خيرات الطبيعة

لم تكن مُحرجة أو مترددة وهي تجوب بهمة ونشاط بين حقول الزيتون المترامية على أطراف المدينة، لتحصلَ على رزقها من خيرات الطبيعة بتعب جبينها.
كان مقصد تلك المرأة جني نبات “الخبّيزة”، ليس لتأمين وجبة طعام لأسرتها فقط، بل لتبيع الفائض في السوق مقابل مردود يمكن أن يشكّل مصدر رزق داعماً للمعيشة.
حال هذه المرأة المكافحة ليست فريدة من نوعها، بل هناك مثلها الكثير في الأرياف، حيث ينشطن خلال فصل الشتاء وضمن مجموعات في جني العديد من النباتات التي تسهم الأمطار المبكرة والغزيرة في نموها بشكل طبيعي، مثل “الهندباء والعكوب والرشاد والكزبرة البرية”، وخاصةً في الأراضي المحجرة والبور وعلى أطراف الحقول.

وإن بعض النسوة لا يلاقين حرجاً من القيام بأنفسهن ببيع ما جنينه في أسواق خضار المفرق، أو من خلال بَسطهِ على أطراف الساحات والمحاور الطرقية الرئيسة ضمن القرى والمدن، وهناك من أصبحت لهن شعبية بين الناس الذين اعتادوا تواجدهن في مثل هذا الموسم واستساغوا ما يعرضن من نباتات برية، والمردود المتحقق لهن لا شك أفضل في حال البيع المباشر لعدم وجود وسطاء.
وفي حال كن لا يرغبن بمثل هذا البيع، فأسواق الهال مفتوحة أمامهن لطرح ما جادت به الطبيعة عليهن، علماً أن هذه الأسواق لا تتردد في شراء ما لديهن من نباتات لكونها طبيعية وتلاقي رواجاً لدى المستهلكين أكثر من مثيلاتها التي تتم زراعتها وتُعامل بالأسمدة والمبيدات.
ووفق العديد من المصادر، فإن هذه النباتات غنية بالفيتامينات والمعادن أكثر من غيرها، ويمكن أن تعزز مناعة الجسم وتساعد في الشفاء من بعض الأمراض، والكثير من الناس ينتظرون حلول موسمها لتناولها، فهي، عدا عن مذاقها المرغوب جداً، تكاد تكون من الموروث الشعبي كنباتات لها فوائدها الجمة.

بالعموم، إن المرأة غير الموظفة لم تقف على الحياد أو في موقع المتفرّج خلال الظروف المعيشية الصعبة التي نمرّ بها، بل عززت دورها أكثر إلى جانب الرجل كمعيل رئيس، وأحياناً كمعيل وحيد في بعض الأسر التي فقدت الرجل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار