ارتدادات حرب غزة تتجاوز الجغرافيا السياسية وتستحوذ على مجموعة العشرين.. وسيناريوهات على حروب ومفاجآت غير متوقعة
تشرين- يسرى المصري:
حرب غزة.. لا أحد يستطيع أن يتوقع الى أين ستصل الأمور وما حجم التداعيات..لكن الأمر لن يقف عند مجموعة العشرين التي قسمتها حرب غزة بشكل واضح ، وباتت تنذر بشلل في اجتماعاتها ومما يزيد من تعقيد اجتماعاتها هو أن الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا قارن حرب “إسرائيل” على غزة بإبادة أدولف هتلر لليهود خلال المحرقة.
التصريحات البرازيلية قوبلت بضجيج إعلامي لافت ترافق مع تولي البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين، أضف إلى ذلك ردود أفعال عدة دول في أمريكا اللاتينية التي قامت بسحب سفرائها من “إسرائيل”، بينما رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.
ويرى مراقبون أنّ مجموعة العشرين منقسمة بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لدرجة أنها قد تقلص نطاق اجتماعاتها للعام الجاري، وتتجنب القضايا الجيوسياسية تماماً، رغم أن إزالة جميع المواضيع السياسية الحساسة من بيانات مجموعة العشرين من شأنه أن يقلل من أهمية الاجتماعات. لكن ذلك سيمنح المجموعة فرصة للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضايا أخرى.
بصيرة دا سيلفا
يرى محللون في البرازيل أنّ الحرب على غزة ستولِّد حروباً لا نهاية لها بحسب بصيرة بوريل ودا سليفا، وهي بصيرة تجاوزت الجغرافيا العربية.
وبينما يرد نتنياهو على دا سلفا معتبراً أن قتل 100 ألف فلسطيني لإنجاز المهمة في رفح سيكون ثمناً متواضعاً للنصر . يؤكد دا سيلفا أن طبقات اليمين الإسرائيلي أنتجت ما هو أسوأ من النازية، وهي حركة لن تكتفي بإراقة دماء الفلسطينيين في قطاع غزة.
ووفق خلاصة ما قاله دا سيلفا في خضم الخداع الاستراتيجي الأمريكي التي تجاوز 30 عاماً؛ يتم التحذير مما سيحيق بالمنطقة إذا لم يتم إيقاف الاحتلال الإسرائيلي. فما حدث للشعب الفلسطيني في قطاع غزة لم يحدث أبداً في أي وقت من الأوقات في التاريخ. في الواقع؛ حدث ذلك عندما قرر الزعيم النازي أدولف هتلر قتل اليهود”.
ويشارك داس يلفا البصيرة الكثير من دول أمريكا اللاتينية أن الجنون والغرور الإسرائيلي يتجاوز كل التوقعات، فقادة الاحتلال واضحون في أهدافهم لدرجة أن دول أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا الجنوبية والوسطى لا تقل وضوحاً في توصيف الإجرام الصهيوني.
الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، قال بوضوح خلال مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا، إنّ “إسرائيل” لا يمكنها هزيمة “حماس” بالقتال.
تصريحات الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا لم تأتِ من فراغ وإنما من بصيرة سياسية محنَّكة وخبرة في قضايا الشرق الأوسط وأفريقيا ، حيث جرت أعمال القمة السابعة والثلاثين للاتحاد الإفريقي، بعد أن رفضت السماح لوفد الخارجية الإسرائيلية بالمشاركة في أعمال القمة 37 أو الدخول إلى أروقته.
في حين أن مؤتمر ميونيخ وضع حرب غزة على قمة أولولياته واهتماماته لهذا العام؛ بعد أن كانت في ذيل أجندته طوال الأعوام الماضية، بعد أن بلغت ارتداداتها القارة الأوروبية وعواصمها التي تشهد احتجاجات، في حين تعاني أسواقها وموانئها من اضطرابات البحر الأحمر.
نتنياهو الذي أزعجته تصريحات دا سلفا لم يُلقِ بالاً لتصريحات جوزيب بوريل، أو لدعوات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لإدخال المساعدات الى قطاع غزة. فهو ما زال يهدد بشن عملية واسعة في رفح جنوب قطاع غزة، مستذكراً مقتل 100 ألف مدني فيلبيني خلال اقتحام الجيش الأمريكي تحصينات الجيش الياباني في العاصمة مانيلا.
وما حدث فعلاً أن اجتماع وزراء خارجية المجموعة في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل كان على قائمة عناوينه الصراع في الشرق الأوسط.
ومنذ 7 / تشرين الأول الماضي، وجيش الاحتلال الإسرائيلي يشن حرباً مدمرة على غزة، خلَّفت أكثر من 29 ألفاً و195 شهيداً و69 ألفاً و170 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقاً للإحصاءات الفلسطينية.
رئاسة لولا دا سيلفا
وبينما تمثل مجموعة السبع الولايات المتحدة وحلفاءها الرئيسيين، فإن مجموعة العشرين تجمع دولاً من مختلف الأطياف، بينها الصين، وبالتالي تصبح بؤرة للنزاعات العالمية.
وتضم مجموعة العشرين 19 دولة هي الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
إبادة جماعية
وفي الفترة التي سبقت اجتماع وزراء الخارجية، وكذلك اجتماع وزراء المالية ، قال مسؤولون يمثلون الدول النامية، بما في ذلك جنوب أفريقيا والبرازيل، إنهم يريدون أن ينعكس موقفهم المتمثل في أن “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في أي بيانات مشتركة تصدر عن المجموعة، وفقاً لوكالات.
وتابعت أن هذه الصياغة تم رفضها من جانب دول عديدة أخرى في المجموعة، بينها الولايات المتحدة وألمانيا، ومن المحتمل إصدار بيان واحد في نهاية رئاسة البرازيل للمجموعة وليس بعد كل اجتماع وزاري كالمعتاد.
وكان سكرتير الشؤون الاقتصادية والمالية بوزارة الخارجية البرازيلية ماوريسيو كارفالو ليريو أكد أنَّ الوزراء المشاركين في الاجتماعات سيصدرون تقريراً وليس بياناً.
ويعني ذلك أيضاً أن مجموعة العشرين ستعيد التركيز على هدفها الأولي المتمثل في تعزيز التعاون الاقتصادي والمرونة المالية، لمنع تكرار الأزمة المالية العالمية.
لكن كارفاليو ليريو أصرَّ على أنّ الجغرافيا السياسية والأزمات ستظل الموضوع الرئيس للمناقشة في اجتماعات ريو دي جانيرو المغلقة، وسيركز الوزراء أيضاً على إصلاح الحوكمة العالمية، بما في ذلك تجديد مؤسسات مثل صندوق النقد ومجلس الأمن الدوليين، وهو مجال رئيسي يثير قلق البرازيل المضيفة.