صناعة الحلويات الرمضانية في المنزل تنشر البهجة والفرح في نفوس الأطفال
دمشق- بشرى سمير:
رغم أن تناول الحلويات من طقوس شهر رمضان والعيد الأساسية، إلا أن أغلب الأسر باتت غير قادرة على شرائها أو حتى صناعتها في المنزل كما العادة في السنوات الماضية وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية من سكر وطحين وسمن.
تحايل على الواقع
وتوضح (أسماء) ربة منزل أنها اعتادت أن تصنع المعمول في المنزل، لكن ارتفاع أسعار الجوز واللوز والفستق جعلها غير قادرة على صناعة الحلويات أو التفكير في الأمر، خاصة أنها من عادات الأسر العربية الرئيسية في رمضان إلا أن عدم امتلاكها المال يحرمها من هذا كله، لكنها بسبب إلحاح أولادها سوف تستبدل صناعة المعمول بصناعة العوامة لكونها أقل تكلفة ولحاجة أولادها لتناول السكريات بعد صيام الشهر الفضيل.
ولفتت (سهام) إلى أن سعر كيلو الجوز يصل إلى حوالي مئة ألف ليرة والسمن البلدي إلى 100 ألف ليرة، والطحين 12 ألفاً والسكر 16 ألفاً، وهي أرقام كبيرة جداً قياساً إلى دخل زوجها المحدود الذي لا يمكنها من إعداد كميات كبيرة من أجل الضيافة.
صاحب أحد محال بيع العوامة والقطايف بيّن أن أغلب الناس باتوا يشترون العوامة لرخص ثمنها قياساً بالقطايف خاصة في رمضان، والتوقف عن أهم نوع من الحلويات المرتبطة برمضان، وكذلك التوقف عن ممارسة تقليد راسخ كبروا عليه منذ نعومة أظفارهم، أو شراء كميات قليلة للغاية منها.
وتشير (السيدة نوال) إلى أنها في كل عام وقبيل عيد الفطر بأيام تقوم بإعداد المعمول في المنزل لبيعه، لكنها هذا العام سوف تعده بطريقة مختلفة، حيث سوف تقلل كمية السكر والفستق من أجل تخفيض تكلفة القطعة، لتتمكن الأسر من الشراء لكونها تنتظر شهر رمضان والعيد من أجل مساعدة زوجها في كسب رزقه في ظل الغلاء الكبير الذي نشهده، وتتابع نوال: لولا صناعة حلوى العيد، التي نشتغل بتجهيزها أنا وأفراد الأسرة قبيل عيد الفطر لما كانت السعادة تدخل بيتنا خلال العيد، وتشير إلى أنها في الأيام العادية تشارك في بازرات ومعارض تراثية ومأكولات شعبية في محاولة منها لتسويق ما تقوم بإنتاجه، وكسب المال لتحسين معيشتها ومساعدة أسرتها، مبينة أنها افتتحت صفحةً عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” لترويج منتجاتها.
عروض
فيما نشرت (رزان) عبر مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً بينت فيه أنها مستعدة لإعداد الحلويات لأي سيدة ترغب، شريطة أن تقوم ربة المنزل بإحضار مستلزمات الحلوى المطلوبة كلها، وهي تنجزها خلال مدة محددة وتأخذ أجراً عن كل كيلوغرام تقوم بإعداده، مضيفة إنها تصنع المعمول بنوعيه بالجوز والتمر، إضافة إلى (الغريبة والبيتي فور والبرازق) وبعض أنواع المعجنات مثل الكاتو والبسكويت والكلير.
ضعف القدرة الشرائية
بعض أصحاب محال الحلويات أكدوا أن هناك تراجعاً في شراء الحلويات الجاهزة أو المعمول، في حين هناك إقبال على شراء المواد الأولية من سكر وسمنة أو زيت، وأن أغلب الأسر عادت لتصنع الحلويات في منازلها في سعيها للتوفير وخاصة مع الارتفاع الكبير بأسعار الحلويات الشرقية والمعمول.
من جانبه أكد صاحب محل مكسرات أن زيادة الطلب على المكسرات وخاصة اللوز وفستق العبيد لانخفاض أسعارهما بالنسبة إلى الفستق الحلبي، الذي يعد المكون الرئيسي لحشوة الكثير من الحلويات، مؤكداً أن صناعة حلويات الأعياد في المنازل تقليد قديم في المجتمع السوري يحرصون على الاستمرار فيه وإحيائه.
باحثة اجتماعية: تمنح الكثير من الطاقة الإيجابية
ترسم الفرح
بينما عدّت الباحثة الاجتماعية سوسن السهلي صناعة الحلويات في المنزل أنها ألذ من تلك التي يتم شراؤها من السوق عادة, حيث يمكن صنع الحلوى نفسها بأخذ المقادير الخاصة بها, مع تجنب وضع المواد الكيميائية المصنعة التي تضعها معظم المحال لجذب انتباه الزبون أو زيادة مدة صلاحيتها، ويمكن صنع حلوى قليلة الدسم وخالية من المواد المصنعة باستخدام مكونات طبيعية, وأكثر صحية مع أدوات أكثر تعقيماً ونظافةً.
ولفتت السهلي إلى أن إعداد الحلويات في المنزل له مزايا عديدة وفوائد غذائية ومعنوية، ولعل أهمها أنّ إعداد الحلوى منزلياً يمنح الكثير من الطاقة الإيجابية سواء للأشخاص الذين يتناولون هذه الحلوى، أم الأشخاص الذين يقومون بإعدادها، كما أنها ترسم الفرح على وجوه الأطفال الذين ينتظرون بفارغ الصبر لتذوقها، ورغم أن إعداد الحلويات في المنزل متعة لربة الأسرة، إلا أنه يضفي جواً من المرح والمتعة ولا تكتمل فرحة العيد إلا به خاصة للأسر محدودة الدخل.