بعد الكارثة ورأب الصدع… «الدراسات الهندسية» تعدّ دليل عمل لفرق التدخل السريع الميداني
تشرين- لمى سليمان:
ماذا بعد الكارثة.. وفي خندق من تُصب كل الانكسارات أو بضعها؟ بعيداً عن الانكسارات النفسية وحواجز الرهبة والقلوب المتصدعة.. ماذا عن الأبنية المتهدمة والبيوت المتشققة والآيلة للسقوط؟
أين يكمن دور المهندسين والمشرفين على الإنشاء، وما دور الشركة العامة للدراسات الهندسية في تحديد واختيار أو حتى تعديل المواصفة الإنشائية بما يتناسب مع الأزمة الحالية وأين وصلت في دراساتها؟ وهل في الإمكان تعديل الاشتراطات الهندسية بما يتناسب مع الواقع الحالي؟
مدير عام الشركة: هناك أبنية منهارة لم تتبع الاشتراطات الهندسية
يجيب مدير عام الشركة العامة للدراسات الهندسية الدكتور طارق حسام الدين موضحاً لـ”تشرين”: تقوم الشركة العامة للدراسات الهندسية ومن خلال كل الدراسات الإنشائية التي تعمل عليها باعتماد الاشتراطات الهندسية الواردة في الكود العربي السوري وخاصة الملحق الخاص بتحقيق الاشتراطات الزلزالية، و يتم إنجاز الدراسات الزلزالية باستخدام أحدث طرق البرمجيات التي تمكن من إدخال تأثير القوى الأفقية الناجمة عن الهزات الزلزالية والتي تؤثر في البناء المدروس، ما يمكن من تصميم العناصر الإنشائية كلها، إضافة إلى تحقيق اشتراطات احتياطية إضافية لصالح الأمان مثل تقوية عقد الاتصال بين هذه العناصر.
وبالنسبة للكود العربي السوري والذي يعدّ المرجعية المعتمدة في مجال الدراسات الإنشائية إلى جانب الكودات العالمية الأخرى باعتماد قيمة التسارع الزلزالية الأعظمية المتوقع حدوثها في المنطقة (موقع المشروع أو المبنى المراد إنشاؤه)، حيث تم رسم خريطة تبين خطة تساوي التسارع الزلزالي للجمهورية العربية السورية ومنها يمكن للمصمم أن يختار القيمة المناسبة للموقع وبالتالي يتم تحقيق البناء لمقاومة الزلازل.
وفيما يخص تعديل هذه الاشتراطات بما يتناسب مع الوضع القائم يؤكد حسام الدين أن تطبيق الاشتراطات الزلزالية يمنع حالات الانهيارات الكاملة للأبنية وإن حدث في هذه الأبنية نتيجة الزلزال بعض التصدعات لكن تبقى إمكانية إخلاء البناء وحفظ الأرواح ممكنة، وهنا يلعب التنفيذ الدقيق والصحيح للدراسة والتقيد بنسب الخلطات البيتونية ونسب التسليح دوراً أساسياً في أداء البناء أثناء وقوع الزلزال.
ولا يتوجب تعديل الاشتراطات الزلزالية القائمة والمعتمدة حالياً إلّا في حالة تجاوز قيم التسارع الزلزالية الأعظمية للقيم المتوقعة، وهذا ما يجب إعادة تقييمه بناءً على الزلزال الأخير والهزات الارتدادية التي تلته وهو عمل يتطلب تضافر جهود عدة جهات تضم اختصاصات جيولوجية و هندسية لبحث هذه الإمكانية.
أما عن دراسة مواقع الأبنية التي انهارت أو تصدعت وأصابتها الشقوق نتيجة الحدث الزلزالي الأخير، فيبين حسام الدين أن الأبنية المنهارة تتوزع على عدة أنواع: الأول وهو أبنية قديمة لم يتم إنشاؤها وفق متطلبات كود الزلازل الذي تم اعتماده بعد إنشاء هذه الأبنية إضافة لعمرها الذي أدى لضعف مواد الإنشاء مع الأخذ بالحسبان تأثير الظروف المناخية ورطوبة المنطقة الساحلية بشكل خاص.
والثاني هو الأبنية الحديثة المنهارة بالكامل وهذا الأمر يستدعي البحث في أسباب هذا الانهيار.
أما الثالث فهو الأبنية الحديثة التي انهار فيها بعض العناصر الإنشائية وبقي البناء على درجة من السلامة تسمح بإخلائه.
وبالنسبة لآخر ما تم بحثه ودراسته وإنجازه من قبل الشركة فيما يتعلق بالحدث الزلزالي الأخير ونتائجه ومحاولة عدم العودة إلى الوراء وإعادة البناء بطريقة تتفادى فيها أي أضرار مستقبلية، يقول حسام الدين: انطلاقاً من واجب الشركة العامة للدراسات الهندسية ومسؤولياتها الفنية في كل الظروف والأزمات ومتابعة لتكليف وزارة الأشغال العامة والإسكان بمشاركة خبراء الشركة في المحافظات بتقييم المباني المتضررة نتيجة الهزة الزلزالية وارتداداتها من ضمن فرق السلامة الإنشائية بالاشتراك مع نقابة المهندسين والجامعات.
نعمل على فريق تدخل ميداني سريع وخريطة رقمية لأعمال إعادة التأهيل
كما قامت الشركة بإعداد دليل عمل يعدّ الأول من نوعه في القطر ينظم هذا الدليل عملاً لفرق التدخل السريع الميداني بهدف التقييم السريع الأولي لقابلية استخدام المباني المتضررة زلزالياً وتقديم الاستمارات اللازمة لجمع البيانات وتقييم السلامة الإنشائية للمباني السكنية والعامة، حيث تم عرض ومناقشة الدليل واعتماده وتعميمه على فروع نقابة المهندسين في المحافظات وعلى أفرع الشركة، ما يمكن من تنظيم أعمال التقييم وتسريعها وبناء قاعدة البيانات اللازمة للأبنية المتضررة وبيان وضعها وسلامتها الإنشائية. ويتابع: لاحقاً لوضع الدليل تمت أعمال الكشف وتقييم السلامة الإنشائية لمئات المباني في محافظات اللاذقية وحلب وحماة وطرطوس ودمشق، الأمر الذي كان له الدور الأساس في حفظ الأرواح من خلال إخلاء المباني القابلة للانهيار و تحديد المباني الممكن تعميمها، إضافة إلى مد يد العون للمواطنين وإقرار إمكانية عودتهم الآمنة للأبنية السليمة إنشائياً، لكون البيانات التي تم جمعها تساعد في بناء قاعدة بيانات تمكن أصحاب القرار و الجهات المعنية من تكوين فهم شامل ومتكامل للوضع الراهن.
إضافة إلى ما سبق، تعمل الشركة حالياً على دراسة فكرة إعداد الخريطة الرقمية للمباني المتضررة، وتكمن أهمية الخريطة الرقمية في الوصول السهل للبيانات وبيان درجة الخطر على الخريطة الرقمية، ومن ثم يتم العمل لإعداد خريطة رقمية لأعمال إعادة التأهيل، كما توفر خريطة تفاعلية واضحة ورقمية تسهل عملية إعادة الإعمار لاحقاً وتنظيمها حسب الأولويات والإمكانات المتاحة.