من إعلام العدو.. بعد ستة أشهر من الحرب..«إسرائيل» وقعت في الحفرة التي حفرتها لها حكومتها
ترجمة وتحرير ـ غسان محمد:
بعد ستة أشهر من الحرب على قطاع غزة، يتضح فشل الكيان الإسرائيلي في تحقيق ما يسمى أهداف الحرب، وفق العديد من المحللين والخبراء العسكريين الصهاينة.
وتحت عنوان “بعد ستة أشهر من القتال إسرائيل وقعت في الحفرة التي حفرتها لها حكومتها” كتب المحلل في موقع “زمان إسرائيل” عيران عتصيون، أن “إسرائيل” تشهد اليوم أسوأ وضع استراتيجي، وأخطر بكثير مما عرفته خلال العقود الماضية.. وهذا يتضح بشكل رئيسي في بعدين أساسيين لكنهما حاسمان: البعد العسكري والبعد المتعلق بالوعي.
ففي البعد العسكري، لا تزال المقاومة الفلسطينية بعيدة جداً عن الانهيار أو الهزيمة، ومن المؤكد أن الدخول الإسرائيلي إلى رفح ومخيمات المركز لن يغيّر قواعد اللعبة، ولا حتى في البعد العسكري الواسع، فالمقاومة ستستمر في العمل مادام لم يحدث تغيير جوهري في هوية الجهة التي ستسيطر على غزة.
وعلى مستوى البعد السياسي، فقد ألقت “إسرائيل” بنفسها في أخطر أزمة مع الولايات المتحدة منذ إقامة العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين، وتنبع الأزمة من انعدام الثقة العميق والجوهري، ناهيك بالازدراء والبغضاء، الأمر الذي يهدد التحالف الاستراتيجي القائم بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
ببساطة، تُطرح في الولايات المتحدة علامات استفهام كبيرة حول جدوى الاستثمار الأميركي في “إسرائيل” أكثر من أي وقت مضى، وهذا يعبّر عن موقف دونالد ترامب وشعبه، وحتى في البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية، يتم طرح أسئلة مماثلة اليوم: هل “إسرائيل” فعلاً ليست كما كنا نظن؟ وما مدى صحة المصالح الأميركية العالمية والإقليمية في استمرار العلاقة الاستراتيجية مع “إسرائيل” وفق المعايير نفسها؟
هناك أيضاً الصدمة من حدة الفشل الإسرائيلي في7/10، والارتباك في غزة منذ ذلك الحين، واليد الثقيلة وغير المتناسبة ضد السكان المدنيين، والتلويح بالمطالب الأميركية من “إسرائيل”، والخوف الحقيقي من امتداد الأزمة إلى حرب إقليمية ستُجر إليها الولايات المتحدة.. كل هذه الأمور إذا لم يتم تغيير الحكومة والاستراتيجية الإسرائيلية قريباً فستصبح خطرة للغاية وستدفع إلى إعادة التفكير في الإدارة والكونغرس ووسائل الإعلام والرأي العام الأميركي حول العلاقات مع “إسرائيل” بمعناها الأوسع والأعمق.. وهذه أخبار فظيعة بالنسبة لـ”إسرائيل”، وكلها من صنع نتنياهو وحكومته.
وفي مجال البعد المتعلق بالوعي، فإن الرأي العام العالمي ككل ينظر اليوم إلى “إسرائيل” بطريقة هي الأكثر سلبية على الإطلاق، كما أن الدعم والتعاطف اللذين كانت تحظى بهما في الفترة التي تلت 10/7 مباشرة تراجعا إلى مستويات قياسية.. وإذا لم يكن ذلك كافياً فإن “إسرائيل” تواجه في ساحة القانون الدولي اتهامات غير مسبوقة، سواء في محكمة العدل الدولية أم المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك احتمال تعرض العديد من الضباط والجنود والمدنيين لإجراءات جنائية ولوائح اتهام وعقوبات، بمعنى أن عدداً كبيراً جداً من الإسرائيليين لن يتمكنوا من وضع أقدامهم في العديد من البلدان من دون خوف من مذكرة الاعتقال، يضاف إلى ذلك أن المستوطنات والمنظمات أو الأفراد الذين يساعدونها سيواجهون موجة غير مسبوقة من العقوبات ونزع الشرعية.
الحقيقة التي لا يدركها الكثير من الإسرائيليين، هي أن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وصل إلى نقطة تاريخية لم يعد من الممكن فيها الاستمرار في العمل كالمعتاد، وبينما كان يُنظر إلى هذا العامل في الماضي على أنه أصبح مسألة هامشية، فقد تكرس الآن الاعتراف بأنه عاد ليكون عاملاً رئيسياً من وجهة نظر المجتمع الدولي.
لقد عاد الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، الذي كان حتى 7/10 على هامش الوعي الدولي والإقليمي، حسب التصور الإسرائيلي، إلى مركزه الاهتمام الدولي، مع الفهم بأن استمراره يسبب ضرراً مباشراً وغير مباشر للغرب وللأنظمة العربية البراغماتية في الشرق الأوسط، والعلاقة بين العالمين الإسلامي والغربي، وبشكل عام فإن الاستنتاج الذي توصل إليه العديد من اللاعبين على الساحة الدولية والإقليمية هو أنه لا بد من استخدام الروافع الدبلوماسية والاقتصادية والمالية، وحتى العسكرية، من أجل فرض حل للصراع.. وهكذا فإن الاعتراف المتعدد الأطراف، وليس الأحادي، بل الدولي الشامل بدولة فلسطين سرعان ما أصبح خطوة يتم النظر فيها بجدية في أهم عواصم العالم كجزء من الخطوط العريضة الجديدة لحل الصراع.
أما العامل الثاني فهو الاشمئزاز والصدمة من سياسة استخدام القوة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي وحكومة “إسرائيل” بحق الفلسطينيين، ما تسبب بمعدلات إصابة للأبرياء وتدمير البنى التحتية في قطاع غزة، الأمر الذي تجاوز من وجهة نظر العالم الغربي بشكل صارخ وصادم حدود المسموح به، فقد أصبحت “إسرائيل” تستخدم أساليب غير لائقة لتجويع السكان وحجب المساعدات الإنسانية والقتل الجماعي للمدنيين، وتتم مقارنتها بأسوأ الأنظمة في العالم.