سورية بلد الجميع.. سورية القلب النابض.. عبد الساتر: الكارثة التي أصابت سورية لحظة مناسبة لكي ترفع أصوات الجميع برفع الحصار

تشرين – ميليا اسبر:
مرة جديدة الإنسانية على المحك، مرة أخرى تنكشف الوجوه القبيحة لما يسمى بالمجتمع الدولي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية والغرب المنافق بكل دوله، مرة أخرى نقف أمام حقيقة ماثلة للعيان، الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية في آن معاً وذهب ضحيته الآلاف. وهناك الآلاف من المصابين وتحت الأنقاض، بينما العالم كله يتباكى على من يسارع أولاً إلى تقديم المساعدات، لكن لو جئنا إلى كشف الحساب لرأينا أن هذا العالم المنافق يتسابق فقط لأجل دعم والوقوف إلى جانب تركيا، أما سورية التي تعاني ما تعانيه من العقوبات المتواصلة من الولايات المتحدة الأمريكية وكل الدول الغربية وبعض بل أكثر الدول العربية التي تساهم أيضاً في هذه الجريمة المتواصلة بحق الشعب السوري منذ سنوات لم يرف لها جفن ولم تحرك ساكناً.
بهذه الكلمات بدأ مدير مركز دال للإعلام الإعلامي اللبناني فيصل عبد الساتر في حديث خاص لـ” تشرين”، لافتاً إلى أنه منذ وقوع الزلزال والجميع يتابع مجريات الأحداث، لكن المشهد كان تحرك الطائرات والجسور الجوية التي أقامتها العديد من الدول للمساعدة إلى تركيا، بالطبع لا تفريق هنا بين تركي وسوري وأي بلد آخر يصاب بزلزال أو بكارثة طبيعية، إلّا أنه من الحق أن يسأل الجميع ألا يستحق السوري أن تكون له التفاتة من هذا المجتمع الدولي ومن جامعة الدول العربية التي لم تحرك ساكناً حتى اللحظة، كما أنّ أكثر الدول العربية التي لا تزال بشكل خجول وكأنها تستجدي الإذن الأمريكي ثم يقولون لك إنّ المساعدات الإنسانية لا تحتاج إلى إذن ولا تخضع للعقوبات. ربما هذا الكلام يصحّ في مكان من الأمكنة وفي دولة من الدول إلّا أن الماثل أمامنا أن سورية لا تزال تعاني من كل هذا الجور الذي لحق بها منذ سنوات طويلة منذ أن تآمر عليها المتآمرون في بداية عام ٢٠١١ ، ومازالت هذه المؤامرة مستمرة، وليعلم هذا العالم والمجتمع الدولي وجامعة الدول العربية والدول العربية على امتدادها أن سورية أصبحت وكأنها بالفعل دولة منكوبة، أو أنها دولة منكوبة بالكامل بعد هذا الزلزال الذي ما زالت آثاره حتى هذه اللحظة لم تنتهِ، بارتداداتها وبما خلّفته من أضرار كبيرة وجسيمة جداً. وذهبت بالمئات من الضحايا وبالآلاف من الجرحى.
وأوضح عبد الساتر أنّ هذه الإنسانية التي تتباكى دولة من دون أخرى وعلى شعب دون آخر وكأن العرق لهذه الدولة مختلف عن عرق هذه الدولة، وكأن الإنسانية أيضاً تخضع لميزان الأديان أو ميزان الطوائف أو ميزان السياسات أو الأمزجة. هذا هو ما يسمى بالمجتمع الدولي اليوم الذي حاصر سورية ولا يزال وسكت عن هذا الحصار حتى أصبحت سورية إلى ما يشبه الدولة المعدومة، فلا نفط ولا محروقات على أنواعها ولا كهرباء ولا مواد غذائية متوفرة بشكل كامل، فضلاً عما يعانيه الشعب من نقص في كثير من المواد وكل ذلك بسبب قانون قيصر والعقوبات الجائرة التي رفعت بوجه سورية والتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ثم يخرج لك من الأمريكيين من يصرّح ويقول: نعم نحن نقدم أو نريد أن نقدم المساعدات لسورية ويتبارزون في إطلاق التصريحات، لكن على أرض الواقع لم نرَ إلّا جعجعة من دون طحين.

سورية فتحت أبوابها للجميع ولكل عربي كان يلجأ إليها

مؤكداً أن هذا هو واقع الحال في سورية اليوم. فلتكن صرخة الجميع في كل هذا العالم، ونحن في لبنان الأقرب إلى سورية يجب علينا أن نبذل كل الجهود الممكنة في هذا الإطار، وكل دولة إذا ما قررت فعلاً أن تكون إلى جانب شقيقتها عليها أن تبذل ما بوسعها، فلو كان الصدق والعزم والإرادة الصادقة والجادة في أن تقدم المساعدات لسورية لهبت كل الدول العربية دفعة واحدة، ليس فقط بتقديم المساعدة وإنما للمطالبة برفع العقوبات عن سورية برفع هذه الإجراءات الظالمة عنها والتي تستحقها اليوم أكثر من أي وقت مضى، مشيراً إلى أن اللحظة المناسبة اليوم لكي ترفع الأصوات وتسمعها كل من يعنيه الأمر لجلاوزة العصر من الأمريكيين وغيرهم الذين تسببوا بكل هذا الألم والدمار للشعب السوري، اليوم هذه الإنسانية على امتحان حقيقي فمن يقول إنه مع سورية عليه أن يكون فعلاً مع الشعب السوري ومع سورية.

ولكن هناك من يحاول أن يخرج بفلسفة معينة وكأنه يريد أن ينصّب نفسه سيداً على سورية وعلى قرارها، فسمعنا البعض يقول إنّ هذه المساعدات يجب أن تذهب إلى المتضررين.، إذا كان الأمر هكذا فلماذا لا يشترط هذا الأمر على دول أخرى، لأنّ الدول عادة هي من تقدم المساعدات عبر الحكومات، وإلّا ما معنى أن تكون هناك مطالبة في مثل هذا النوع من الطلبات الغريبة العجيبة، متسائلاً أليست سورية ضنينة بأبنائها حتى لو كانوا في مناطق لا تسيطر عليها الدولة حالياً، أليس من الأجدى أن تكون هذه المساعدات تحت إشراف الدولة السورية، وبإشراف الفرق المتخصصة في هذا الإطار حتى يكون حسن تنظيم وإدارة لمثل هذا الأمر. فهذه الطلبات التي نسمعها من هنا وهناك إنما تريد التحايل على حقيقة أساسية لانّ هؤلاء يريدون فعلاً أن يزيد في امتهانهم لقرار الدولة السورية، محاولة ابتزاز الدولة السورية و السيطرة على قرارها. لافتاً إلى أن مثل هذا النوع من المساعدات أصلاً هو غير مقبول ومرفوض جملة تفصيلاً لأنه يحمل في طياته الخبث السياسي والتآمر معاً، وكأن هذه المؤامرة وهذه الحرب على سورية لا يراد لها أن تنتهي.

المساعدات حتى اللحظة لم تصل إلى المستوى الذي يوازي ما تعرضت له سورية

قائلاً: من كان فعلاً يظهر هذا التعاطف مع سورية، فالبوابة مفتوحة والمعابر والمطارات والموانئ كذلك، فليهب الجميع لمساندة سورية فهي لم تقصر مع أحد من هؤلاء. وخاصة من الجيران سواء لبنان أو الأردن أو العراق، ويجب ألّا ننسى ما فعلته سورية مع هذه الدول عندما فتحت أبوابها في كل الحروب التي ضربت العراق و لبنان. حيث فتحت أبوابها للجميع ، ولكل عربي كان يلجأ، انطلاقاً من ذلك فإنّ هذه الدول معنية بأن تكون إلى جانب سورية وليس لها من عذر أبداً لأن تلتزم بقرارات جائرة وقانون قيصر فصّلته الولايات المتحدة الأمريكية لتجوِّعَ وتقتلَ الشعب السوري. لكي تسيطر على القرار السوري أو تجعل سورية ترضخ تحت مطالب الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول التي تآمرت على سورية، اليوم هذه الإنسانية في امتحان وكما يقال عند الامتحان يكرم المرء أو يهان،لا شهوة سياسية مبررة لأحد ولا طمع بسياسة مبررة لأحد. عندما تكون على حساب الآلاف من الضحايا الأبرياء الذين قست عليهم ظروف الطبيعة، فحولت حياتهم إلى كابوس أو إلى ما يشبه الدمار الشامل، اليوم هذه الإنسانية لا يمكن لها أن تكون تحت جناح الولايات المتحدة الأمريكية أو الإرهاب في هذا العالم، داعياً الجميع إلى تضافر كل الجهود ولتسقط كل الاعتبارات، كلنا إلى جانب الشعب السوري، كما أننا إلى جانب الشعب التركي بالتأكيد ولن نفرق بين شعب وآخر، لكن تركيا كان لها من اللحظة الأولى من يبكي عليها، الجميع تسابق للوقوف إلى جانبها، أما سورية فيتيمة على ما يبدو إلّا من بعض الأشقاء والأصدقاء الأوفياء من روسيا وإيران والعراق وبعض الدول الأخرى وربما لبنان فيما يستطيع أن يقدمه وبعض الدول العربية الأخرى التي أعلنت أنها سوف تساعد، لكن هذه المساعدات حتى اللحظة لم تصل إلى المستوى الذي يوازي ما تعرضت له سورية، أو يحاول أن يخفف قدر المستطاع من المصاب الذي ألمّ بسورية.

وبيّن عبد الساتر أن أمام هول الكارثة على الجميع أن يترك كل الأسباب والخلافات السياسية وراء الظهور، هذه الكارثة التي أصابت سورية وشعبها حوّلت سورية إلى دولة منكوبة، لنكن جميعاً إلى جانب سورية، والشعب السوري، إلى جانب المصابين، والمنكوبين المشردين بلا مأوى، فلتكن المساعدات على كل المستويات، فلنطالب جميعاً برفع العقوبات والحصار عن سورية، وتقديم كل المساعدات الممكنة، واللازمة للمتضررين أولاً، وللدولة السورية في كل مناطقها يوجد لكثير ممن يحتاجون للمساعدة بعد أن جار عليهم الزمان، وجارت عليهم دول اللئام من جراء هذه العقوبات الظالمة التي فرضت على سورية ، فلنطالب جميعاً: ارفعوا الحصار عن سورية، ارفعوا العقوبات عن سورية، سورية بلد الجميع، سورية القلب النابض، وحصن عروبتنا، فلنكن جميعاً إلى جانب سورية، ولمن لا يؤمن بالعروبة على الأقل فليؤمن بالإنسانية الشاملة ولا يميز بين إنسان وآخر، كل التضامن والحب لسورية وللشعب السوري.

أقرأ أيضاً:

«ملف تشرين».. صباح ثالث حزين.. والفاجعة تفي سورية.. مرة أخرى تسقط الأقنعة عن منافقي الإنسانية والمتشدقين بالحريات والديمقراطية تكشف أعمق وأقسى وأوجع..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار