الثروة الحيوانية في سورية تتراجع بنسبة حوالي 40%.. والغرب يدفع بسلالات غير صافية لإفساد ترميم القطيع
تشرين- رانيا أحمد:
قطاع الثروة الحيوانية أحد القطاعات المهمة في الزراعة والاقتصاد السوري، لدوره في تحقيق الأمن الغذائي، ومساهمته الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفيره حاجة السكان من البروتين الحيواني، إلا أن هناك الكثير من الأمور التي أدت إلى تدهور الثروة الحيوانية نتيجة الحرب الجائرة ضد سورية.
مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة محمد خير اللحام بين أن الزراعة تعدّ قطاعاً مرتبطاً مع كافة القطاعات، لعلاقتها الترابطية مع الموارد الطبيعية التي تستخدم في توفير حاجة المواشي من المراعي الطبيعية، وعلاقتها مع الصناعة في توفير المواد الأولية اللازمة لتصنيع اللحوم ومشتقات الحليب، وفي صناعة الجلود والصوف وإعادة تدوير المخلفات الناتجة عن المسالخ، وفي استخدام مخلفات الثروة الحيوانية في صناعة الأسمدة العضوية اللازمة لزيادة خصوبة التربة وتحسين إنتاجيتها.
ارتفاع وتيرة التهريب
وعن أهم أسباب استنزاف قطيع الثروة الحيوانية أوضح اللحام أن الحرب الجائرة التي عانى منها القطر تأتي في مقدمة الأسباب، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة التهريب والاتجار غير المشروع بها، وغلاء مستلزمات التربية والإنتاج، إذ تشكل التغذية وحدها من 70-75% من إجمالي تكاليف التربية، مقدراً نسبة انخفاض الثروة الحيوانية بـ 30% من قطيع الأغنام، و40% من قطيع الأبقار.
التغذية تشكل من 70-75% من إجمالي تكاليف الاستثمار في تربية الماشية
وأدى ارتفاع أسعار المواد العلفية، إلى لجوء بعض المربين لبيع بعض القطيع لإطعام البقية، مع وجود حدود مفتوحة ضمن المناطق التي تقع خارج سيطرة الدولة، ما سهل عمليات التهريب لقطعان الثروة الحيوانية، وخاصة الأغنام ، حيث يعدّ عرق العواس الموجود لدينا مرغوباً جداً في كثير من الدول ناهيك بالأسعار المرتفعة للأغنام المعدة للتهريب التي تقدر بأضعاف أسعارها في القطر.
بالأرقام
حسب إحصاءات وزارة الزراعة قدرت أعداد الثروة الحيوانية في عام 2010، بحوالى 1.01 مليون رأس بقر، و15.5 مليون رأس أغنام، و 2.05 مليون رأس ماعز، أما في العام 2016 فقد انخفض عدد الأبقار إلى 883.8 ألف رأس، والأغنام إلى 13.8 مليون رأس، والماعز إلى 1.85 مليون رأس، وفي العام 2022 أصبح عدد رؤوس البقر 852.7 ألف رأس، والأغنام 17 .8 ملايين رأس، والماعز 2.02 مليون رأس.
جهود لمواجهة التهريب
وتحدث اللحام عن دور وزارة الزراعة بالتعاون مع الجهات الأخرى من خارج الوزارة، باتخاذ جملة إجراءات لتنظيم حركة قطعان الثروة الحيوانية داخل القطر، هدفت إلى تسهيل مرور القطعان داخلياً من جهة، والحد من عمليات التهريب من جهة أخرى.
خوجة: الغرب يرسل إلينا سلالات غير صافية «مغربلة» من الأبقار على أساس أنها محسّنة
والسماح بتصدير ذكور أغنام العواس والماعز الجبلي طوال العام باستثناء فترة التكاثر الممتدة من (1/12 ولغاية 31/3) ، من كل عام وفق ضوابط تحددها الوزارة، بهدف الحد من عمليات التهريب لقطيع الأغنام، وتجنباً لحرمان خزينة الدولة من عائدات تصدير الأغنام من القطع الأجنبي، فضلاً عن تأمين دخل جيد للمربين تسهم في تحسين وضعه والاستمرار في عملية التربية.
ترميم الثروة الحيوانية
وأشار اللحام إلى أن الوزارة متمثلة بالمؤسسة العامة للمباقر، قامت باستيراد الأبقار البكاكير، ذات الإنتاجية المرتفعة والصفات الوراثية عالية القيمة، لرفد القطيع المحلي ونشر تلك الصفات في الحقل، حيث استوردت المؤسسة خمسة آلاف بكيرة في عام 2017 وزعت منها /2000/ بكيرة للمربين عن طريق المصرف الزراعي بموجب قروض ميسرة ودعم سعري، وحالياً المؤسسة بصدد استيراد /1000/ بكيرة.
في اتجاه تحسين الإنتاجية
يعدّ مشروع نشر وتعميم التلقيح الاصطناعي من المشاريع المهمة والمجانية التي تقوم بها مديرية الإنتاج الحيواني وفقاً للحام، والذي يهدف إلى تحسين إنتاجية الوحدة الحيوانية من اللحم والحليب وبالتالي زيادة المردودية للمربين وتحسين دخلهم من خلال الحصول على مواليد ذات صفات وراثية جيدة.
وأكد اللحام أن الآثار الإيجابية للإجراءات السابقة، تعتمد بشكل أساس على تحسين إنتاجية سلالاته المحلية وعلى الموارد الطبيعية، والتكامل مع قطاع الإنتاج النباتي بما يحقق مساهمة فعالة في الاقتصاد الوطني، وتخفيض الفقر الريفي ورفع مستوى الأمن الغذائي.
وشدد اللحام على أهمية الثروة الحيوانية ومنتجاتها ودورها المهم في الاقتصاد الوطني، وتشغيل اليد العاملة، وتوليد الدخل لقسم كبير من سكان الريف، وتحقيق الأمن الغذائي وتأمين البروتينات الحيوانية، وإمداد الصناعة بالمواد الأولية، وتأمين القطع الأجنبي من صادرات المنتجات الحيوانية، وتوفير فرص عمل في كامل السلسلة من الإنتاج إلى التسويق، مقدراً مساهمة الانتاج الحيواني بنسبة ٣٦٪من قيمة الإنتاج الزراعي الذي يسهم بدوره بنسبة٣٩٪ من الناتح المحلي الإجمالي.
دورها في الأمن الغذائي
ولفت اللحام إلى أهمية المنتجات الحيوانية وقيمتها الغذائية العالية، وحاجة الجسم الماسة لها، حيث يعد الغذاء حيواني المصدر مكوناً رئيساً لا يمكن الاستغناء عنه في مرحلة النمو والنشأة، وهو يشكل من خلال أحد أهم مصادره، أي الحليب، المصدر الغذائي الوحيد للأطفال الرضع، إضافة إلى تأمين اللحوم التي تعدّ مصدراً مهماً للبروتين الحيواني.
دعم محدود
أما الدكتور حسان خوجة من كلية الزراعة في جامعة تشرين، فأكد أن أهم أسباب استنزاف قطيع الثروة الحيوانية وبالتالي تضاؤل الإنتاج كما يرى، هو ارتفاع تكاليف الإنتاج فمثلاً، طن العلف كان بمئة ألف ليرة سورية، ليرتفع إلى 10.7 ملايين ليرة، كذلك الدعم المحدود من قبل الدولة بشؤون تطوير الثروة الحيوانية، وأهمها تأمين المازوت المدعوم، لكنه يعطى بكميات محدودة غير كافية للتدفئة والإنارة ولا حتى التهوية.
سياسة الاستيراد الخاطئة تحول دون القدرة على الاستنباط سواء في الإنتاج الحيواني أم النباتي
يضاف إليها ضعف القوة الشرائية للمواطن وبالتالي عدم استهلاك المنتج، الأمر الذي يؤدي إلى فائض، وهذا بدوره ينعكس على المربي و دورة الإنتاج، فعندما تتوقف دورة الإنتاج ترتفع الأسعار، الأمر الذي دفع بالكثير من المربين للإقلاع عن تربية المواشي.
وتابع خوجة قائلاً: كذلك ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية، يضاف إليها زيادة أجور العمال والنقل، كل ذلك يندرج تحت بند إضعاف الثروة الحيوانية.
سلالات غير صافية
وكشف خوجة موضوع غاية في الأهمية، وهو موضوع السلالات غير الصافية المغربلة من الأبقار المستوردة، التي ترسل من الغرب على أساس أنها محسّنة، ليتضح فيما بعد أنها من الصنف اللمفاوي، معرباً عن أسفه الشديد لأن ذلك يندرج على كل شيء مستورد، بما فيه البذور النباتية، وتالياً فإنّ مجمل هذه الإجراءات أدت لإنتاج قليل متدهور، وأسعار مرتفعة.
منع الاستنباط
كذلك أشار خوجة إلى سياسة الاستيراد الخاطئة التي تحول دون القدرة على الاستنباط، سواء في الإنتاج الحيواني أم النباتي، رغم توفر كل الإمكانات الفنية والبشرية والتقنية والعلمية.
أما بالنسبة لرفد خزينة الدولة بالقطع الأجنبي العائد من الثروة الحيوانية، فيرى خوجة أن ذلك لن يتحقق إلّا بزيادة الإنتاج، ورخص اليد العاملة، فعندما يزيد الإنتاج نستطيع منافسة الخارج.