رغم عدم توفر البنية التحتية.. التحول الرقمي مشروع سورية القادم والدفع الإلكتروني أولى خطواته

دمشق- بشرى سمير:
لم تكن سورية بمنأى عن التحول الرقمي الذي بدأ ينتشر بشكل واسع في مختلف أنحاء العالم كانتشار النار في الهشيم، ورغم تأخرنا في هذا التحول الذي بدأ قبل عدة سنوات بخطوات بطيئة، إلا أن إصرار وزارة الاتصالات والتقانة على تطبيق التحول الرقمي والدفع الإلكتروني، حسب ما ذكر وزير الاتصالات إياد الخطيب خلال مؤتمر الدفع الإلكترونيالدفع الإلكتروني الذي أقيم مؤخراً، سوف يسهم في دفع عجلة الاقتصاد الرقمي، وتحقيق الاستدامة المالية ودعم وتعافي النشاط التجاري، معتبراً تطبيقه أولوية لا مفر منها للحكومة، والبداية من مشروع الدفع الإلكتروني الذي تتابع الحكومة تنفيذه باعتباره أحد المشاريع الأساسية في إستراتيجية التحول الرقمي للخدمات الحكومية، ويهدف للوصول إلى مجتمع رقمي يواكب التقدم التكنولوجي والمعرفي، لكن ترى إلى أي حد يتطابق كلام وزير الاتصالات مع الواقع؟ وهل لدينا الأرضية التقنية والبنية التحتية لتطبيق الدفع الإلكتروني والتحول الرقمي المنشود؟

اختصاصي: البنية التحتية بالنسبة لمشروع الدفع الإلكتروني متوافرة في مراكز المدن لكن هناك صعوبة بالنسبة لمناطق إعادة الإعمار وفي الأرياف بسبب ضعف تغطية الإنترنت

تباين
تباينت آراء المواطنين الذين التقتهم “تشرين” بين مشجع للتجربة ومتوجس منها.
تؤكد السيدة منال أن الدفع الإلكتروني من حيث المبدأ جيد، شريطة وجود الأرضية والتقانة اللازمة من حيث توفر النت على مدار الساعة ووجود أجهزة ذكية مع المواطنين، وهو أمر متعذر حالياً نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء أسعار الأجهزة الذكية.

تطبيقات لا تعمل
فيما أشار محمد موظف، إلى أنه حاول تنزيل تطبيق لأحد البنوك ورغم عدة محاولات لم يفلح، ما اضطره إلى الذهاب لأحد فروع البنك من أجل تفعيل التطبيق، وعند عودته للمنزل فوجئ بأن التطبيق لا يعمل، وكأن شركات الخليوي تريد استنزاف أموال المواطنين في محاولة تنزيل تطبيقات الدفع الإلكتروني التي لا تعمل أساساً.
واستغرب وائل، وهو شاب في مقتبل العمر يريد السفر للخارج لمتابعة دراسته، أن منصات الهجرة والجوازات لا تعمل وبمجرد ذهابه إلى إحدى المكتبات القريبة من مديرية الهجرة يتم الدفع أو حجز الدور.
من جهته، بين المهندس محمد الكزبري العامل في إحدى الشركات المتخصصة بالتقنيات الإلكترونية أن هناك مساعي لتأمين البنية التحتية لخدمات الدفع الإلكتروني لدى وزارة الاتصالات ومؤسسات الدولة، منوهاً بأن الوضع الاقتصادي العام الضاغط قد يكون سبباً في عرقلة نجاح هذه الخدمات.
وأكد أنه لنحاج الدفع الإلكتروني يجب أن يكون لدى المواطنين هواتف ذكية وثقافة معلومات، وهو من الأمور التي قد يصعب تحقيقها في وقتنا الراهن، وخاصة في بعض مناطق الريف التي ليس لدى سكانها قدرة على التعامل مع القضايا الإلكترونية، وجلّ ما يعرفونه هو الإجابة على الاتصال في الجوال.
وبيّن أنه في سورية تم إطلاق خدمات الدفع الإلكتروني، لكن لم تعالج بعد مشكلة تدني الأجور والرواتب، والموظف الذي يتقاضى راتباً 350 ألف ليرة سيسحبه من الصراف الآلي كاملاً عند بداية الشهر مع أن فكرة التعامل مع الصراف الآلي هي سحب مبالغ معينة عند الحاجة، وهذا ما يتم في الدول المتقدمة وليس كامل المبلغ، لافتاً إلى أن الخطوات التي يتم القيام بها بالنسبة للدفع الإلكتروني بالمحصلة تعتبر مفيدة وجيدة.

تم تسجيل 45 مليون حركة أو مطالبة مالية مسددة عبر منظومة الدفع الإلكتروني بقيمة تجاوزت تريليوناً و ٦٨٠ مليار ليرة سورية

وأشار إلى أن التعامل بالدفع الإلكتروني عبر الجوال يعتبر سهلاً، لأن نسبة كبيرة من المواطنين يمتلكون جوالات، وتجربة الدفع عبر الجوال منذ إطلاق الخدمة تعتبر مقبولة.
لافتاً إلى أن تغطية الإنترنت موجودة، وسورية تحصل اليوم على 400 غيغا من البوابة الدولية، والبنية التحتية بالنسبة لمشروع الدفع الإلكتروني متوافرة وقادرة أن تحمل التطبيقات إلى حد ما، وذلك في مراكز المدن، لكن هناك صعوبة بالنسبة لمناطق إعادة الإعمار وفي الأرياف بسبب ضعف تغطية الإنترنت.
وأشار إلى أن المواطن في سورية عندما يصبح دخله مرتفعاً، من المؤكد سيقوم بفتح حساب، وعندما يطلب منه البنك أن يدفع فاتورة الكهرباء أو غيرها من حسابه عبر الجوال، سيقوم بذلك طوعاً من دون إجباره على ذلك، لكن عندما يتم كبح السيولة وعدم السماح للمواطن بسحب مبلغ معين سيبتعد عن فتح حساب في البنك.

النجار: الغاية من الدفع الإلكتروني هي الاستغناء عن التعامل النقدي الورقي من خلال شركات مرخصة تقدم خدمات الدفع الإلكتروني للمواطنين بطرق ميسرة

أدوات التحول الرقمي
رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية المهندس محمد حسان النجار، أشار إلى حرص الجمعية على نشر ثقافة الدفع الإلكتروني في المجتمع، وتحقيق أكبر انتشار لاستخدام واعتماد وسائله وقنواته على مستوى المواطن وعلى مستوى الشركات، مبيناً أن الدفع الإلكتروني يعتبر أحد أدوات ،التحول الرقمي، وأن الغاية من الدفع الإلكتروني هي الاستغناء عن التعامل النقدي الورقي، من خلال شركات مرخصة تقدم خدمات الدفع الإلكتروني للمواطنين بطرق ميسرة.

خدمات إلكترونية
يازد بري من الشركة السورية للمدفوعات، بيّن أن غاية الشركة التي أحدثت بتاريخ ٢٠١٢ بموجب القانون ١٣ هي إنشاء البنية التحتية للدفع الإلكتروني وربط المصارف مع الجهات العامة، حيث تقدم الشركة خدمتين مطبقتين حالياً، الأولى هي خدمة المدفوعات، فهناك حوالي ٣٠ جهة مفوترة مرتبطة (ماء –كهرباء- اتصالات- نقل- داخلية- تعليم عال- هيئة الضرائب والرسوم). إضافة إلى ١٦ مصرفاً وشركتي الخليوي، حيث يتم عن طريق هذه الخدمة تسديد قيمة الفواتير والرسوم المترتبة على المواطن عن طريق شركة المدفوعات.
أما الخدمة الثانية، فهي منصة التجارة الإلكترونية (سيب اون لايب) وهي تضم مركز خدمة المواطن والمؤسسة العامة للمعارض واليانصيب، وعلى المقلب الثاني مصرف بيمو والبنك التجاري وشركتي الخليوي “سيرياتيل وmtn”، موضحاً أن المنصة أطلقت عام ٢٠٢٢ وتوقع أنه سيكون لها دور كبير في المستقبل، فمنذ انطلاقها في نيسان قبل أربع سنوات وحتى الآن تم تسجيل 45 مليون حركة أو مطالبة مالية مسددة عبر منظومة الدفع الإلكتروني بقيمة تجاوزت تريليوناً و ٦٨٠ مليار ليرة سورية.
وأشار مدير شركة (فاتورة) للدفع الإلكتروني المهندس وسيم رمضان إلى أن لدى الشركة أكثر من مليون و٣٠٩ آلاف بطاقة عاملة على الشبكة من خلال شبكة المصارف المشتركة، وهناك أكثر من ٤٠٠ صراف آلي وأكثر من ١٥ ألف جهاز دفع للمصارف في مختلف أنحاء سورية وأكثر من ١٢٠ تطبيقاً على الموبايل وسبع جامعات، مرتبطة جميعها لدى الشركة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار