أمسية “نسماتٌ أنطاكيّة” أنعشت الروح وأيقظت الذاكرة
تشرين- رنا بغدان:
وتبقى الموسيقا وإيقاعاتها وأنواعها أنغام تنحو بالإنسان للتوجه نحو الجمال وأنواراً تفتح أمامه أبواباً من الإبداع وصنوفاً من الرقي فكيف إذا كانت موسيقا تجمع بين دفتيها صنفين يجعلان الإنسان يرتقي بروحه ونفسه إلى رحاب تفتح له أبوابها مشرّعة عبر ألحان وأصوات احترفت أن تصدح بجمالية أنطاكيّة متقنة..
من هنا وضمن فعاليات الاحتفاء بعيد الكرسي الرسولي الأنطاكي المقدس وتحت رعاية صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس استضاف مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق أمسية موسيقية بعنوان: “نسمات أنطاكية” قدمها “كورال الكنارة الروحية” بقيادة الأرشمندريت ملاتيوس شطاحي بالتعاون مع “أوركسترا أورفيوس” بقيادة المايسترو أندريه المعلولي جمعت بين الموسيقا البيزنطية والموسيقا الأوركسترالية في أمسية ليست الأولى من نوعها.
الأرشمندريت ملاتيوس شطاحي قائد الكورال ومدير دائرة العلاقات المسكونية والتنمية في البطريركية تحدث عن هذه الأمسية والرسالة التي أرادت تقديمها فقال: أقيمت الأمسية ببركة وحضور صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر وذلك بمناسبة عيد الكرسي الأنطاكي الذي يصادف في الثامن والعشرين الجاري من كل عام, وقد حملت عنوان “نسماتٌ أنطاكيّةٌ” وتضمنت قطعاً دينية ووطنية وتراثية وطنية لمؤلفين أنطاكيين لم يثروا فقط تراث الكنيسة بل أثروا أيضاً التراث الثقافي والوطني في سورية, فقد تمّ تقديم النشيد السوري الذي كان يردد قبل نشيد “حماة الديار”, إضافة إلى “نشيد الحربية السورية” الذي كان يردده البطل يوسف العظمة مع رفاقه في معركة ميسلون في 24 تموز 1920 قبل استشهادهم.. وعدة أناشيد وقصائد ذات مضامين ثقافية ووطنية ودينية وعاطفية وجدانية.. جميعها من تأليف مؤلفين أنطاكيين.. وقد تمّ التركيز على المؤلفين الذين تصدروا الإعلان عن الأمسية وهم: المطران أبيفانيوس زائد والمطران أثناثيوس عطا الله والمرنم الأول متري المر. فقد أردنا تسليط الضوء في عيد الكرسي الأنطاكي على التراث الأنطاكي الذي أورثتنا إياه شخصيات وقامات هامة من هذا الكرسي ساهمت في إبراز دور الكنيسة ليس على الصعيد الروحي فقط وإنما على جميع الصعد وخاصة الصعيدين الوطني والثقافي.. وكان ضيفا الأمسية الأب ميشال سابا وهو شاعر وكاتب ومؤلِّف وملحِّن موسيقيّ كنسي وكاهن في كنيسة الروم الأرثوذكس في قبرص ومغنية الأوبرا الرومانية “كاتالينا يونيللا كيلارو”. وعن برنامج الأمسية يتابع قائلاً: قدم الكورال الذي ضم 58 مرنماً ومرنمة بالتعاون مع أوركسترا أورفيوس التي ضمت 40 عازفاً وعازفة برنامجاً تضمن قطعاً وأناشيد وقصائد متنوعة وطنية وتراثية ودينية وعاطفية نذكر منها “بالله يا أنطاكية, قل لمن يسأل عنا, نادت الأوطان هيا, يا بلادي يا بلادي, تعالي إلي, يا فلسطين, أريج الزهر, افرحي يا بيت عنيا, عذراء يا أمنا…”, إضافة إلى عزف منفرد على العود وأداء “أبانا الذي في السموات” باللغتين الرومانية والآرامية..
يذكر أن هذه الاحتفالية تقيمها سنوياً بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس بمناسبة عيد القديسين بطرس وبولس هامتي الرسل مؤسِسَي الكرسي الأنطاكي وكانت قد انطلقت يوم الجمعة الفائت في دير رؤية القديس بولس في تل كوكب في ريف دمشق وتضمنت عدة فعاليات لتختتم اليوم الأحد عند الساعة السادسة مساء في قاعة كنيسة الصليب المقدس في القصاع بمحاضرة يلقيها الدكتور فادي إسبر بعنوان: “الاستمرارية والتجدد” وسيتمّ خلالها تكريم بعض الشخصيات الأرثوذكسية التي كانت لها مساهمات في الحفاظ على الإرث الثقافي وتطويره على الصعيدين الكنسي والوطني.