يلين تواصل ثاني أطول زيارة لها إلى بكين وبلينكن يلتحق بها..  أميركا «تلغّم وتلقّم» حواراتها مع الصين بمزيد من التحالفات العسكرية

تشرين ـ مها سلطان:

يستعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للالتحاق بوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في زيارتها إلى الصين والمستمرة منذ يوم الخميس الماضي في ثاني زيارة طويلة لها خلال هذا العام. وكما هي العادة فإن الزيارة متخمة بملفات اقتصادية ثقيلة ظاهرها تعاوني سلمي، وباطنها ضغط وتهديد، والحديث هذا متعلق بالولايات المتحدة الأميركية مقابل الصين، حيث لا يزال الخطاب الأميركي على حاله، القول قول سلام، والفعل فعل حرب، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتحركات العسكرية الأميركية في بحر الصين وفي منطقتي المحيطين الهادي والهندي في سبيل محاصرة الصين والضغط عليها… ولا يختلف اثنان على أن المعضلة الصينية بالنسبة إلى أميركا لا تتعلق فقط بالتحالف مع روسيا أو بالتكتلات الاقتصادية الدولية العملاقة والتي تشكل الصين جزءاً قائداً فيها، بل تتعلق بالصين كقوة اقتصادية بالدرجة الأولى، وبمشاريعها الاقتصادية العالمية والتي تسمح لها بالوجود في كل مكان على الكوكب، ومزاحمة الولايات المتحدة في أهم وأخطر مناطقها الحيوية اقتصادياً وعسكرياً.

بكل الأحوال، من غير المتوقع أن تحقق زيارة يلين للصين الكثير، باستثناء البيانات الختامية التي تتبع زياراتها ونشاطاتها، إذ يبدو الهدف الأميركي هو إبقاء الباب مفتوحاً للتفاوض، تجنباً لاستحكام الأزمات، وعندما تستحكم فإن أميركا هي الخاسرة.

رئيس الوزراء الصيني، لي تشيانغ، وبعد لقائه يلين اليوم الأحد، أعرب عن أمله في أن يكون بلداهما «شريكين وليس خصمين». لكن يلين لم تؤكد على الأمل نفسه بالمقابل، مشددة على أن العلاقات «لا يمكن أن تتقدم إلا من خلال حوار مباشر وصريح». وفعلياً أميركا لا تريد علاقات شراكة خصوصاً مع الصين، لأنها ستكون خاسرة حكماً في علاقة تبعية وليس شراكة، استناداً إلى القوة الاقتصادية للعملاق الصيني.

قبل الزيارة، تحدث الإعلام الأميركي عن أهدافها، مشيراً إلى أنها تأتي للضغط على بكين على خلفية المخاوف من إمكانية تسبب حزم الدعم الصناعية التي تقدمها البلاد لقطاعات الطاقة النظيفة والسيارات والبطاريات، بإغراق الأسواق العالمية، بسلع زهيدة الثمن.

يشار إلى أنه وبالتزامن مع زيارة يلين، جرى اجتماع عسكري في جزر هاواي بين الجيشين الأميركي والصيني «لبحث قضايا التعاون الآمن في المجال الجوي والبحري». واستمر الاجتماع ليومين، الأربعاء والخميس الماضيين. وعقب الاجتماع جاء في بيان لوزارة الدفاع الصينية: «الجيش الصيني سيواصل الرد على جميع الأعمال الخطيرة والاستفزازية وفقاً للقانون واللوائح، وسيحمي بحزم سيادتها الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية، ويحمي السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي».

وحسب وزارة الدفاع الصينية فإن الاجتماع تخلله «تبادل صريح وبناء لوجهات النظر» بشأن الوضع الحالي في مجال الأمن البحري والجوي بين الصين والولايات المتحدة الأميركية».

وكانت بكين علقت المحادثات مع واشنطن على خلفية زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي (السابقة) نانسي بيلوسي، لتايوان، في آب 2022 بما في ذلك المحادثات الدفاعية. وبعد اللقاء الذي جمع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، مع الرئيس الأميركي جو بايدن في سان فرانسيسكو العام الماضي، تم استئناف الاتصالات العسكرية بين الطرفين.

مع ذلك فإن الولايات المتحدة لا تكف عن مخططاتها لمحاصرة الصين والتضييق عليها، خصوصاً عبر تشكيل تحالفات معادية، لصيقة لها في الجغرافيا، وهنا يبرز بشكل أساسي بحر الصين الجنوبي.

الحديث حالياً يدور عن محاولات واشنطن تشكيل تحالف جديد يضم كلاً من الفلبين واليابان، ولا يخفى أن الهدف هو الصين، وبما يقوض كل ما تدعيه واشنطن حيال نياتها التعاون، وليس التصادم، مع الصين. وهذا التحالف والذي لا يزال غير معلن على غرار سابقه، “تحالف أوكوس 2021” من شأنه مفاقمة التوترات في منطقة المحيطين الهادي والهندي.

وحسب ما أوردته وسائل الإعلام من معلومات خلال الأيام الماضية فإن اليابان ستحظى، في هذا التحالف، بدور غير مسبوق، في المنطقة وبما يوسع وزنها الأمني. وهنا يربط المراقبون بين هذا الدور وبين ما بدأته اليابان في عام 2022 بخصوص مضاعفة إنفاقها العسكري.

يشار هنا إلى اللقاء المرتقب الذي سيجمع بايدن مع رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، يوم الأربعاء المقبل، حيث من المتوقع أن يعلن بايدن عن خطط لـ«إعادة هيكلة القيادة العسكرية الأميركية في اليابان، لتعزيز التخطيط العملياتي والتدريبات بين البلدين» وفق صحيفة فايننشال تايمز البريطانية نقلاً عمّا سمته مصادر مطلعة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة واليابان تخططان لرفع تحالفهما الأمني إلى مستوى غير مسبوق منذ نحو 60 عاماً، أي منذ توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بينهما عام 1960.

وفعلياً، لا تخفي أميركا ولا اليابان هدفها من تعزيز التعاون، وقد أعلنتا غير مرة أن الهدف المشترك هو مواجهة «التهديد المتزايد من الصين والذي يتطلب من جيشهما التعاون والخطيط بصورة أكبر ولا سيما فيما يخص تايوان».

وبعد اللقاء المرتقب بين بايدن وكيشيدا، فمن المتوقع عقد قمة ثلاثية، هي الأولى من نوعها، تجمعهما مع رئيس الفلبين، فرديناند ماركوس “الابن” في واشنطن.

وحسب وسائل الإعلام اليابانية فإن هذه القمة ستتطور إلى «تحالف أكثر أهمية» من «الحوار الأمني الرباعي» الذي يجمع أميركا والهند وأستراليا واليابان… وأيضاً أكثر أهمية من تحالف أوكوس الذي يضم أميركا وأستراليا وبريطانيا.

ووفق صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، سينتج عن القمة الثلاثية تعزيز ما سمته «استراتيجية أميركا للمحيطين الهادي والهندي» والتي تشمل حشد الحلفاء والشركاء لمواجهة ما تسميه واشنطن «البصمة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية المتزايدة للصين في المنطقة».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار