أبحاث التقانات الحيوية تحقق إنتاجية هائلة وتختزل النسبة الأكبر من التكاليف.. شرط التبني والدعم الحكومي!
تشرين – حسام قرباش:
قبل الأزمة مشت سورية خطوات حثيثة في مجال توطين التقانات الحيوية بشكل عام، لكن ظروف الحرب والأزمة أدت لتدمير عدد كبير من المخابر والأجهزة فتوقف العمل بهذا المجال وتأخرت سورية تأخيراً قسرياً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الراهنة، و رغم ذلك لم يتوقف البحث العلمي واستمر العمل عليه بإمكانات ضعيفة في مجال تقنية النانو التي تعتمد على تصغير الحالة الطبيعية للذرات والجزيئات في المادة والوصول لحجم النانومتر الذي يساوي واحداً من مليار من المتر.
الهدف الأساسي
الدكتور ينال القدسي الباحث الرئيس بقسم التقانات الحيوية في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية يرى أن هذا الموضوع غير مسلط عليه الضوء بشكل كافٍ رغم أهميته الاقتصادية الفاعلة، الهدف منه زيادة الإنتاجية وتقليل مستلزمات الإنتاج وتقليص تكلفتها المرتفعة في الزراعة على وجه الخصوص.
واعتبر أننا لا نتطور زراعياً لدرجة أننا أصبحنا متخلفين زراعياً أيضاً، وهنا تأتي أهمية تطبيق تقنية النانو العاملة على المجال الفيزيائي، طارحاً مثالاً بسيطاً عن أرض زراعية تحتاج مثلاً ل 11 كغ سماد فيتم تحويلها بتقنية النانو في المخبر لـ”100 غ” وحلها ب 10 ليترات ماء ورش الزرع بها فتصل مباشرة للنبات ويستفيد بالكامل منها فتصبح الكفاءة أكبر بأضعاف مضاعفة.
و حسب القدسي، لدينا أبحاث كثيرة بهذا المجال في صناعة الأسمدة وموارد وفلاتر المياه وأيضاً استخدام كبسولات نانوية في حفظ الأغذية والتبريد والتغليف إضافة لتجهيز كمامة نانوية بتركيبة قماش جزيئاتها بحجم النانومتر تمنع دخول الفيروسات مهما كان حجمها صغيراً والتوسع في استخدام الفكرة بتصنيع الأقمشة النانوية وفي الصناعات المعدنية كصناعة السيارات التي تعطي صلابة وقوة هائلة.
أبحاث هيئة البحوث
و في مجاله أنجز القدسي مجموعة من الأبحاث لتصنيع الأسمدة النانوية كاليوريا والنترات التي طبقها في محطة قرحتا على الذرة الصفراء (صنف غوطة 82) وبعض أنواع القمح الطري والقاسي (شام 7 وشام 10) وكانت ناجحة جداً بتحسين الإنتاجية والنتائج موجودة ضمن الخطة البحثية في قسم التقانات الحيوية إضافة لبحث تطبيق كربونات الكالسيوم النانوية لتحسين الإنتاجية والخصائص الفيزيولوجية للفروج بتغذيته ببعض مواد كربونات الكالسيوم راداً على من يقول إن إطعام الفروج بهذه المادة ضار وربما يحدث تسمم بأن الموضوع آمن جداً ويعتمد فقط على تصغير كربونات الكالسيوم للحجم النانوي لنفس المادة التي يتناولها الدجاج بالحالة الطبيعية فلا يتم إدخال مواد كيميائية أو ضارة أو مشعة مشيراً للخطأ الفادح بقول البعض نووية والأصح نانوية.
وذكر أن العمل جارٍ على بحث مهم مع المعهد العالي للعلوم التكنولوجية باستخدام الألياف النانوية للحفاظ على الأنسجة النباتية لتقليل الأضرار التي تؤثر على الإنتاج لافتاً لوجود بحث له في جامعة الدول العربية لم يطبق حتى الآن.
اتفاقيات تعاون
بدوره أشار لوجود اتفاقيات تعاون مع المعهد العالي للعلوم التطبيقية و جامعة ذي قار العراقية في مجال تطبيق المواد النانوية إضافة لتعاون مع إيران المتقدمة بهذا الجانب، خاصة في صناعة السفن والصناعات الخفيفة والثقيلة و البحرية متمنياً افتتاح خط استثماري إنتاجي معها ضمن الإمكانات المتاحة.
نقطة الضعف
ثمة أسئلة تبقى أجوبتها عند أصحاب القرار، فإلى متى ستبقى هذه الأبحاث على الورق؟ رغم نجاحها في التجربة والتطبيق و غيرنا من الدول صار عندها معامل نانوية و عندنا لم ترَ النور لتطبيقها فعلياً على أرض الواقع.
بهذا الصدد يجيب القدسي: إن هذه هي نقطة الضعف التي نمرّ بها و التحدي الكبير لكي نخرج من مرحلة الإنتاج البحثي إلى الإنتاج التجاري بحيث يصبح عندنا شركات تنتج المواد والأسمدة و تنتشر في محافظات القطر كلها وهو ما نود طرحه على أصحاب القرار بالشأن الزراعي كما قال.
و أضاف: هيئة البحوث تواكب التطورات و نعمل على توطين أية أفكار وأبحاث ولدينا سقف طموحات عالٍ لإنجاز أبحاث كبيرة يعوق تنفيذها مشكلة التمويل أولاً وأخيراً لأنها تتطلب وجود أجهزة كالمجاهر الإلكترونية الضخمة في مخابر النانو إضافة لمواد كيميائية مستوردة ومحلية مكلفة تحتاجها هذه التقنية حتى نقيم خطاً إنتاجياً نانوياً مع الحاجة الماسة للدعم والاهتمام الحكومي لحاجة هذه الأبحاث لإمكانيات مادية كبيرة حتى تستفيد منه الشركات والمزارعون بتخفيض التكاليف ورفع الكفاءة وزيادة الإنتاج كمّاً ونوعاً وبالتالي نصبح دولة رائدة في مجال تقنية النانو، مؤكداً وجود لجنة وطنية عليا لهذه التقنية تشارك الهيئة العليا للبحث العلمي في الاجتماعات بطرح أفكار وخيارات وأبحاث وكيفية التمويل ولكن في النهاية تبقى هذه إمكانياتنا وجهودنا التي نعمل بها وعلينا توسيع اتفاقيات التعاون مع دول أخرى لدعم هذا الاتجاه على حدّ قوله.