القمة العربية وتنافس الممرات التجارية الدولية
تعتبر جامعة الدول العربية بيت العرب كلهم، وتُعقد قمتها القادمة وحسب تصريح أمين عام الجامعة، أحمد أبو الغيط، في البحرين الشقيقة بتاريخ 16/5/2024، فهل تترجم القمة رغبات الشارع العربي من المحيط إلى الخليج؟ ويكون لنا مشاريعنا الاقتصادية ضمن المشاريع الدولية التي تتنافس في منطقتنا (الحزام والطريق وممر الشمال والجنوب والممر الهندي) وغيرها؟!
تترافق القمة مع تحولات جيوسياسية وتغير موازين القوة العالمية السياسية والاقتصادية، والدليل تصريح الرئيس الفرنسي (ماكرون) مؤخراً بأن “أوروبا قد تموت ويجب أن لا تكون تابعة لأمريكا”، ولمنطقتنا أهميتها الدولية وخاصة موقعها وامتلاكها الاحتياطي الأكبر من مصادر الطاقة الأحفورية، ولذلك فالمشاريع الدولية تتنافس حول شرق المتوسط (الشرق الأوسط) ولاسيما منطقة (البحر الأبيض والأحمر والخليج) وترجم هذا عمليا بالرغبة الأطلسية ببناء مرفأ عائم في (غزة الصامدة) متناسين الإجرام الصهيوني وقتله الأبرياء، وتجاوز أعمال الفاشية والنازية ورغم هذا تتسابق الدول الأطلسية لتقديم كل المساعدات للكيان الصهيوني، وتزيد من تواجدها لدعمه في البحر الأبيض و الأحمر؟،بدليل أن مرفأ غزة العائم يتجاهل آراء الدول المطلة على البحر الأبيض /22/ دولة ومنها /8/ دول عربية: سورية ومصر ولبنان وفلسطين والجزائر وليبيا والمغرب وتونس، فهل تناقش قمة الجامعة هذه التحولات الجيوسياسية والخرائط التجارية لتحويل المزايا العربية النسبية إلى مزايا تنافسية، تزيد من قوة العرب بأجمعهم؟ ، ونتجاوز تداعيات المخططات الغربية -الصهيونية وما يُدعى بالربيع العربي وهو ربيع صهيوني 100%، ولا نزال نعاني ولكن أكثر مَن تعرض للضغوطات الغربية هي سورية منذ سنة /2011/ وهي من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية وهي مجال خصب للاستثمار من خلال موقعها في غرب قارة آسيا وصلة وصل بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتجاور لبنان والعراق والأردن وفلسطين وتركيا، وبحدود طولها /2413/ كلم منها مع البحر الأبيض المتوسط /183/ كلم وعن طريقه ترتبط مع البحر الأحمر والمحيطين الهندي والاطلسي، وينسجم هذا مع رؤية السيد الرئيس بشار الأسد سنة /2004/ حول لقاء البحار الخمسة (الأبيض والأحمر والأسود والخليج وقزوين)، وهي مركز لطريق الحرير منذ القدم ويمكن اعتمادها حالياً كصلة وصل في مشروع النقل العملاق ( ممر الشمال والجنوب INSTC) بتفرعاته الثلاث وهي “المسار الأوسط والشرقي والغربي، والتي تتضمن كل أو أغلب الدول الموجودة بين روسيا والصين وإيران والهند وباكستان ودول آسيا الوسطى الخمس والقوقاز ومن بحر قزوين وحتى بحر عمان، وبطول /7200/ كلم، ويساعد في هذا الإسراع في تنفيذ الاتفاق بين إيران والعراق وسورية، حول الربط السككي بينها مما يساعد في وصول السلع إلى البحر الأبيض المتوسط و دول العالم، وهنا تكمن مصلحة العرب جميعاً وللأسباب التالية: الدعم الكبير الذي يحظى به مشروع (شمال – جنوب) من دول (بريكس وشنغهاي والاتحاد الأوراسي) وهي من أكبر المنظمات الاقتصادية الدولية، وهذا الممر يركز على /3/ مرتكزات اقتصادية أساسية وهي الطاقة والتصنيع والسوق الواسعة، وللعرب علاقات قوية مع روسيا والصين وإيران، ومشروع (الشمال – الجنوب) يحظى باهتمام كبير من قبل هذه الدول، وتنفيذ هذا المشروع سيسهم بشكل مباشر في تأسيس عالم متعدد الأقطاب ويضع حداً لسيطرة القطبية الأحادية والليبرالية المتوحشة ومقولة نهاية التاريخ للكاتب الأمريكي ذي الأصل الياباني (فوكو ياما ) بأن الأطلسي الغربي مركز العالم وأن العالم كله يدور في الفلك الأطلسي، وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة /1991/، لكن ( دوام الحال من المحال) وقد تغيرت موازين القوة الدولية ولم تعد كما كانت في تسعينات القرن الماضي، والدليل أن القوى الغربية قامت (كردة فعل) باعتماد مشروع (الممر الهندي) وعلى هامش اجتماع مجموعة العشرين بتاريخ 9/9/2023 لوضع العراقيل أمام الصين وروسيا وإيران وغيرها في المنطقة وترافق مع عقوبات أطلسية من طرف واحد ومخالفة للشرعية الدولية وبما يخدم التحالف الصهيوغربي ..إلخ، وبالمقابل اختزلت المواقف الأمريكية ما يجري في فلسطين الحبيبة ببناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة متناسين التطهير العرقي والتدمير التي يخجل منها التاريخ البشري، فهل يكون لنا كعرب بصمتنا الاقتصادية والسياسية ونتحالف لنؤكد للعالم أن قوة المنطق هي التي يجب أن تسود وليس منطق القوة، ونحن نملك كل متطلبات تحقيق ذلك هذا ما نتمناه ونرجوه في القمة القادمة.