إنتاجنا من التمور لا يكفي حاجة السوق المحلية.. ونستورد أكثر مما ننتج

تشرين – حسام قره باش:
تنتشر التمور المستوردة والمتنوعة في الأسواق، حيث يبدأ سعر أدنى أصنافها من 15 ألف ليرة للكيلوغرام ليتصاعد أضعاف ذلك حسب الصنف و مصدره، فهناك التمر العراقي و الإماراتي والسعودي، دونما وجود لأي تمر سوري و نحن الذين نمتلك الظروف البيئية المثلى لزراعة نخيل التمر، حتى أن بعض الأصناف العربية زُرعَت في منطقة البوكمال وكانت بمواصفات نوعية وإنتاجية أفضل من البلد الأم.

رؤى مستقبلية من (أكساد) لتطوير قطاع نخيل التمر في سورية

ورغم أن كل الشواهد التاريخية تدل على أن النخيل في بلدنا كان من أهم الأشجار المزروعة في الأراضي الخصبة، إلا أنها اليوم تراجعت كثيراً حتى أصبحت سورية دولة غير نخيلية تستورد أكثر مما تنتج، رغم قدرتنا على إنتاجه، و بالتالي توقف استيراده، و توفير القطع الأجنبي بقليل من الاهتمام لقطاع النخيل المهم في التغذية والصناعات الغذائية.
الانطلاقة الحقيقية
رئيس برنامج النخيل في منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة ( أكساد ) الدكتور خلدون طيبة أوضح في تصريحه لـ” تشرين ” أن الانطلاقة الأولى للاهتمام بزراعة شجرة النخيل في سورية بدأت أواخر الثمانينيات بتحديد الحزام البيئي الذي يشكل 30 ٪ من المساحة الإجمالية والمناطق الناجحة فيها، وتشمل معظم أراضي البادية السورية في منطقة الاستقرار الخامسة موزعة من البوكمال ودير الزور والرقة وعند بحيرة الأسد شمالاً، إلى تدمر والسخنة عند الحدود الأردنية جنوباً، وامتداداً حتى شرق دمشق، إضافة لإنشاء 9 مراكز لإكثار النخيل في البوكمال وتدمر ساهمت بتوزيع الغراس على المزارعين لزيادة المساحة المزروعة بأصناف محلية منتخبة و مستوردة من دول السعودية و إيران و الإمارات وليبيا ومصر.
الواقع الراهن
حتى عام 2020، وحسب إحصائيات وزارة الزراعة، بلغت المساحة المزروعة بالنخيل تقريباً 408 هكتارات زرعت بـ 200 ألف نخلة، منها 60 ألف نخلة تنتج حوالي 2860 طن تمور لا تغطي حاجة السوق المحلية، و يجري استهلاكها في أماكن إنتاجها كما ذكر طيبة.
وأضاف: تتركز زراعة النخيل بشكل أساسي في تدمر على مساحة 154 هكتاراً مزروعة بـ130 ألف شجرة المثمر منها 40 ألف شجرة فقط بإنتاج تقريباً نحو 1425طناً، و كذلك الأمر في دير الزور المحاذية للفرات وخاصة الميادين التي فيها 57 ألف شجرة المنتجة منها 24 ألف شجرة مزروعة في مساحة 233 هكتاراً البالغ إنتاجها 1129 طناً، أبرزها صنف الزاهدي و البرحي عدا عن انتشار زراعتها في كل المحافظات ضمن الحدائق و الطرق العامة.
مشاكل جمة
قطاع النخيل اليوم ليس بأحسن حالاته، فهو يعاني من عدة مشكلات حسب تأكيد طيبة، أبرزها؛ قلة الأيدي العاملة المؤهلة لخدمة الأشجار رأسياً وأرضياً، مع قلة الكوادر الإرشادية والبحثية المختصة، وعدم وجود قاعدة بيانات يُعَتمد عليها لبيان الواقع الحقيقي للقطاع، مبيناً ضعف الدعم المقدم للمزارعين، واستخدام طرق ري تقليدية لبساتين النخيل، وتعذر حفر الآبار ضمن الحزام البيئي المحدد.
كل تلك المشكلات تؤدي بحيثياتها لانخفاض إنتاجية النخلة السنوي الذي لا يتجاوز 50 كغ، عدا عن السلالات القديمة لمعظم الأشجار ذات المردود الاقتصادي الضعيف.
دور (أكساد) في سورية
ويؤكد أن (أكساد) ووزارة الزراعة عملتا على النهوض بقطاع النخيل السوري تحقيقاً للأمن الغذائي، من خلال تنفيذ عدة مشاريع تنموية؛ كشبكة بحوث تطوير النخيل، و برنامج تقييم المنعكسات الاقتصادية والاجتماعية للمعوقات التي تجابهه، وتدريب الكوادر الفنية، وتشكيل لجان انتخبت للآن 10 سلالات بذرية محلية جيدة ذات جودة عالية زُرِعَ بعضها في مجمع تدمر الوراثي، مضيفاً بالعمل على إصدار أطلس نخيل التمر السوري و إنشاء حقلين استرشاديين في منطقتي السلمية ودير الحجر عبر مشروع تطوير عمليات خدمة بساتين النخيل الرأسية والأرضية التي أدت لزيادة إنتاجية 80٪ في حقل دير الحجر و 60٪ في حقل السلمية.
و أكمل بعقد (أكساد) لعدة ورشات عمل آخرها ورشة الإدارة المتكاملة لمكافحة آفات النخيل شهر أيلول الماضي.
و نتيجة للتغيرات المناخية الحاصلة في منطقتنا، لفت للعمل على تحديث الحزام البيئي لنخيل التمر السوري بالتعاون ما بين أكساد وبين وزارة الزراعة ووضع الخرائط البيئية للمناطق الملائمة للزراعة والمناطق الواعدة للتوسع في زراعتها، حيث عقد بداية هذا الشهر ورشة عمل حول الرؤى المستقبلية لقطاع النخيل السوري بمشاركات عربية لنقل خبرات الدول العربية، وتحقيق تنمية شاملة لقطاع النخيل، و الاكتفاء الذاتي من التمور لتعزيز الأمن الغذائي.
سياسة النهوض

يطرح طيبة إجراءات للنهوض بهذا القطاع بإعادة تأهيل وإنشاء مراكز لإكثار النخيل والمجمعات الوراثية، وإجراء مسوح للمساحات المزروعة بالنخيل و تحديد أصنافه وأعماره وإنتاجه وزيادة أعداد الفسائل المنتجة والتوسع أفقياً بالمساحات المزروعة بأشجار النخيل، ورفع إنتاجية النخلة مع اعتماد تقنية زراعة الأنسجة لإنتاج أعداد كبيرة من الغراس، مركزاً على إرشاد المزارعين ودعمهم باستبدال أشجار النخيل البذرية بأصناف جيدة، وحث الفلاحين على اتباع التقانات الحديثة في الخدمة الزراعية لتحسين الإنتاجية والانتقال من الزراعة العشوائية للزراعة الهندسية المنتظمة المعتمدة على مكننة عمليات خدمة أعلى الشجرة لاسيما التلقيح .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
اقتراح تعديلات على قانون التجارة خلال ثالث حوارات قطاع الأعمال بحمص ركزوا على استبدال عقوبة الحبس.. تجار دمشق وريفها يقدمون مقترحاتهم لتغيير قانون حماية المستهلك "صفحات منسية من تاريخ المسرح السوري".. محاضرة للناقد والكاتب المسرحي جوان جان خان الكتان الأثري يحتضن مهرجان "ليلك" ليضيء على إبداعات المرأة الحلبية وقدرتها على التغيير مهرجان حلب المسرحي يدشن  انطلاقته بعمل "عويل الزمن المهزوم" على خشبة مسرح دار الكتب الوطنية عدوان إسرائيلي يستهدف موقعين بريف حمص الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث صندوق مشترك للقضاة.. وقانوناً بصندوق مشترك وبدل مرافعات لمحاميّ الدولة وزير الأشغال العامة والإسكان: نسعى نحو تلبية التطلعات المجتمعية العمرانية وزير التربية: القانون رقم 31 جاء ليواكب التطورات والتغيرات في المجال ‏التربوي والتعليمي ‏ إصدار قانون الضريبة الموحد وتنظيم جباية الضرائب واعتماد الأتمتة مقترحات جلسة الحوار التمويني بدرعا