“الدعم النفسي” في زمن الكوارث ضرورة مجتمعية..واختصاصي نفسي يؤكد أنه لايقل أهمية عن عمل الفرق الطبية والإغاثية
تشرين – بارعة جمعة:
ستة أيام انقضت على الزلزال، إلا أن صور ومشاهد الدمار لم ترحل، والخروج من غبار الصدمة لعمق الواقع المأساوي الذي لم يكن متوقعاً حدوثه كان أكثر صعوبة، والرفض الذي لازم الناجين من كارثة الزلزال الأخير، لايزال يعصف بهم ببصمة من الأسى لن تنسى، والكثير من مشاعر الانكسار.
ما بعد الحدث
كثيرةٌ هي الأحاديث التي يتناقلها الناس عن لحظة وقوع الكارثة، بعضهم ينتابه شعور بالخوف لمجرد العودة لتفاصيل بسيطة، في حين بقي للبعض الآخر الكثير من القلق إثر التحذيرات الكثيرة التي أطلقها متتبعو الحدث من وسائل إعلام رسمية وأفراد كانوا ضمن منطقة الحدث نفسه، ممن لم يخرجوا من هول الفاجعة دون الاحتفاظ بشيء منها بالتفكير المتواصل بها، إضافة لبعض الأعراض المصاحبة لها من ضيق في التنفس وتسرع نبضات القلب للكبار، والتبول اللاإرادي والهلع للأطفال، التي وفق الاستشاري والمعالج في مجال الصحة النفسية الدكتور عبد الفتاح الحميدي، كانت الأكثر تتبعاً من قبل عيادات الطب النفسي، لأشخاص فقدوا أماكن كانوا آمنين به نوعاً ما.
ينبغي أن يرافق الدعم النفسي بعد الكارثة إعلام إيجابي لشحن الطاقة الإيجابية
كما أن للمشاهدة اليومية لصور الدمار والأشلاء دوره الأكبر في حصول هذا النوع من الدمار النفسي برأي الحميدي، الذي أكد الأمر استناداً للعديد من الرسائل القادمة من مناطق الكارثة، يرافق ذلك حالات من فقدان الثقة بالذات وبالمحيط، الذي بدوره ساق لحالات عدم التوازن.
سلسلة متكاملة
كما أن للخروج من حرب على البلاد دامت قرابة الاثني عشر عاماً، ومن ثم الدخول لفاجعة الزلزال كان بمثابة استرجاع لشريط من المشاهد المتشابهة من حيث الرعب وعمق الأذى النفسي برأيه، ما جعل مصير العديد ممن عايشوا هذه الأحداث هو العيادات والمشافي النفسية إثر أزمات نفسية حادّة، نتيجة تناقل أخبار تخلو من الحقيقة، هدفها “التريند” وزيادة مكاسب شخصية.
وهنا تبرز أهمية معرفة أساسيات الدعم النفسي للأشخاص الموجودين في أرض الحدث، وذلك بعد انتهاء عمل الفرق الطبية والإغاثية مباشرة، لكون عملية الانتقال من مرحلة الأمان للخوف والفقد المُفاجئ تتطلب حضور متخصصين وإعطاءهم الدعم النفسي الذي لا يقل من حيث الأهمية عن الغذاء والشراب، ويتطلب أيضاً عمليات تدخل سريع.
تدخل فوري
ومن الطبيعي عدم تقبل هذه الكوارث التي بطبيعتها لايمكن التنبؤ بها عكس فترة الحرب التي عدها الحميدي الأقل ضرراً لجهة العامل النفسي، لما تحويه من حالات تأهب، لذا فالأولوية اليوم لمعالجة حالات اضطراب الفقدان برأيه، حيث إن المريض لايمكنه أن يبتعد عن تذكر هذه اللحظات في اللاوعي لديه، بل يعيش حالة الفقد ضمنها، ومن الضروري دخول المريض لجلسات الدعم النفسي المقننة كخطة علاجية سريعة، للأخذ به إلى برّ الأمان، وهنا لابد من لفت النظر برأي الاستشاري والمعالج في مجال الصحة النفسية الدكتور عبد الفتاح الحميدي لضرورة وجود إعلام إيجابي في فترة مابعد الكارثة، يرافقه تخديم نفسي من قبل المتمرسين بالصحة النفسية، لترميم وشحن الطاقة الإيجابية للمتضررين منه.