إنه عدوان همجي وقح ومجرم، وهو انتهاك للقانون الدولي، واستدراج للحرب الواسعة، وقبل كل شيء هو عدوان على سيادة دولة مستقلة، وعضو مؤسس في الأمم المتحدة، هذه حقيقة ما قامت به «إسرائيل» بقصفها مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وفي عزّ النهار، إنه عدوان وقح على سورية وشعبها.
وفي الوقت الذي تردد فيه أميركا حرصها على عدم توسيع الحرب الدائرة في غزة، وتهديدها للقوى الموجودة في المنطقة من مغبة السعي أو المبادرة بتوسيع هذه الحرب، تقوم «إسرائيل» باستفزاز وقح، وتقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، لا لتوسيع الحرب فقط، بل لتضع المنطقة كلها على شفا حرب إقليمية واسعة، كما ألمح السيد حسن نصر الله في خطابه بمناسبة يوم القدس، فأين الحرص الأميركي على عدم توسعة الحرب؟ وما الذي فعلته أو تفعله أميركا تجاه تمادي «إسرائيل» بجرائمها وعدوانها في غزة وعلى الدول الأخرى من لبنان إلى سورية إلى العراق إلى إيران؟
في الأسابيع والأيام الأخيرة، امتلأ الإعلام الغربي والعربي بأخبار «انزعاج أميركي» تجاه «إسرائيل»، خاصة فيما يتعلق بـ«الحرص على المدنيين»، ومنذ يومين سمعنا عن مكالمة متوترة وحادة بين بايدن ونتنياهو، بما يعطي الانطباع عن الحرص الأميركي على المنطقة تجاه «إسرائيل»، ولكن لم يركز هذا الإعلام عما نشره البيت الأبيض في اليوم التالي للمكالمة من أن «إسرائيل تنفذ ما تعهد به نتنياهو لبايدن، أي إن «تل أبيب» استجابت، كما أن هذا الإعلام لم يوضح اللازمة الدائمة في نهاية كل تصريح للرئيس الأميركي مهما كان انتقادياً لـ«إسرائيل»، حيث يختم بايدن دائماً أي تصريح له بأن «دعم أميركا لإسرائيل فوق كل شيء، ولا يتأثر بشيء، ولا يمكن أن يهتز».
أميركا تهدد المنطقة من توسيع الحرب الدائرة في غزة، وتغضّ الطرف عما يرتكبه كيان الاحتلال من استفزازات لتوسيع الحرب فقط، بل تضع المنطقة في أتون حرب واسعة وحارقة، من جهة أخرى تقود أميركا حلف «ناتو» في أوروبا ضد روسيا، وكما قال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إن «ناتو ما زال يقترب من حدود روسيا ويبني بنى تحتية عسكرية تهدد الأمن القومي الروسي»، وأوضح بيسكوف أن «العلاقة بين روسيا وناتو ذاهبة إلى المواجهة»، وهذا يعني إشعال أوروبا وتفجيرها وتفجير العالم.
أميركا قادرة على وقف العدوان الإسرائيلي على غزة منذ الأيام الأولى، و«اسرائيل» لا يمكن أن ترتكب من جرائم وعدوان من دون الدعم الأميركي، كما أن أميركا قادرة على تلبية الهواجس الأمنية لروسيا تجاه «ناتو»، وهي القادرة على لجم هذا الحلف وسياساته المستفزة لروسيا، وهكذا فإنه من الواضح والأكيد أن أميركا قادرة على وقف الحرب في غزة، وإطفاء الصراع في أوكرانيا، إذا ما اقتنعت بأن للشعوب حقوقاً وطنية يجب أن تنالها.. بالفعل أميركا هي المسؤولة!
د. فؤاد شربجي
130 المشاركات