دندي: اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي تدفع المنطقة إلى تصعيد خطير وعلى مجلس الأمن وضع حدٍّ لها
أكد القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور الحكم دندي أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب في عدوانه على قطاع غزة المحاصر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بالتوازي مع مواصلة اعتداءاته على الأراضي السورية، ما يتطلب من مجلس الأمن وضع حد لهذه الاعتداءات، ومحاسبة المسؤولين عنها، الذين يدفعون المنطقة إلى تصعيد خطير لا يمكن التنبؤ بعواقبه أو تلافي آثاره الكارثية.
وقال دندي خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الشأنين السياسي والإنساني في سورية: من المؤسف أنه كان علينا الانتظار 50 يوماً حتى وصلنا إلى وقف مؤقت وجزئي للعدوان الإسرائيلي الإرهابي على قطاع غزة، وآلة القتل الإسرائيلية الوحشية التي برعت بقتل الأطفال، والنساء، والصحفيين، والعاملين الإنسانيين، وباستهداف المنازل، والمستشفيات، والمدارس، ومرافق الأمم المتحدة، وغيرها من الاعتداءات التي تشكل جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية متكاملة الأركان، مشيراً إلى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير هذا العدوان بذريعة “الدفاع عن النفس”، فما قام به الاحتلال كان عبارة عن جرائم وتدمير متعمد شاهدته البشرية جمعاء وأثار اشمئزازها.
وأوضح دندي أنه بالتوازي مع ذلك، يمعن الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاته على الأراضي السورية، وأحدثها العدوان قبل يومين على مطار دمشق الدولي وعلى نقاط بريف دمشق، ما أدى إلى خروج المطار مجدداً من الخدمة، بعد ساعات فقط من إعادة تشغيله واستئناف حركة الملاحة، إضافةً إلى تهديد حياة المسافرين، وتعريض سلامة الطيران المدني للخطر، وتعطيل عمليات الأمم المتحدة الإنسانية.
وأعرب دندي عن إدانة سورية لهذه الاعتداءات السافرة التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي، مجدداً مطالبة مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته وإدانة هذه الاعتداءات ووضع حد لها، وضمان عدم تكرارها، ومحاسبة المسؤولين عنها، الذين يدفعون المنطقة إلى تصعيد خطير، لا يمكن التنبؤ بعواقبه أو تلافي آثاره الكارثية.
وأشار دندي إلى أن سورية ماضية بخطواتها الإيجابية، سعياً منها لتجاوز تداعيات الحرب الإرهابية عليها، حيث قامت هذا الشهر بتجديد الإذن الممنوح للأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة باستخدام معبري باب السلامة والراعي لمدة ثلاثة أشهر إضافية تنتهي في الـ 13 من شباط القادم، انطلاقاً من حرصها المستمر على تحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية لجميع السوريين، ووصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين بما في ذلك في الشمال الغربي.
وفيما يتعلق بعودة اللاجئين السوريين، بين دندي أن سورية وانطلاقاً من ترحيبها بعودتهم الآمنة والكريمة والطوعية إلى وطنهم، بدأت حواراً بناءً مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بهذا الشأن، مستعرضاً بعض الجوانب التي تفتح الأبواب أمام عودتهم، وهي تعزيز التواصل والتشاور مع الجهات المعنية بعودة اللاجئين وتحقيق وصول إنساني أكبر، وأوسع نطاقاً، ووجود مرن وقابل للتنبؤ للمفوضية، وخاصةً في مناطق العودة الرئيسية والنقاط الحدودية، وتمكين اللاجئين والنازحين داخلياً من اتخاذ قرارات حرة ومستنيرة، بشأن العودة في الوقت وإلى الوجهة التي يختارونها، واستخدام قناة التواصل والتشاور للتدقيق في الحالات التي يتم الإبلاغ عنها بخصوص العودة الطوعية والكريمة والآمنة.
وأكد القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية أنه لن يتعرض أي من العائدين للتمييز بسبب فرارهم من أماكن إقامتهم المعتادة السابقة، أو بسبب طلبهم اللجوء في الخارج، أو بسبب بقائهم أو إقامتهم في منطقة كانت تخضع سابقاً أو حالياً لسيطرة المجموعات الإرهابية، كما تتم معالجة القضايا المتعلقة بالتجنيد والخدمة العسكرية بطريقة غير تمييزية، ويستفيد العائدون من مراسيم العفو ذات الصلة، ويتمتعون كغيرهم من المواطنين بجميع الحقوق والواجبات التي يكفلها الدستور والقوانين والأنظمة السورية لكل المواطنين السوريين دون أي تمييز، وهم مصونون في حياتهم وحريتهم وكرامتهم الإنسانية من التعرض لأي معاملة تمييزية أو انتهاكات لحقوقهم الأساسية التي يكفلها الدستور والقوانين السورية، إضافةً إلى الوصول بالشكل المطلوب للوثائق، والتصديق على الوثائق المدنية والأكاديمية الممنوحة للاجئين في الخارج، وتبسيط الأنظمة والإجراءات المتعلقة بالسكن والأراضي والممتلكات.
وشدد دندي على أن نجاح هذا المسعى يتطلب من الدول التي دعمت الإرهاب ومولته وقدمت له السلاح، عدم إعاقة جهود الدولة السورية، وزيادة مشاريع التعافي المبكر كماً ونوعاً، وتمويل جهود إزالة الألغام والمخلفات المتفجرة، بما يحقق تحسناً ملموساً في الوضع الإنساني والمعيشي، مبيناً أنه تتويجاً لكل الجهود السابقة، وفي تجسيد واضح لرغبة الدولة السورية بترسيخ نهج المصالحات الوطنية وتحقيق الاستقرار بشكل مستدام، أصدر السيد الرئيس بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 36 لعام 2023 قبل
أيام، وهو مرسوم العفو الثاني خلال أقل من عام، حيث يمنح عفواً عاماً عن الجرائم المرتكبة قبل الـ 16 من تشرين الثاني الجاري، ويشمل المرسوم شريحةً واسعةً من المحكومين والملاحقين بمن فيهم الأحداث، وكبار السن، والمصابون بمرض عضال.
ولفت دندي إلى أنه في مقابل هذه الخطوات الإيجابية السورية تستمر بعض الدول الغربية بتسييس الملف الإنساني، من خلال المشروطية وعدم وفاء الدول المانحة بتعهداتها حيال خطة الاستجابة الإنسانية، إذ لم تتجاوز نسبة تمويل الخطة الـ 30 بالمئة، ونحن على بعد شهر واحد من نهاية العام، الأمر الذي يعرقل تنفيذ برامج الأمم المتحدة الإنسانية في سورية، يضاف إلى ذلك إمعان الولايات المتحدة في سياساتها العدوانية تجاه الشعب السوري، إذ تحتل قواتها أراضي سورية، وتدعم الميليشيات الانفصالية، وتستخدم المجموعات الإرهابية في منطقة التنف لزعزعة استقرار سورية، إضافةً إلى استمرارها بنهب الثروات الوطنية، وفرضها مع الاتحاد الأوروبي إجراءات قسريةً انفراديةً على كل القطاعات الحيوية من الغذاء إلى الأدوية، والطاقة، والنقل، وصولاً إلى الإنتاج الزراعي، ما يتسبب بمعاناة اقتصادية وإنسانية كبيرة وغير مسبوقة للشعب السوري.
وأشار دندي إلى أن استثمار الدول الغربية في سياسات العقاب الجماعي، والحصار، والتجويع، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى نتائج كارثية مدمرة، وآن الأوان لقيام هذه الدول بإعادة النظر في سياساتها العدائية ضد سورية، واعتماد مقاربة سياسية إنسانية، من خلال الالتزام بالاحترام الكامل لسيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها، وإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأمريكية والتركية على أراضيها، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، والرفع الفوري للإجراءات الانفرادية القسرية غير الشرعية.
ورداً على مندوبة الولايات المتحدة قال دندي: يبدو أن السفيرة الأمريكية تحاول مرةً أخرى كيل الاتهامات والادعاءات ضد بلادي، في محاولة منها لإبعاد الأنظار عما ترتكبه بلادها من دعم للإرهاب الإسرائيلي، وذلك في ممارسة واضحة للنفاق السياسي والمعايير المزدوجة التي تنتهجها، ناهيك عن التاريخ الحافل للولايات المتحدة بارتكاب جرائم الحرب في فيتنام وأفغانستان والعراق وليبيا وسورية، والقائمة تطول.
وأضاف دندي: إن تذرع السفيرة الأمريكية بنص المادة الـ 51 من ميثاق الأمم المتحدة لتبرير جرائم بلادها المستمرة على الأراضي السورية تدحضه الوقائع، فالميثاق وقواعد القانون الدولي لا يتضمنان أو يبرران أو يمنحان مسوغاً قانونياً لوجود القوات الأمريكية على الأراضي السورية دون موافقة حكومتها، مشيراً إلى أن واشنطن اعتدت على استقلال ووحدة الأراضي السورية، وقادت زوراً “تحالفاً دولياً” لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، وأثبتت الوقائع أن الهدف الحقيقي لهذا التحالف لم يكن سوى دعم الإرهاب، وزعزعة أمن سورية واستقرارها، خدمةً لمصالح الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي.