علاقة البنت بأبيها دائماً استثنائية.. الدلال الفائض غالباً ما يأتي من الآباء

دمشق- ياسر النعسان:

علاقة الآباء بالأبناء مهمة وحيوية في حياة الأسرة، وتتأثر بالعديد من العوامل، مثل الثقافة والتقاليد والتربية والتجارب الحياتية، وتعد هذه العلاقة أساسية لتطوير ونمو الأبناء الصحي والمستقل، فالآباء يمثلون النموذج الأول للأبناء ويؤثرون بشكل كبير في تشكيل هويتهم وشخصيتهم وسلوكهم.
ما أجمل تلك العلاقة التي تربط بين البنت وأبيها، خاصة لأن الأب يكون الرجل الأول في حياة ابنته، فعندما أتكلم عن علاقة البنت بأبيها تحضرني فوراً قصة الأب الذي فرح باندهاش لدى رزقه بمولودة، ولدى سؤال زوجته عن سر ذلك أجاب: أتت التي ستفتح لي الباب، حيث إن زوجته اشترطت عليه ألا يدخل أهله ولا أهلها إلى بيتهما فوافق كي تستمر حياتهما الزوجية، وفي الصباح قُرع الباب فذهب الزوج على رؤوس أصابعه ينظر بالعين السحرية وإذ بأهله فأبت أن يفتح لهم الباب، وبعد برهة من الزمن قرع الباب مرة أخرى وإذ بأهلها فانسابت دموعها على خدها ففتح لهم الباب إرضاء لها، من هنا أتت فرحته بقدوم مولودة تفتح له الباب وليس ذكراً لا يفتح له الباب, فالبنات يمتلكن قلوباً طيبة وحناناً لا ينضب لآبائهن.

ابنته كأمه
«تشرين» التقت عدداً من البنات لمعرفة مدى حب البنت لأبيها، حيث كانت البداية مع روىء وطفة التي أكدت من جانبها أن الأب يعد ابنته مثل أمه في بعض الأحيان لإحساسه بأنها تحنّ عليه وتهتم لأمره وتسأل عنه، ويرى فيها الأخت الغالية التي يبوح لها بهمومه، سواء كانت من داخل الأسرة أو من خارجها، بل يجد فيها الصديق الذي يضمد جراحه التي يعاني منها، ومع ذلك فهذا لا يعني أن كل الآباء يتعاملون بالمنطق نفسه مع بناتهم، فهو حسب البيئة التي ينتمون إليها، أما بالنسبة لي فأنا متعلقة بوالدي قبل رحيله من الدنيا، وكنت أعدّه الرجل المثالي في حياتي، وأفضل رجل في العالم، وكان يسر لي كل ما يجول بفكره، وإذا تصادم مع أحد من الأسرة كان يشكو لي، فكنت ملازمة له في كل أفكاره، وبعد رحيله من الدنيا ترك أثراً كبيراً في داخلي وفجوة لا تلتئم بمرور الزمن.

الأب يحدد شخصية ابنته
تقول هلا موظفة: الأب لا يشكل بالنسبة لابنته فقط الحبيب والصديق الأول، بل يلعب دوراً مهماً في تحديد شخصيتها ومسارها في مختلف مراحل حياتها، إذ إن لوجوده وغيابه عوامل مهمة في صقل شخصية الفتاة، وتحدثت الكثير من الدراسات عن أنّ وجود الأب الإيجابي في حياة الفتاة يساهم في نجاحها سواء في حياتها العلمية والعملية أم الاجتماعية، في المقابل غياب الأب واحتضانه لابنته منذ صغرها، يتسبب بضعف شخصيتها وفشلها في التعامل مع محيطها الاجتماعي.
ريم مهنا قالت: «كم أحب يا والدي أن أعد الشيب في رأسك وأن أقبّل تلك اليدين اللتين لطالما كانتا نوراً يهدي ظلمة ليلي»، مشيرة إلى أن علاقة الأب مع ابنته والابنة مع والدها من أكثر العلاقات جمالاً وعطفاً وحناناً، وقال العرب قديماً: (كل بنت بأبيها معجبة)، وذلك يدل على حب الفتيات العميق تجاه آبائهم، خاصة أن الأب يكون الرجل الأول في حياة ابنته.

أحبك يا والدي
نوال حميدي أشارت الى أنه «بعدد نجوم الليل وعدد قطرات البحر وعدد طيور السما أحبك يا والدي ولا أريد إلا أن تظل بخير ولك في قلبي يا والدي وصف يفوق الخيال وعبارات من الحب لا يجود بها أغنى الشعراء ولا أمهر الكتّاب، ولا أنسى يا والدي كم مرة حملتني وحملت أحزاني وأوجاعي وأثقلت بها كاهلك كي تخفف عني ما أنا فيه، «لافتة إلى أنها كلما رفعت يديها إلى السماء دعت الله كثيراً أن يعطيه الجنة جزاء ما قدمه لي من أعطيات ومحبة واهتمام.. فأنت يا والدي سماء ليست لها نهاية، وبحر لا ينضب عطاؤه، وقلب يفيض نبضه بالحب، وحب لا ينتهي من الكون».

فرحة أيامي
منيرة المحمود قالت: «كم أحسد نفسي يا والدي على حبك الكبير لي وكم أتمنى من الله عز وجل أن تكون عوناً لي على مدى الأيام وأن تتمتع بموفور الصحة والعافية لأنني أرى يا والدي في عينيك الوطن فأنت موطني ودنياي التي لا أمل من العيش فيها، دنياي مملوءة بالفرحة والبهجة والسرور معك»، لافتة إلى أن الأب نعمة لا تقدر بثمن فهو ذلك الإنسان الذي يحب بناته ويحنو عليهن بطريقة ليس لها مثيل.. ولن أنسى قوله لي «بنيتي يا مهجة قلبي وروحي يا فرحة أيامي القادمة يا نوراً يسطع في أرجاء قلبي المتعب من تكاليف الحياة تحملت تعب الأيام وسهر الليالي كي أراك سعيدة».

أعشق ما يفعله
ميادة الزعبي قالت: «أعشق كل ما تفعله يا أبي، فكل الأشياء تستحيل بين يديك جميلة وهذا ما جعلني على ما أنا عليه اليوم.. ففي السراء والضراء وجدتك إلى جانبي يا أبي وتعلمت من ذلك أن هذه العلاقة أقوى من كل شيء في هذا العالم.. فأراك يا أبي معنى الرجل الحقيقي الذي أشعر بالأمان وأنا معه وأشعر بأنني سأجده لحظة أحتاجه.. فأبي أثمن أشيائي وأقرب الناس لي ومستودع سرّي والوحيد الذي يستطيع أن يفهمني دونما حديث.. وكم أطمح أن أكون على الدوام سبباً بفخرك كما أنت كنت سبباً بفخري واعتزازي».

ابنتك المدللة
شرود محمد قالت: «جعلتني ابنتك المدللة وأصررت على أن أكون أميرة في حياتك حتى كبرت أنا وأصبحت أنت ملكاً علي.. شملتني يا أبي بحبك ومتابعتك الدائمة فأصبحت لي كل شيء وأشعر بأن نبضنا واحد وأفكارنا واحدة كما هو دمنا واحد.. اللهم إنك أنعمت علي بأن جعلت هذا الرجل والدي فأتمم علي نعمتك بألا تحرمني منه.. فحقّ لي يا أبي أن أكون فخورة جداً بأنك أنت علمتني وربيتني ورعيتني حتى أكون على ما أنا عليه.. علماً أنه يفترض أن تحب الابنة أمها أكثر فما بالي أهواك يا أبي وأرى فيك الحنان والعطف والمحبة».

أبي جعلني أميرة
حنان محارب قالت: «أبي الغالي جعلتني أميرة على كل فتيات الأرض باعتنائك بي ورعايتك المستمرة وحبك المنقطع النظير حتى وأنا أزف عروساً.. يا أبي إنني أعدك بأن ليس هناك أي رجل يمكن أن يملأ مكانك في قلبي.. فالابنة ظل أبيها وتابعته وصغيرته المدللة مهما كبرت، فبقربك يا أبي أشعر بأن الأمان قد حل وأن لا داعي للخوف من هذه الدنيا الموحشة بعد الآن، فقد وصلت أخيراً لمن سيحميني. مع الإشارة إلى أن الابنة أكثر شخص يحن على أبيها ولا يمكن أن ينافسها أحد حتى أمها.. فالابنة عندما تريد الزواج تبحث عن رجل يشبه أباها في حكمته وروحه الجميلة وشجاعته، مشيرة إلى أن الابنة تطلب من أمها في الرخاء ولكنها تجري إلى حضن أبيها في الشدة».

اختصاصي نفسي: البنت تقابل أباها الحب بالحب والحنان بالحنان

والأم تقسو لتحقيق تربية صالحة للبنات رغم حنانها وعطفها اللامحدود

تقابل الحب بالحب
الاختصاصي النفسي محمد البيك بيّن من جهته أن حب البنت لأبيها المميز يعود لكون الأب يربي أبناءه الذكور على الرجولة والإباء لكون الحياة قاسية تحتاج الى رجال أشداء قادرين على تجاوز صعاب الحياة ومطباتها، لذلك يكون شديداً معهم، في حين أن البنات يأخذ راحته معهن بالدلع والحب الفائض والظاهر وليس الكامن الأمر الذي ينعكس على سلوك البنت تجاه أبيها بالحب الفائض، حيث تقابل الحب بالحب والحنان والعطف اللامحدود، علما أن الأم تلعب دوراً أكبر في تربية البنات ليصبحن زوجات صالحات وربات بيوت متميزات، لذلك تقسو الأم عليهن لتحقيق تلك الأهداف رغم حنانها وعطفها اللامحدود عليها، وبالتالي فالدلال الفائض غالباً ما يأتي من الآباء، ومن هنا يأتي سر حب البنت لأبيها اللامحدود والعكس صحيح.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار