جمود الحركة العمرانية أصاب عمل مقاولي الإنشاءات بالشلل

تشرين – وليد الزعبي:

انعكست حالة الركود في الحركة العمرانية السائدة في محافظة درعا جموداً في عمل المقاولين، وتسببت في بطالة عمال وورشاتهم وهم بأعداد ليست بقليلة، وكل المعطيات تؤشر إلى أن العوامل التي أدت لذلك تتمثل بارتفاع تكاليف مستلزمات البناء، حيث لم يعد هناك قدرة على تحمل أعبائها من أهالي الريف المحتاجين للمنازل، كما أن تجار البناء لا يجدون جدوى من تشييد الأبنية السكنية لعدم وجود حركة بيع للشقق السكنية في ظل ظل ضعف القدرة الشرائية لعامة الناس باستثناء عدد من المقتدرين أو المغتربين.
ولفت أحد الأهالي في ريف محافظة درعا لـ”تشرين” -وهو مثال عن كثر غيره- إلى أن ابنه مقبل على الزواج ولا مكان له في منزل العائلة، فالمنزل صغير ولا يحتمل وجود أسرة أخرى، وتساءل: كيف السبيل إلى تدبر مسكن له في ظل الغلاء الفاحش لأسعار مواد البناء؟ بالرغم من أن الأرض موجودة وضمن التنظيم وقابلة للترخيص والبناء، وذكر أن عدم القدرة على تأمين مسكن للشباب المقبلين على الزواج، بات مشكلة كبيرة تؤرق الجميع وتحد من الزواج، وهو أمر له منعكسات اجتماعية غير محمودة.

مطالب بقروض ميسرة وتخفيض رسوم الترخيص ونقابة المهندسين

ولفت أحد المزارعين إلى أن المشكلة ليست بتكاليف البناء الفلكية فقط، بل بتكاليف الترخيص والرسوم الباهظة التي تترتب لمصلحة نقابة المهندسين، وهذا العامل يؤدي الى تهرب الكثيرين من الترخيص، واللجوء إلى البناء بشكل مخالف، علماً أن آلية تشييد مثل هذا البناء مع محدودية موارد الأسرة، يتم على مراحل وقد يمتد لسنوات حسب مردود المواسم الزراعية، كأن يتم إنشاء الأساسات والشيناج والأعمدة في السنة الأولى، والسقف وبناء البلوك في الثانية، والإكساء للضروريات فقط في السنوات اللاحقة.
ويأمل الأهالي إزاء هذا الواقع تأمين  قروض ميسرة بفوائد قليلة، وتخفيض رسوم الترخيص في البلديات ورسوم المخططات في نقابة المهندسين، لعل ذلك يساهم بمساعدة الأهالي على تشييد مسكن يأوي إليه الأبناء المقبلون على الزواج، ويجنبنم مغبة ارتكاب المخالفة عبر البناء من دون تراخيص.
الحال بالنسبة لتجار البناء في مدينة درعا ليس بالأفضل، فعملهم شبه متوقف، وذكر أحدهم أنه اشترى خلال عام ٢٠١٩ حوالي ١٦ مقسماً، وقام بتشييد الأبنية على نصفها تقريباً بنفس العام، وكانت الشقق تباع على المخطط، وأكمل التشييد على الباقي في العام الذي تلاه، مبيناً أن آلية العمل المتبعة لدى أغلب تجار البناء، تتمثل بعرض البناء المراد تشييده للبيع بعد انتهاء إجراءات ترخيصه، ليتم البيع بموجب دفعات مالية يلتزم الشاري بتسليمها حسب مراحل البناء، وهي آلية أثبتت نجاحاً كبيراً، لكن هذا الواقع بدأ يتغير منذ عام ٢٠٢١، حيث أخذت تتراجع حركة الشراء شيئاً فشيئاً مع تعاظم سعر تكلفة ومبيع الشقق، حتى وصلت حدّ الجمود، ما دفع تجار البناء إلى العزوف عن شراء المقاسم والبناء عليها، لأن ذلك يعني تعطيل رأسمال كبير في ظل عدم وجود حركة شراء.

الطلب: ضعف جبهات العمل.. و١٥٠ مقاولاً من أصل ٨٥٦ سددوا اشتراكاتهم

ومن يشترون الشقق لهم معاناتهم، حيث أشار عدد منهم إلى أن الشراء من تجار البناء على المخطط والتسديد على دفعات حسب مراحل البناء، رتب عليهم مبالغ إضافية مع تقلبات سعر الصرف، لافتين إلى أن تاجر البناء عندما يطرأ ارتفاع جديد على سعر مواد البناء، يقوم بحساب ما تبقى من القيمة غير المسددة على الأسعار الجديدة، وبينوا أن هذا الأمر لا حل له على ما يبدو إلا باستقرار سعر الصرف.
رئيس نقابة مقاولي الإنشاءات في درعا شحادة الطلب، أكد على وجود حالة ركود بالحركة العمرانية غير مسبوقة، وقد تسببت بتعطل عمل المقاولين بشكل شبه تام، ولفت إلى أن ضعف جبهات العمل لا يقتصر على الحركة العمرانية لدى القطاع الخاص، بل على مختلف الأعمال الإنشائية لدى القطاع العام، وأشار الطلب إلى أن ذلك تسبب بانعدام دخل المقاولين والعاملين لديهم، حيث يشتغل في مهنة المقاولات أعداد كبيرة، ودفع بالكثير منهم إلى التوجه لأعمال أخرى في مقدمتها الزراعة، وكشف أن من سدد الاشتراكات للنقابة من المقاولين للعام الجاري لم يتجاوز ١٥٠ مقاولاً من أصل ٨٥٦ مقاولاً مسجلين على قيودها، وذلك نتيجةً للواقع السائد المشار إليه.
وأشار إلى أن الجمود طال أيضاً حرفيي المنتجات الإسمنتية، ولاسيما من بلوك وبلاط ورخام وحجر صناعي وحجر طبيعي الداخلة في أعمال البناء، وهم بالآلاف، حيث تراجع عملهم إلى حدود ضيقة وتعثرت سبل عيشهم، وطالب بضرورة تأمين جبهات عمل لدى جهات القطاع العام، على أن تواكب أسعارها الرائج، لكي تشجع المقاولين على الإقبال على مناقصاتها وتجنب حالات فشلها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار