات السابقة، وجّه الكتاب رقم 49/ص تاريخ 2024/6/27 إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة، يطلب فيه (العمل مع رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الموارد المائية، ومطالبتهما بتحمل مسؤولياتهما تجاه محافظة الحسكة، وإيلاء مشكلة مياه الشرب كل الاهتمام والرعاية والدعم الكامل، وذلك من خلال الموافقة على حفر عدد من الآبار العميقة في مدينة الحسكة، لا يقل عن 5 آبار بحرية، وتجهيزها بشكل كامل، ووضعها في الخدمة بأسرع وقت ممكن، من أجل تأمين جزء من حاجة سكان المدينة من مياه الشرب).

طريق مسدود
وأضاف: إن الجهات المعنية في المحافظة، وعلى رأسها محافظ الحسكة الدكتور لؤي محمد صيّوح، لم توفر أي جهد لحل مشكلة مياه الشرب لسكان منطقة الحسكة وضواحيها وتل تمر وقراها، وذلك بالتعاون مع الأصدقاء الروس والمنظمات الدولية العاملة في المجال الإغاثي، هذا الحل المتمثل بإلزام المحتل التركي ومرتزقته بالسماح لكوادر مؤسسة المياه في المحافظة بالدخول إلى محطة مياه عللوك وتفقدها وإجراء صيانة وإعادة تأهيل لمعدات وتجهيزات آبارها ومضخاتها ومن ثم إعادة تشغيلها، وضخ المياه إلى السكان المستهدفين، لكن كل الجهود التي بُذِلَت في هذا المجال ذهبت أدراج الرياح ووصلت إلى طريق مسدود للأسف الشديد، بسبب تعنّت المحتل التركي ومرتزقته، وإصرارهم على الإيغال بحرب التعطيش على سكان المنطقة، ضاربين في ذلك بكل القوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان عرض الحائط.
وكشف الصالح أن نتائج آخر اجتماع بين الأصدقاء الروس وممثلي الأمم المتحدة من جهة والجانب التركي من جهة ثانية، بشأن محطة مياه عللوك لضخ المياه، أظهرت أن العصابات الموالية لتركيا هي التي تسيطر على المحطة، ومن بين الآبار الواقعة في محطة ضخ المياه، هناك ما لا يقل عن 10 آبار بحاجة إلى إصلاح وإعادة تأهيل، بسبب نقص بعض المعدات كمجموعات التوليد الاحتياطية والمحاقن والأسلاك وغيرها، التي قام عناصر تلك العصابات بفكها وسرقتها، وبيعها في الأسواق التركية، بقصد التخريب المتعمد.
ولفت إلى أن نتائج ذلك الاجتماع بينت أيضاً أن 12 مضخة موجودة في المحطة يمكنها تزويد خط الأنابيب المتجه إلى محطة تجميع الحَمّة شمال الحسكة بالمياه، لكن الأصدقاء الروس وممثلي الأمم المتحدة لم يتمكنوا من اختبار مدى صلاحية تلك المضخات للعمل بسبب عدم توافر التيار الكهربائي، وذلك بعد فترة التوقف الطويلة التي مرت بها.
وبهذا الصدد رفض المحتل التركي ومرتزقته تقديم أي ضمانات بعدم استهداف محطات التحويل الكهربائية الفرعية في مناطق القامشلي والدرباسية وعامودا، التي تعد المصدر الذي يزود محطة مياه عللوك بالكهرباء اللازمة لتشغيلها.

وسيلة ضغط على المدنيين
وأكد الصالح أن سكان الحسكة وتل تمر ظلوا يتنعّمون بمياه الشرب من محطة عللوك ذات النوعية الجيدة، والتي تمتاز بالقساوة القليلة، ما يجعلها لا تحتاج إلى أي معالجات حتى لو كانت بسيطة، منذ البدء باستثمار وتشغيل المحطة في 5 أيار 2013 حتى 9 تشرين الأول 2019 حين قام الاحتلال التركي ومرتزقته باجتياح الحدود في منطقتي رأس العين في محافظة الحسكة وتل أبيض في محافظة الرقة واحتلالهما، في عدوان سافر على الأراضي السورية، وأول ما قام به الاحتلال ومرتزقته كان استخدام “سلاح المياه” لتعطيش السكان، فاحتلوا محطة عللوك وطردوا عمال مؤسسة المياه منها، وأوقفوا الضخ قاطعين المياه عن السكان، في تحدٍّ صارخ للمجتمع الدولي.
وبقي النظام التركي ومرتزقته يستخدمون ورقة مياه الشرب وسيلة للضغط على المدنيين، كما عمدوا إلى تخريب ممنهج لمحطة مياه عللوك وسرقة محتوياتها، بما في ذلك كابلات الكهرباء.

الحل بزوال الاحتلال
ويختم الصالح حديثه لـ”تشرين” بالتأكيد على أنه مهما بذلت المؤسسات الحكومية بالتعاون مع الأصدقاء الروس والمنظمات الدولية من جهود، لا سبيل لوقف “حرب التعطيش” التي يشنها الاحتلال التركي ومرتزقته على سكان المنطقة، وتعريض حياة مليون إنسان للخطر، في خطوة عدوانية منافية لكل القيم الأخلاقية والدينية ولشرعة حقوق الإنسان والقوانين والعهود والمواثيق الدولية، إلا بزوال هذا الاحتلال، الذي سيتحقق بفضل سواعد الجيش العربي السوري والقوى الحليفة والرديفة، بالتعاون مع المقاومة الشعبية من أبناء المنطقة، التي انطلقت شرارتها منذ اللحظات الأولى للاحتلال. وحتى ذلك الحين نحن مضطرون للجوء إلى الحلول الإسعافية، ومنها مقترح مجلس المحافظة بحفر 5 آبار عميقة وتجهيزها لضخ المياه منها لسكان المدينة، والذي نتمنى أن يحظى بالموافقة من وزارة الموارد المائية ورئاسة الحكومة، ومن ثم تنفيذه بالسرعة القصوى.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار