حاملة الطائرات الأميركية «جيرالد فورد» ستغادر المنطقة… نتائج الميدان في غزة تكتب معايير المنتصر والمهزوم
تشرين – راتب شاهين:
يتصل العالم الجديد بالعام الماضي في قطاع غزة المحاصر والذي دخل في اليوم الـ88 من الحرب عليه، إذ يعمل مع بداية هذا العام الكيان الإسرائيلي على وصل الأيام ببعضها من خلال استمراره بقصف ما تبقى من أبنية ومشافٍ شامخة، حتى إنه يعيد مرات قصف الركام، هذا الركام تحول هناك في غزة إلى ساتر لمقاوم وإن لم يكن هذا المقاوم موجوداً خلف الساتر فشبحه وظله موجودان، حيث يعتقد بذلك الجندي الإسرائيلي، وخوفه من المقاومة يجعل حتى الأسير الفلسطيني المقيد في زنزانته والأسير الجريح مصدر خوف للإسرائيلي المسلح الذي يفرغ رصاصاته في جسد أسير، كاشفاً الطبيعة العدوانية التي يتغذى منها هذا الجندي الإسرائيلي، فالإعدامات الميدانية تجري في قطاع غزة بحق الأسرى الفلسطينيين بلا حسيب، كما لا يُسمع صوت ينتقد من داعمي الكيان لهذا الإجرام الذي تخطى كل الحدود، هذا السقوط الإنساني لابد له من كتابة معايير المنتصر والمهزوم في حرب امتدت عقوداً طويلة.
الكيان يتجاهل قراءة نتائج الميدان الحقيقية ويريد فرض شروط «المنتصر»!
لم يحدث في العام الجديد أي تغيير على مسار الصفقة بين طرفي الصراع – المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي- فالمراوحة مستمرة وكذلك العناد الإسرائيلي الذي يريد فرض شروط «المنتصر» رغم ما لحق به من هزائم، في معارك كل همّ الجندي الإسرائيلي ألا يقع في الأسر أو يعود على قدميه إلى الخطوط الخلفية.
الكيان يتجاهل قراءة نتائج الميدان الحقيقية، وأقله ما فعلته المقاومة التي كسرت من جبروت الاحتلال العسكري كما الإعلامي، وكسرت الصورة النمطية في أذهان الشعوب عن «إسرائيل»، كل ذلك دفع الكيان العابر إلى رفض مقترح قدمته المقاومة الفلسطينية عبر وسطاء لإبرام صفقة جديدة – حسب تقارير إعلامية- قائمة على 3 مراحل، وتشمل انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة بمجرد بدء المرحلة الأولى.
كما أن المقترح الذي قدمته المقاومة يشمل عملية من عدة مراحل، حيث تطالب المقاومة في كل مرحلة بوقف إطلاق النار لمدة تزيد على شهر، مقابل إطلاق سراح أسرى إسرائيليين في غزة.
ووفق مسؤول في كيان الاحتلال الإسرائيلي، فإن المقاومة تطالب بأن يبدأ انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع في المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق، التي ستشمل إطلاق سراح حوالي 40 محتجزاً إسرائيلياً.
وحسب تقارير إعلامية فإن حكومة الاحتلال الإسرائيلي ناقشت هذا المقترح، وبعثت رسالة عبر الوسطاء مفادها أن الاقتراح غير مقبول.
مماطلة إسرائيلية..
الكيان الإسرائيلي، وخاصة رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، يرفض الإقرار بنتائج الحرب على غزة، لأسباب تتعلق بالجبهة الداخلية لـ«إسرائيل» أكثر منها خارجية او لأسباب عسكرية، فمماطلة نتنياهو في الاستمرار بهذا العدوان، ربما بدأت تزعج حتى الإدارة الأميركية، فقد أفادت قناة «إيه بي سي» الإخبارية الأميركية بأن حاملة الطائرات الأميركية «جيرالد فورد» ستغادر منطقة الشرق الأوسط في الأيام المقبلة.
ورجحت القناة أن تكون مغادرة القطعة البحرية الحربية الأكبر في العالم تعبيراً عن الاستياء الأميركي من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
طبعاً هذا لا يعني عدم مواصلة واشنطن دعمها اللامحدود للكيان الإسرائيلي من الأبواب الخلفية، وهذا ما أشار إليه السيناتور الديمقراطي تيم كين الذي قال: إن وزارة الخارجية الأميركية وافقت على صفقة أسلحة تشمل بيع قذائف مدفعية وعتاد عسكري آخر إلى «تل أبيب» من دون مراجعة الكونغرس.
إسناد جبهات المقاومة لغزة متواصل
غزة ليست وحيدة منذ اليوم الأول للعدوان عليها، فمن جبهة جنوب لبنان كان الدعم الأول، إذ تم إشغال الكيان بجبهة الشمال، حيث قيدت المقاومة الوطنية اللبنانية عدة فرق عسكرية إسرائيلية في الشمال، إضافة إلى زيادة الضغط على كيان الاحتلال من خلال نزوح مئات الآلاف من المستوطنين من شمال فلسطين إلى عمق الكيان، مروراً بما تقوم به المقاومة العراقية من استهداف لقواعد الاحتلال الأميركي في سورية والعراق حيث تقدم هذه القواعد دعماً لوجستياً للكيان الإسرائيلي، وصولاً الى البحر الأحمر، فقد نقلت وسائل إعلام عن مصادر عسكرية في اليمن أن عناصر حركة المقاومة اليمنية «أنصار الله» أطلقوا صاروخي «كروز » على سفينة حربية أميركية قرب جزيرة حنيش جنوب البحر الأحمر، من دون إصابة السفينة.
ووفقاً لوسائل إعلام، فقد اندلعت «اشتباكات عنيفة» بين السفينة الأميركية وزوارق حربية تابعة «لأنصار الله» في البحر الأحمر في ليلة سابقة، وذلك ارتباطاً بقرار المقاومة اليمنية «أنصار الله»، بعزمها على مهاجمة السفن المرتبطة بـ«إسرائيل» أو المتجهة إلى موانئها تضامناً مع غزة.
مشاريع كثيرة لغزة
الضباب الذي يحدثه قصف غزة يشوش الرؤية الإسرائيلية ومن لفّ لفيفها، كأن الكيان في هذه الحرب غير منكسر وكأن المقاومة ستقبل بكل المشاريع التي تُعد لسكان غزة المقاومين، فما يرشح من تفكير وخطط جيش الكيان الإسرائيلي ينم عمن لم يستيقظ بعد مما أحدثته «طوفان الأقصى»، فالكيان يخطط لإسناد مهمة إدارة قطاع غزة لفترة مؤقتة إلى «عشائر فلسطينية معروفة للشاباك»، في إطار خطة تتضمن تقسيم القطاع إلى مناطق تحكمها هذه العشائر وتقوم ببعض المهام هناك.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن هذه الخطة هي لما بعد الحرب في غزة، إذ ستتولى تلك العشائر مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية وإدارة الحياة المدنية في غزة لفترة مؤقتة، كما يأتي في هذا السياق نبش اسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من الماضي.
بلير القادم مع غبار تاريخ الجريمة البريطانية
لا يمر حدث على فلسطين إلا ونستذكر فيه جريمة بريطانيا العظمى، فرغم نفي رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير أي دور له في المرحلة القادمة – أي في اليوم التالي للعدوان على غزة- إلا أن على المقاومة والمنطقة أن تتوجس من «تكنيس» الغبار عن هذا الشخص، حيث يعتقد أن مجرد طرح اسمه يعني أن مؤامرة جديدة تحاك على سكان غزة والمنطقة، فالأدوار القذرة دائماً ما تسند إلى مثل هؤلاء الأشخاص، فالإعلام العبري كشف عن تولي بلير رئاسة فريق للعمل من أجل الإخلاء الطوعي للمواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة، وإجراء لقاءات ومشاورات مع عدد من الدول لاستبيان موقفها بشأن استقبال لاجئين فلسطينيين.. وإن صح هذا الكشف أم لا، فالمؤامرة خطرة والكذب يتحول إلى مخطط واقعي والضحية أكبر من قطاع غزة.