وحوش منذر مصري.. بطيئة مثل الشاي!

تشرين-زيد قطريب:

نحتاج إلى وحوش ممزقة لألفة العين، ضد واقع تزنّره الوحشة من كل الجهات! حيث الجماليات ترفٌ، والرومانسيات وهم. هكذا نستقبل كائنات منذر مصري الخرافية التي تعرض في صالة عشتار بدمشق، باعتبارها مولودة من تداعيات الشعر، فهو يعيد ما فعله في القصيدة، ليصبح مرئياً في الخط واللون!.

“الشاي ليس بطيئاً” في القصائد.. الشايُ يبدو بأسنان حادة وعيون جاحظة، وألسنة مدماة، عندما يغادر الأكواب، ويشاء أن يلعب بالهلام مشكلاً من الأرض اليباب حقولاً محروقة موازية، تصور الخراب بلا رتوش أو مكياجات. عملية تشبه تخليص الشعر من الكذب كي يكون مفرطاً بالواقعية، هكذا هي الحال في محاكاة مجد البشاعة عندما تداهمنا على شكل كائنات أسطورية، وفي الحقيقة هي توقعات ومشاعر تجاه حياة عادت منذ زمن بعيد، إلى وحشيتها الأولى، ولا ينقصها إلا أن نفتح العدسة لنلتقط ذلك المشهد “النياندرتالي” المذهل!. إنها أشبه “بآمال شاقة” أنهكت “منذر” في الشعر، فجاء بها إلى كادر اللوحة حتى يطوعها أمام العين.

لوحات منذر، لا تُحمل بالملاقط المعقمة، لأنها لا تشاء الانفصال عن الواقع، هي رؤية فلسفية تعمل على مواجهة البشاعة عبر الاعتراف بها كخصم لدود يمكن أن يتراءى بأشكال مختلفة كنوع من التضليل.

على الجانب الآخر، يبحث الفنان فادي يازجي، عن وحوشه الطفلية الخاصة، ويبدو مشغولاً بالكتلة والبعد الثالث للوحة. الكائنات هنا تبدو أكثر رأفة وهي تصور مقاطع متتالية للبانوراما ذاتها التي قررت خدش النهج الكلاسيكي لآليات الرسم، عبر صدمة غير متوقعة للخط واللون.

في المعرض نفسه، ارتأت لوحات الفنان هيثم شكور الذهاب إلى ضفة أخرى تشبه البورتريهات التعبيرية لأشخاص يجسدون لحظات إنسانية وسلوكيات مختلفة، وكنا في هذا النوع من الفن، نحصل على التعددية في الرؤى التي يعتمدها كل فنان ويراها الأشد تعبيراً عما يراه.

كل معرض يعود السؤال عن ضرورة الفن في واقع تجاوز احتمالات الخيال، فإذا كان الواقع مجنوناً بقساوته إلى هذا النحو، فهل على الفنون أن تهدّىء من نوبات الهستيريا، أم ترفع توترها كي يعود المرء إلى نعمة العقل؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار