جبهة الشمال نحو تصعيد جديد وزمام المبادرة ما زال بيد المقاومة.. جباليا منطقة منكوبة و«أونروا» تناشد مجدداً دعم دورها الإنساني في غزة
تشرين- هبا علي أحمد:
أثبتت المقاومة بكل جبهاتها المواجهة للعدوان الصهيوني على غزة، المتواصل منذ 7 تشرين الأول الماضي، أنّ للسياسة شأناً، أما الميدان فله شؤون أخرى، ومادامت السياسة لا تنتج حلولاً فإنّ الحلول وزمام المبادرة يكمنان في الميدان وفي يد من يؤمن بالقضية والنضال والتحرّر وتحرير الأرض من الغاصب.. وعلى هذه القاعدة فإنّ العجز السياسي قابله تفوق في الميدان المقاوم الفلسطيني والإقليمي، الذي يواصل المعركة كما بدأها بعزيمة وإصرار على النصر رغم ألم الخسارة وما يعانيه قطاع غزة المحاصر من جرائم ومجازر غير مسبوقة في التكثيف، لذلك تكثف كل الجبهات العمل المقاوم، وعلى وجه التحديد جبهة الشمال راهناً التي شتّتت العدو وأرهقت قواه ووضعته منذ البداية أمام تساؤلات مصيرية حول ما بعد الحرب وقواعد الردع الجديدة المتشكلة، ولا يمرّ يوم إلّا والأنظار مركزة على جبهة شمال فلسطين المحتلة مع جنوب لبنان، هذه الجبهة التي تتسّع ويتسع صداها وصدى مفرزاتها وتداعياتها.
تطورات جبهة الشمال
بشكل يومي تصعّد المقاومة اللبنانية –حزب الله- عملياتها العسكرية مستهدفة مواقع الكيان في أماكن متعددة من الأراضي المحتلة في فلسطين وسورية، إذ شنّت المقاومة هجوماً جوياً بسرب من الطائرات المسيّرة الانقضاضية على مقرّ كتيبة الجمع الحربي في ثكنة «يردن» التابعة للاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل، وأوضحت المقاومة في بيانها أنّ المسيّرات استهدفت رادار «القبة الحديدية» في الثكنة، وأماكن استقرار وتموضع ضباطها وجنودها، مشدّدة على أنّ المسيّرات أصابت أهدافها بدقة، ما أدى إلى تدمير الرادار وتعطيله، وإيقاع الضباط والجنود الإسرائيليين بين قتيل ومصاب، مؤكدة أنّ هذه العملية تأتي دعماً للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسناداً لمقاومته.
العجز السياسي قابله تفوق في الميدان المقاوم الفلسطيني والإقليمي الذي يواصل المعركة كما بدأها بعزيمة وإصرار على النصر
كما استهدفت المقاومة بقذائف المدفعية العدو الإسرائيلي في موقع المرج شمال فلسطين المحتلة وحققت إصابات مباشرة .
يُذكر أنّ قاعدة «يردن» تعدّ مقر القيادة الرئيس للاحتلال في زمن الحرب، وهي تبعد نحو 17.5 كم عن الحدود اللبنانية، وتضمّ مقرّ قيادة الجمع الحربي لفرقة «هبشان 210» في جيش الاحتلال، إلى جانب المخازن اللوجستية الاحتياطية الخاصة بالفرقة، ومقرّ فوج المدفعية الخاص بها.
وعن تطورات جبهة الشمال وقدرات حزب الله العسكرية، تحدّثت وسائل إعلام العدو قائلة: تطورات الحرب الدائرة على الجبهة الشمالية تصبح تدريجياً الجبهة الرئيسة في الوقت الحالي، متطرقةً إلى قدرات حزب الله العسكرية وكيفية تعاطيه مع التطورات الميدانية، مضيفة: حزب الله استخدم 5% فقط من ترسانة أسلحته خلال هذه الأشهر من المعركة كميدان اختبار ضد الجيش، وذلك استعداداً لمعركة حقيقية وواسعة، وهو يحاول كل يوم تجاوز أنظمة الدفاع الجوي وتعلم الدروس، إذ إنّ ذلك بات واضحاً مع زوايا الإطلاق المختلفة التي يستخدمها، وفي كمية الإطلاقات المركزة، وأيضاً في كمية المتفجرات التي تختلف باختلاف كل سلاح يتم إطلاقه، وعناصر أخرى، وعلى الرغم من محدودية نطاق النيران قياساً للكميات المتوفرة لديه، إلاّ أنّه يسجل أيضاً نجاحات وضربات دقيقة، مشيرة إلى أنّ استخدام صاروخ «بركان» أثبت فاعليته بالفعل من حيث الأضرار المادية والتأثير النفسي، وذلك بسبب أبعاد الدمار غير العادية التي تُحدثها كل قذيفة صاروخية كهذه، إذ تُعرف بأنها صواريخ ثقيلة، ويمكنها حمل ما يصل إلى نصف طن من المتفجرات.
ما يجري في الشمال ليس قتالاً ولا أيام معركة بل حرب حقيقية بدأت كجبهة ثانوية لغزة لكنها أصبحت تدريجياً جبهة أساسية و«نتنياهو باع أمن إسرائيل لحزب الله»
وفي السياق، ذكر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشع، أنّ ما يجري في الشمال ليس قتالاً، ولا أيام معركة، بل هو حرب حقيقية بدأت كجبهة ثانوية لغزة، وفقاً لتعريف «الكابينت» الأمني المصغر وهيئة الأركان العامة، لكنها تصبح تدريجياً جبهة أساسية أكثر فأكثر، في حين قالت صحيفة «إسرائيل هيوم»: من دون مساعدة عسكرية وسياسية من الولايات المتحدة، فإنّ الخطوة التي يمكن أن يقوم بها الجيش الإسرائيلي في لبنان قد تكون محدودة في الزمان والمكان.
وكان إعلام العدو قال أمس، تعليقاً على استهداف قاعدة «غيبور»: إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو باع أمن «إسرائيل» لحزب الله، بينما جنود الجيش في حقل رماية البط الخاص بنصر الله.
جباليا منطقة منكوبة
أمام هذا العجز يعمد كيان الاحتلال إلى مواصلة إبادته الجماعية في غزة، إذ استشهد عدد من الفلسطينيين بينما أُصيب آخرون بقصف مركّز من طائرات الاحتلال ومدفعيته استهدف مدينتي غزة ورفح بصورة خاصة، وأطلق الطيران المروحي الإسرائيلي «الأباتشي» النار بشكل مكثف وسط رفح، وطال القصف حي البرازيل جنوب رفح، بينما استهدفت الغارات الجوية منازل في الحي نفسه، كما استهدفت غارة جوية أرضاً في بلدة القرارة شمال شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع.
إلى ذلك، طال القصف أيضاً منازل سكنية شرق مدينة دير البلح وشرق مخيم البريج وشمال غرب مخيم النصيرات وسط غزة، وأطلقت طائرات «الأباتشي» النار على حيي الزيتون والصبرة في مدينة غزة، في حين فتحت الزوارق الحربية الإسرائيلية نيران أسلحتها الرشاشة صوب منازل سكنية قبالة شاطئ مدينة دير البلح وسط القطاع.
مخيم جباليا منطقة منكوبة وملاجئ «أونروا» في رفح فارغة بعد نزوح أكثر من مليون شخص وخدماتها توقفت والمجال الإنساني يستمر في التقلص
وأعلن رئيس لجنة طوارئ البلديات شمال غزة، أن مخيم جباليا شمال القطاع «منطقة منكوبة»، داعياً الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى التدخل العاجل.
وأعلن الدفاع المدني في قطاع غزة، في وقت سابق من اليوم، أن فرقه انتشلت 70 جثماناً في جباليا، مشيراً إلى أنه ليس مؤهلاً للعمل الميداني خلال الحرب بسبب النقص الكبير في المعدات والآليات، وأن عدداً كبيراً من جثامين الشهداء لا تزال تحت الأنقاض ونحاول الوصول إليها لتحديد هويتها.
ملاجئ رفح فارغة
إلى ذلك، صرّح المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، فيليب لازاريني، بأنّ أكثر من مليون شخص – معظمُهم نزحوا عدة مرات – أُجبروا على النزوح من رفح مرةً أخرى بحثاً عن الأمان الذي لم يجدوه أبداً، قائلاً: كل ملاجئ الوكالة الـ36 في رفح أصبحت فارغة الآن، واضطرت الوكالة لوقف الخدمات الصحية والخدمات الحيوية الأخرى في رفح، لكنّها تعمل الآن من خان يونس والمناطق الوسطى التي يعيش فيها 1.7 مليون نسمة.
وتابع لازاريني: المجال الإنساني يستمر في التقلص، حيث سُمِحَ للوكالة بالوصول إلى ما يقل قليلاً عن 450 شاحنة في الأسابيع الثلاثة الماضية لدعم العملية الإنسانية، مشدّداً على أنّ ذلك لا يكفي في ظل الاحتياجات، حيث هناك حاجة على الأقل إلى 600 شاحنة يومياً من السلع التجارية والوقود والإمدادات الإنسانية، لافتاً إلى أنّ الوقود على وشك النفاد، وفرق الوكالة تنتظر الضوء الأخضر من السلطات الإسرائيلية لاستلامه، منوّهاً إلى أنّ التدمير “سيجلب المزيد من الدمار والحزن والغضب، وكذلك المزيد من الخسائر”، في حين تتجه كل الأنظار نحو الاقتراح الرامي إلى التوصل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، وتدفق كميات كبيرة وآمنة من الإمدادات، التي تشتد الحاجة إليها، إلى غزة.
يأتي ذلك وسط محاولات «إسرائيل» الرامية لتصنيف «أونروا» «منظمة إرهابية» وحرمان ملايين الفلسطينيين من خدماتها.