نويل مكافي.. حين تنخرط الفلسفة النسائية في الحركة التضامنية مع غزة
تشرين- إدريس هاني:
ليس من باب الاستثناء، فلقد كانت الفلسفة منذ نشأتها مُناضلة، اليوم يبدو ذلك واضحاً، حين انتشرت صورة ويل مكافي (Noëlle McAfee)، رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري في (أتلانتا الأمريكية)، مقيدة بالأصفاد تعتقلها الشرطة بسبب مشاركتها في الاحتجاجات المساندة لفلسطين، وفي موجة اجتاحت الجامعات الأمريكية، ثمة حركة نشطة غير مسبوقة، تتبلور في اتجاه مزيد من الإنصاف للقضية العادلة، تتحدّث بعض وسائل الإعلام، عن التحدي الذي تواجهه تلك الجامعات، وعليها أن تختار بين حرية التعبير أو أموال اللوبي الصهيوني.
بالنسبة لنويل مكافي، فيما ذهب إليه إدواردو ميندييتا
( Eduardo Mendieta)، تركّز على (المجال العام في الأوقات المظلمة، وتحديداً على الدوافع الراديكالية خلف تصور هابرماس للمجال العام، والذي لا يزال نموذجاً مفيداً، كما تُجادل، للتنافس السياسي والمداولات اليومية العامة، وبالنسبة لها، قد يمنحنا فهم هابرماس للمجال العام بعض الأدوات لجعل أنفسنا نقاوم “التفاهة” و“ألأخبار الكاذبة).
لعلها اليوم أدركت جانباً من تلك الخلفيات الراديكالية، وهي تشارك كفيلسوفة نسائية، لعلها كانت في مقاربتها تلك أكثر إنصافاً وتحقيقاً في مفهوم الاضطهاد.
قدمت نويل مكافي أعمالاً حول هابرماس وكريستيفا، كما قدمت كتاباً حول الديمقراطية واللاّوعي السياسي، فضلاً عن عدد من الأبحاث، ولاسيما في الفلسفة النسوية.
لأنّها نسائية استثنائية، قدّمت أطروحة كاملة عن المفاهيم والمناهج والأطر المعرفية للنسوية كحركة سياسية، محققة في حيثيات الإضطهاد ومفهومه، فهي تنطلق في تصورها للديمقراطية-ولها اشتغال تحت عنوان: الديمقراطية وإلاّ – منحدر من فلسفتها النسوية.
خرقت نويل مكافي القبة الحديدية لكل الخلفيات المظلمة حقاً، والتي تهدد أسس التحرر ومناهضة الميز العنصري والعدالة الإنسانية، لقد خرقت النّفاق الغربي، ولكنها في الوقت نفسه تقدّم صورة عن الضغوط المهولة التي يواجهها المثقف الغربي الحرّ، حينما يخرق القبة الحديدية للنّفاق، إنّنا أمام حالة من الماكارتية الجديدة.
وفي الوقت نفسه، تقدم نويل مكافي الصورة النّضالية الحرّة، التي تدحض صورة الازدواجية والبؤس: موقف هابرماس، كما تقدّم مثالاً آخر عن كل الحركات المناهضة للاضطهاد ، في تلكُّئها وصمتها المُلتبس، وهي أيضاً نزلت كفيلسوفة مناضلة، تدحض مواقف متردّية لـ”مثقفين” عرب أو”كروازي”، الطاهر بن جلّون مثالاً.
يصعب الحديث عن نهاية المثقف في الغرب، على الرغم من كلّ هذا الاضطهاد الذي خرق النّسق المعرفي والسياسي، ثمة مشارب لا زالت حيّة، الحاجة ماسة إلى نيتشه لرجّ الميتافيزقا السياسية الغربية، هذه الحاجة نبّهنا إليه مراراً، ليس آخرها (مقال: نيتشه والمُعلّقات)، الفكرة التي ألهمت بعض المسطولين الذين لا يميزون بين الفلسفة والحقد، نيتشه مُلهم الفرسان، إن كان هبرماس يزعم أن الحداثة مشروع لم ينجز، فتنجيزه يقتضي تحيينا نيتشيا بامتياز.