مأساة سورية.. استثمار للكارثة وفرصة لذرف الدموع والتقاط الصور التذكارية

تشرين- أ. كريمة الروبي:
من تؤذيه حقاً مشاهد التدمير والموت اللذين خلفهما زلزال سورية وتركيا وراءه، لا بد أنه قد تأذى أيضاً من الدمار والقتل وتقطيع الرؤوس الذي عانى منه الشعب السوري لسنوات، ولا بد أيضاً أنه تأذى كذلك من مشاهد الموت البطيء تحت الحصار الأميركي الذي منع كل مقومات الحياة عن السوريين، أما أن تذرف الدموع لمشاهد الزلزال فقط فهي إنسانية مزيفة تسعى أمام الكاميرات لالتقاط صور التعاطف والتضامن، إنسانية يرضى عنها البيت الأبيض وحلفاؤه، إنسانية تغسل السمعة وتحسن الصورة ولا تجلب المشاكل.
من ترك وطنه وهرب في عز أزمته وراح يناصر أعداءه الذين دمروه، لم يلتفت لكل هذا الدمار والقتل والحصار، ولكن أزعجه فقط صور ضحايا الزلزال وأخذ يذرف الدموع عليهم.. كيف نصدق تلك الدموع الزائفة؟ كيف نصدق من يتعاطف مع الضحايا دون المطالبة برفع الحصار الجائر عن الشعب السوري والذي فاقم من حجم الكارثة؟ من يهتم حقاً لأمر السوريين عليه أن يطالب برفع الحصار عنهم أما غير ذلك فهو كاذب لا يهمه سوى مصالحه فقط التي يخشى أن تتأثر بموقفه من الحصار.

كيف نصدق من يتعاطف مع منكوبي زلزال سورية دون أن يُطالب برفع الحصار الأميركي الجائر الغاشم؟

أما هؤلاء الذين كانوا يصنعون الأزمة ثم يقومون بتصويرها فحدث ولا حرج، فقد جاءت الكارثة طبيعية لتكون فرصتهم التي لم يتوانوا عن استغلالها.. فبعد أن اختفت منظمة «الخوذ البيضاء» الإرهابية عن الأنظار، عادت مرة أخرى للظهور واستثمار الأزمة لتتصدر المشهد وتقدم نفسها كمنظمة إنسانية تسعى لإنقاذ السوريين وتقديم الدعم اللازم لهم، فتتهافت عليها الكاميرات وتستقبل التبرعات وتحقق الأهداف السياسية التي تخدم صانعيها.
فهؤلاء صنيعة المخابرات البريطانية، والذراع الإعلامي لجبهة النصرة، متخصصون في كل أعمال التضليل والكذب والقتل، بارعون جداً في التقاط الصور وصنع الفيديوهات الدعائية بجودة عالية، وما عليك سوى مراقبة الصور التي تنتشر عبر القنوات والمواقع الإخبارية وخاصة قناة الجزيرة لتدرك كيف تدار الأزمات الإنسانية وكيف يتم تجييرها لخدمة أهدافهم السياسية، حيث يتم تصدير المشاهد التي يقوم فيها رجال الإنقاذ الذين يرتدون خوذاً بيضاء وسترات صفراء مرسوماً عليها «لوغو» المنظمة للإيحاء بأنهم هم المنقذون وما هم سوى كاذبين يتاجرون بالدم السوري.. فكيف يمكن أن نصدق من قتلوا ونحروا وحرقوا وكذبوا وساهموا في تخريب أوطانهم؟ كيف نصدق إنسانيتهم؟ كيف لبلد محاصر منكوب أن تظهر فيه كل تلك الصور عالية الجودة والمشاهد التي لا يستطيع صنعها سوى مخرجين متخصصين ومحترفين في فن التصوير السينمائي؟
الكارثة وقعت وراح الجميع يهرولون نحو تحقيق مكاسب واستغلال الوضع الإنساني في اتجاه أهدافهم، فلا إنسان يعنيهم ولا كارثة بهذا الحجم توقظ ضمائرهم.
نظرة واحدة فقط إلى خريطة المساعدات الإنسانية لكل من تركيا وسورية وكيف تهافت العالم على مطارات تركيا بينما سورية لم يهرع لنجدتها سوى قليل من الشرفاء… نظرة واحدة فقط وسندرك أن هذا العالم لم يعد به أدنى درجات الرحمة والإنسانية. فلا تصدقوهم.
إن طريق الحق صعب وقاس والسير فيه يحتاج صبر الجبال وقوة العزيمة وقلوباً لا تعرف الخوف سوى من التهاون في نصرة الحق، فلا عجب إن كان العالم كله في واد يتباكى على الطريقة التي يرضى عنها سيدهم القابع في البيت الأبيض، وقلة من القابضين على جمر العروبة والحق في واد آخر تسبح عكس التيار، تتخذ المواقف التي لا تنال الرضا من الجميع ومن مجتمع دولي ونشطاء سياسيين وحقوقيين وليبراليين وإسلامويين وأنظمة موالية للعدو وشعوب متأثرة بالدعاية الغربية تعمل لصالحهم بالمجان. ولكن، لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه.

كاتبة من مصر

أقرأ أيضاً:

وما زال الأمريكي يشرعن الإرهاب

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
اتحاد الكتاب "فرع اللاذقية" يحيي مع مؤسسة أرض الشام ندوة عن المرأة السورية ندوة فكرية ثقافية عن "النقد والنقد الإعلامي" في ثقافي أبو رمانة السفير الضحاك: سياسات الغرب العدائية أضرت بقدرة الأمم المتحدة على تنفيذ مشاريع التعافي المبكر ودعم الشعب السوري مؤتمر جمعية عمومية القدم لم يأتِ بجديد بغياب مندوبي الأندية... والتصويت على لا شيء! الرئيس الأسد يؤكد خلال لقائه خاجي عمق العلاقات بين سورية وإيران وزير الداخلية أمام مؤتمر بغداد الدولي لمكافحة المخدرات: سورية تضطلع بدور فعال في مكافحة المخدرات ومنفتحة للتعاون مع الجميع الرئيس الأسد يؤكد لوفد اتحاد المهندسين العرب على الدور الاجتماعي والتنموي للمنظمات والاتحادات العربية عقب لقائه الوزير المقداد.. أصغير خاجي: طهران تدعم مسار الحوار السياسي بين سورية وتركيا العلاقات السورية- الروسية تزدهر في عامها الـ٨٠ رئاسيات أميركا ومعيارا الشرق الأوسط والاقتصاد العالمي.. ترامب أكثر اطمئناناً بانتظار البديل الديمقراطي «الضعيف».. وهاريس الأوفر حظاً لكن المفاجآت تبقى قائمة