في حضرة الرئيس بشار الأسد “الجزء 4”
تشرين- سالم بن محمد العبري:
في سلسلة مقالاته عن لقائه السيد الرئيس بشار الأسد في دمشق يتابع الكاتب والصحفي العماني سالم بن محمد العبري في الجزء الرابع من هذه السلسلة سرده الحدث، إذ يقول:
لم نكن قد لاحظنا ونحن نُبلّغ بموعد المقابلة التكريمية بسيادة الرئيس بشار الأسد أنه لم يحدد لنا وقتاً محدداً لبقائنا مع سيادته، كما كانت العادة المتبعة حتى في مقابلة شخصيات تكاد لاتنال من مقامه مقدار ظفر، بل لم نصل إلى مكان اللقاء فنؤخذ إلى قاعة انتظار، كما يحلو للبعض أن يتبع، بل كما أشرنا في المقال رقم «١» أن سيادته كان في استقبالنا على مدخل الباب، وهذه صفة تضاف لصفات هذه الشخصية الفذة، التي قد تميزت على الأنداد، وعادت بها إلى عصور الشخصيات النادرة والزمن الذي تتصف شخصياته بمثل هذه المكارم.
ولعليّ أشير إلى حادثة وقعت للأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل رحمه الله، أنه كان في زيارة أحد المسؤولين في العالم، وهذه الشخصية قد تكون الثالثة أو الرابعة في المستوى الوظيفي، ذهب لمقابلتها متوقعاً أنه سيذهب للمقابلة مباشرة فور وصوله إلى مكتب المسؤول، لكنه أخذ إلى قاعة انتظار وإذا كان الأستاذ- رحمه الله- قد قدّر أن لقاءه لا يتعدى حوالي الساعة، فوجد نفسه أن الانتظار قد أتى على احتمال الوقت للمقابلة ثم التوجه إلى المطار للعودة إلى وطنه، فقام مسرعاً بشيء من الحسرة وهو يسأل مرافقه عن صفات شخصيات المسؤولين كوزراء في ذلك البلد، حينها أعطاه المرافق صورة أن بعضهم تجار ربما، فقال:” إذاً مؤسسة وزراؤها تجارها، لا تسأل عن أخبارها”.
لكننا ونحن في خاطرنا أنه لقاء تكريمي من سيادته، نحظى به وكأنه من خلالنا يكرم الأمة والشخصيات الوطنية، التي لم يلتبس معها الصحيح بالغث، وميزت الحق من الباطل وقبضت على الوطنية كالقابض على جمر، لأنهم هم وسيادة الرئيس تتلمذوا في مدرسة العظماء، أعني مدرسة حافظ الأسد وشكري القوتلي وجمال عبد الناصر وهواري بومدين والملك فيصل والمجاهدين والعلماء من أمثال عمر المختار والقسّام والبوطي والإمام محمد بن عبد الله الخليلي، لذلك كنا أكثر حرصاً على ألّا نثقل على سيادته أو نستغل كريم خلقه وعظيم تكريمه فنأخذ من وقته الثمين الذي هو والشعب والأمة كلها تحتاجه، لكي يقضيه في مكان صموده وتخطيطه المحكم وهو يواجه عدواناً عالمياً في ميادين السياسة والاقتصاد والاجتماع، من خلال تضميد الجروح للجيش حامي الديار و للحمة الشعب الذي أشبعوه تقسيماً أو تشريداً ولجوءاً وشرذموا أفراد أسرته وجعلوا بعض أفراد الأسرة الواحدة أعداء بعض، وهو أيضاً أي فخامة الرئيس يحتاج مزيداً من الوقت ليعيد الشعب للحمته واستقراره وتعاونه وتآزره كما كان وأقوى من خلال التشريعات والمراسيم التي تضمد وتعفو وتصفح وتمسح على الجباه الأبية غبار الأتربة والأدخنة التي قذفها المجرمون على وجوه الشعب والأمة خدمة للعدو الصهيوني وعمالة للغرب الاستعماري وتمهيداً للرأسمالية المحتكرة السارقة لقوت العباد، ونظير دولارات عربية سخرت للخراب والتدمير والقتل لا للبناء والتنمية، كيف يقتل عالم وهو ساجد، وطالب يلخص كتابه، وعامل يحمل فأسه إلّا من هؤلاء البغاة المجرمين.
وكيف يقتل طيار مميز أعدّ ليذود وهو في سمائه عن الشعب والأمة عدواناً صهيونياً أو حماقة مستعمر أو أفّاقاً من جلد أمتنا أو ناكراً للعطاء والإخوة والمواطنة.
إن القيادة في سورية وكل مؤسسات الدولة التي تعمل على المصالحة والعفو واسترجاع المغرر بهم، إنما هي تصدر هذه الأعمال عن نهج عربي وإسلامي، فالله عز وجل يقول في قرآنه الكريم: «فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ»، والرسول صلى الله عليه وسلم بيوم فتح مكة قال لمن ناصبه العداء وسوء المعاملة: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.
السيد الرئيس نحن نقدر لفتتكم وتكريمكم ليس لشخص أو أشخاص، بل لرموز أمة ورجال عاهدوا الله أن يسلكوا الطريق المستقيم الذي أسلكهم فيه آباؤهم وأجدادهم ورموز أمتهم العربية الإسلامية، لذلك نفخر بكل ما تحملون وما تعملون وما تصدون فتنجزون وقفة سيشهد بها التاريخ، وتبنون مستقبلاً يرضيكم ويرضي الشعب والأمة حتى يفاخروا به، لذلك لم نطل الوقوف أمام وجهكم المنير المستنير الملهم الواعد المستبشر وإلّا فوالهه لا أشبع وأشبع أسئلتي واستفساراتي واستقصائي وحواراتي، إلّا كمن يجلس مع أستاذ أمة وراوي تاريخها ومبشرٍ بمستقبلها.
لذلك أنا أعدّ نفسي لهذا اللقاء لأخرج منه بكتاب قد يكون حديث الروح للروح من قائد هو أنتم ومن فرد هو أنا، في أمتنا نعتز بها نعرفها منذ داحس والغبراء والبعثة والفتنة والمد والجزر بها لكي نخرج بالكلمة الفصل وبالرأي الواضح وبالحكم العادل.
• كاتب وصحفي عُماني