ثقة مهزوزة
لم يعد تعزيز الثقة المهزوزة بمعظم القصابين لجهة الجودة والنوعية تعني الفقراء بشيء، بعد أن أصبحت اللحوم على رأس قائمة المحذوفات، لكن ما بات يؤرقهم يكمن في أبسط مكونات طعام أطفالهم.
تتصدر المشهد الخضار، حيث لا تزال ظاهرة ري مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بمختلف أنواع وأصناف محاصيل الخضار بمياه الصرف الصحي الآسنة قائمة بل وإلى اتساع، ويلاحظ استغلال ضعاف النفوس للظروف السائدة وغياب الرقابة والقيام بسحب المياه الآسنة مباشرة من المسيلات والأودية التي تنساب إليها تلك المياه أو رفع أغطية الريكارات وحتى كسر خطوط الصرف للغاية نفسها، غير آبهين بمدى خطورة تناول منتجات تلك المحاصيل التي تروى بالمياه الملوثة على صحة البشر.
كذلك فإن جودة الحليب ومشتقاته باتت مثار ريبة، إذ لم يعد يلحظ المستهلك أي كثافة أو دسم في مادة الحليب الموزعة في الأسواق، وهي على الأغلب مخففة بالماء أو منتجة من حليب البودرة، والأمر يقاس على المشتقات ولاسيما اللبن المصفى الذي تغيب عنه المواصفات المعهودة من حيث اللون والكثافة والطعم، ما يؤشر إلى غش في المواد الداخلة في إنتاجه، وحال الأجبان ليس بالأحسن فلا أحد يأمن جانبها.
وللأغذية المصنعة التي تباع بشكل سائب (فرط) من سمون وزيوت وطحينة وحلاوة وحبوب وبهارات ودبس بندورة وغيرها قصتها مع غياب الثقة، فهي تباع من عبوات غير نظامية ولا يمكن لأحد أن يعلم إن كانت صالحة للاستهلاك البشري أم فاقدة للصلاحية.
بالمجمل؛ فإن حال جودة المنتجات الغذائية في أسواقنا لم تعد تطمئن أبداً، والمواطن ذو الدخل الهزيل الذي يتجرع مرارة الأسعار الملتهبة كل يوم، لا يعقل أن يتجرع مرارة الأمراض من جراء الغش الحاصل في جودة الغذاء الذي يتناوله، وينبغي على الجهات الرقابية المعنية في كلّ مراحل إنتاج الغذاء أن تصحو من سباتها، وتطبق أشد العقوبات الواردة في الأنظمة والقوانين النافذة بحق كل مخالف لا يأبه بسلامة غذاء البشر.