هذه هي تركيا برجب أردوغان، أو بغيره، من لم يعرفها بعد، فهذه مشكلة كبرى تخص الوعي. هي المقر والممر لكل الإرهابيين، ولكل المشاريع التآمرية على الإقليم، حليف الكيان الإسرائيلي، خادم حلف الأطلسي «ناتو» في المنطقة، وبالتجربة التاريخية لا يرجى منها الخير لجوارها.
هجوم فصائل أنقرة الإرهابية على شمال سورية، لم يجهز في يوم وليلة، فالمخطط كان قيد العمل في ظل ضباب دبلوماسي، ادعى من خلاله التركي تبنيه لغة «المصالحة» مع الجيران العرب، فالسياسة كانت غطاء للغدر لا أكثر.
من لم تكن الصورة والتصورات واضحة لديه، بعد ما جرى شمال سورية من هجوم الإرهابي التركي على حلب وريف حماة، لا يملك العذر، فقد أدرك الأسباب الحقيقية لعدم التسرع في التطبيع بين سورية وتركيا، فلا يمكن الركون إلى الوثوق بتركيا، ولا يمكن الأمان من شرور أطماعها، وهذا يتأكد من خلال معطيات واضحة عدة:
أولاً: تركيا ضالعة منذ البداية، في التخطيط والتنفيذ بالهجمات الإرهابية على سورية، منذ عام 2011، وحتى الهجوم الأخير على شمال سورية.
ثانياً: عضو حلف الأطلسي «ناتو»، ولها وظيفة إنهاك المنطقة، حتى يستتب الأمن لـ«إسرائيل»، صنيعة الغرب في القلب العربي، وتركيا الطورانية مثل الغرب، تخشى القومية العربية.
ثالثاً: الميثاق «الملي» التركي عام 1920، الذي يكشف حقيقة الأطماع العثمانية التوسعية الاستعمارية، بالأراضي العربية شمال سورية والعراق، والذي استحضر كثيراً خلال العقود الماضية، وبخاصة بعد وصول حكومات ذات ميول إسلامية إلى السلطة في اسطنبول.
محاولة هروب نظام أردوغان، إلى الأمام، بخلط الأوراق، ومحاولة تملصه من الهجمة الإرهابية الأخيرة، التي جاءت بأمر عمليات تركي – إسرائيلي، أتت بعد الموقف العربي والدولي المتضامن مع سورية، ضد الإرهاب التكفيري والاستنكار شديد اللهجة في مجلس الأمن، ضد جماعات أنقرة الإرهابية، فباستثناء حلف الإرهاب – الكيان الإسرائيلي وتركيا وأمريكا- كل العالم وقف ضد الهجوم الإرهابي لجماعات أنقرة على شمال سورية.
أهم تداعيات ما جرى، سقوط تركيا من مسار أستانا، بصفة ضامنة لمناطق خفض التصعيد، بدعمها وتبنيها للجماعات الإرهابية، وبالتالي لم يعد الاتفاق قيداً على تحرير كامل الجغرافيا السورية من العصابات التكفيرية.
هذه هي تركيا، عدوة الأمس، وعدوانية هذا اليوم، وشريكة في التآمر على مستقبل الأرض العربية، فماذا يرجى منها.
راتب شاهين
8 المشاركات