مجاهرة أمريكية في تغطية المجازر الإسرائيلية.. الكيان يعرقل كل المسارات ويغامر باتجاه حرب استنزاف طويلة سيكون الخاسر الأكبر فيها
تشرين- هبا علي أحمد:
كل الإدانات والتنديدات الدولية لجريمة العدوان الصهيوني في استهداف خيام النازحين في رفح جنوبي قطاع غزة، لم يُلقِ لها كيان الاحتلال بالاً ضارباً عرض الحائط بكل القوانين الدولية كما هي عادته منذ نشوئه، بل مع كل تنديد دولي يقوم الكيان بمجزرة جديدة، رغم أنّ هذه المجازر لا تحقق أيّ صورة «انتصار» للاحتلال، بل تزيد من حجم الضغط الدولي والعالمي عليه، مقابل توسع رقعة الدعم للقضية الفلسطينية والاعتراف بالدولة الفلسطينية مع إعلان إسبانيا دخول الاعتراف بالدولة الفلسطينية حيّز التنفيذ، إلّا أنها طريقة الكيان للهروب إلى الأمام، إذ حتى المفاوضات لم تعد قادرة على إنقاذه من مأزقه، ومسارات التطبيع تتعثر وتتوقف عندما وصلت إليه، في حين جبهات المقاومة الفلسطينية والإقليمية مستمرة في المقاومة وفي التصعيد ولنا في جبهة الشمال أكبر دليل.
– مجازر ونبش قبور
لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بمجزرته أول أمس في رفح، بل واصل همجيته بمجازر جديدة، إذ تعرضت مدينة رفح لقصف إسرائيلي عنيف ومتواصل جوي ومدفعي ومُسيّر بالتزامن مع توغل إسرائيلي نحو بوابة صلاح الدين في اتجاه المنطقة الغربية على طول الحدود مع مصر، واستمر القصف المدفعي والجوي وإطلاق النار والانفجارات، ما أدى إلى وقوع جرحى ومحاصرة عدد كبير من العائلات، كما استهدفت نيران طائرات «كواد كابتر» إسرائيلية محيط المستشفى الإماراتي غربي رفح، فيما استهدفه قصف مدفعي عنيف جداً أيضاً، واستهدفت الطائرات الصحفيين الموجودين في المنطقة والفلسطينيين الذين حاولوا النزوح من المكان، بالتزامن أطلق الاحتلال نيرانه على كل من يتحرك جنوب رفح وغربها.
وفي السياق، اقتحمت قوات الاحتلال مقبرة زعرب، وقامت بأعمال نبش في القبور، وحاصرت الكثير من العائلات في منطقة زعرب ومحيطها، فيما لم يتمكن أحد من الوصول إليها من أجل إنقاذ أفرادها، وسط وجود شهداء وجرحى في عدة منازل، كما قصف طائرات الاحتلال مناطق عدة في شمال القطاع ووسطه ما أدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء ووقوع إصابات.
أمريكا تلتف وتتستر على جرائم الكيان عبر اختلاق القصص للتخفيف من وطأة الضغط الذي تتعرض له مع كيانها
– الستار الأمريكي
كعادتها أمريكا تلتف على الجرائم الصهيونية وتحاول التستر عليها عبر اختلاق القصص للتخفيف من وطأة الضغط الذي يتعرض له الكيان، ناسية أو متناسية أن الحقائق باتت مكشوفة للعالم وعلى العلن يُشاهد ويسمع ويستطيع تمييز الحقيقة من الأكاذيب التي تلفق حولها.. وحول الاستهداف الصهيوني لخيام النازحين والتعليق الأمريكي عليه، نقلت شبكة «إي بي سي» عن مصدر أمريكي مطلع قوله: «واشنطن تلقت معلومات من مسؤولين إسرائيليين حول الغارة الإسرائيلية على رفح، والسبب وراء مقتل المدنيين فيها».. زاعماً أنّ «شظية أو شيئاً آخر نتيجة الضربة تسبب في إشعال خزان وقود كان على مسافة 100 متر من موقع الضربة وأنّ الخزان اشتعل وتسبب في حريق هائل أتى على خيام النازحين، وأن الولايات المتحدة ليس لديها أي معلومات تؤكد أو تنقض الرواية الإسرائيلية، وهي بصدد فهم ما حدث وتنتظر إجراء إسرائيل تحقيقها». وذكر المصدر الأميركي أن الولايات المتحدة «لا ترى أن ما يحدث في رفح هجوم بري كبير حذرت منه مراراً».. نفهم أن أمريكا تريد إنهاء الحدث بلا أي تداعيات أو امتدادات وأنّ «إسرائيل» لا تتحمّل أي «مسؤولية» بل إنّ الأمر محض مصادفة مقصود، والمثير للسخرية أنّ الكيان يجري تحقيقاً حول الحادث!!
الكيان يعرقل حراكاً دولياً لإعادة تشغيل المعابر ويرفض عودة السلطة الفلسطينية لتسلم مهمتها في معبر رفح
– حراكٌ متعثر
رغم ما يُحكى عن ضغوط ومساعٍ أمريكية- أوروبية لإعادة تفعيل معبر رفح، إلّا أنها تبدو محاولات فاشلة لم تستطع فرض شروطها على الكيان، ولا بدّ من التذكير مراراً أنّ هذه الضغوط ليست لدواعي إنسانية بل لتخفيف الضغط القائم على كيان الاحتلال، ففد تحدّثت معلومات إلى أنه فيما تواصل عدة أطراف بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حراكاّ مكثفاً لمحاولة إدارة المعابر (معبري كرم أبو سالم ورفح بشكل رئيسي بالإضافة للمعابر الأخرى الموجودة سابقاً والتي افتتحت في الآونة الأخيرة شمال غزة) تصطدم حالياً بعراقيل «إسرائيل».
كما قالت المعلومات: إنّ «إسرائيل» ترفض عودة السلطة الفلسطينية لتسلم مهمتها في معبر رفح، وهو الدور الذي كانت تقوم به قبل سيطرة حركة «حماس» على قطاع غزة في عام 2007، مضيفة: الإرادة الدولية تتبلور باتجاه تسلم السلطة الفلسطينية عملها في المعبر.
وكان الاتحاد الأوروبي أعلن بشكل صريح، أمس الإثنين، أنه ينوي استعادة دوره كمراقب في معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية بموجب اتفاق المعابر الذي تم إقراره إثر انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة في العام 2005.
لم تنفع كل المجازر التي يرتكبها نتنياهو في التخفيف من وطأة الضغط الداخلي عليه في ظل الحديث عن الإطاحة به وتشكيل حكومة جديدة أو إجراء انتخابات مبكرة
– الإطاحة بنتنياهو و..حكومة جديدة
لم تنفع كل المجازر التي يرتكبها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في التخفيف من وطأة الضغط الداخلي الذي يتعرض له سواء من وزراء من داخل حكومته أو المعارضة، بل يجري الحديث راهناً عن الإطاحة به وتشكيل حكومة جديدة، ولاسيما أنّه فشل فشلاً تاماً في تحقيق أيّ من المزاعم التي ساقها لتبرير عدوانه، حتى الرهائن لم يستطع استعادتهم، وبات مستقبله السياسي مهدّداً بشكل أكبر من أي وقت مضى، إذ أعدت المعارضة العدة على ما يبدو للإطاحة به وتشكيل حكومة جديدة، ويرتقب أن يجتمع زعيم المعارضة ورئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد مع رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، ورئيس حزب «الأمل الجديد» جدعون ساعر غداً لمناقشة تشكيل حكومة بديلة لحكومة نتنياهو.
وقالت مصادر في المعارضة: إن الأحزاب الثلاثة تتخذ خطوات للإطاحة بالحكومة والجمع بين الأحزاب المختلفة لتشكيل حكومة جديدة، مضيفة: هناك نية لضم عضو مجلس الحرب بيني غانتس إلى هذه الحكومة البديلة، كما أشارت إلى أن رؤساء الأحزاب الثلاثة يعتزمون التعاون في خطوات تهدف إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وكان ليبرمان دعا أمس، في بداية اجتماع حزبه، كلاً من لابيد وساعر وغانتس إلى تشكيل ائتلاف مشترك بهدف إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة أخرى في الكنيست الحالي، أو بدلاً من ذلك إجراء انتخابات مبكرة.
إذ لم توقف الحرب فستتحوّل إلى حرب استنزاف بقيادة حماس وحزب الله.. واندلاع حرب إقليمية متعددة الساحات سيسرّع نهاية «إسرائيل»
إلى ذلك، أكد اللواء احتياط في جيش الاحتلال، ومفوّض شكاوى الجنود السابق، إسحاق بريك، أنه إذا لم تقُم الحكومة الإسرائيلية بإنهاء الحرب، فإنّ المعركة ستتحوّل إلى حرب استنزاف ستستمرّ لسنوات، بقيادة «حماس» في غزة وحزب الله في الشمال، وستؤدي إلى انهيار «إسرائيل».
وأوضح بريك، أنه إذا لم تنتهِ الحرب، فإنّ «إسرائيل» ستخسر الأسرى، وسينهار الاقتصاد، وسينهار جيش الاحتياط الذي لن يكون قادراً على تحمل العبء أكثر من دون تبدّل المقاتلين، ولن تتم إعادة تأهيل المستوطنات المدمرة على الحدود الجنوبية والشمالية، وسيصبح المئة ألف نازح فقراء معدمين.
وأشار بريك إلى أنّ عزلة «إسرائيل» في العالم ستزداد، وستزداد حدة المقاطعات الاقتصادية والثقافية والحظر العسكري، الذي تشهد «إسرائيل» بدايته بالفعل، نتيجة لقرارات محكمة لاهاي.
وشدّد اللواء الإسرائيلي على وجود احتمال معقول لاندلاع حرب إقليمية متعددة الساحات، الأمر الذي من شأنه أن يسرّع أكثر نهاية «إسرائيل».