تريليون دولار خسائر أوروبا جراء تخليها عن الغاز الروسي
تشرين:
شكلت الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، ولاسيما الاقتصاد الأوروبي، صدمة لدول القارة الأوروبية، التي بدأت منذ العام الحالي ببذل جهود مكثفة لإزالة تداعيات فيروس كورونا على اقتصاداتها، والتي دامت أكثر من سنتين، ويبدو أن هذه الصدمة ستكون لها مفاعيل باهظة لجهة تكلفة معالجتها، والتي يتوقع أن تتجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي في العام 2022 «المقدّر بنحو 175 مليار يورو» على ما يتوقع الخبراء الاقتصاديون.
إذاً.. تأثيرات هذه الحرب كبيرة، لأنها عمّقت الفجوة بين العرض والطلب في اقتصادات الدول الأوروبية، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، في الوقت الذي لا يستطيع البنك المركزي الأوروبي التوفيق بين مكافحة التضخم، ودعم النشاط الاقتصادي، وفي سياق الخسائر أعلنت وكالة «بلومبيرغ» الأمريكية أن تكلفة تخلي أوروبا عن الغاز الروسي في إطار عقوباتها ضد روسيا بلغت تريليون دولار محذرة من تعرض أوروبا لهبوط اقتصادي حاد.
وقالت الوكالة: إن هذه التكلفة سببها ارتفاع أسعار الكهرباء للشركات والمستهلكين الأوروبيين، مشيرة إلى أن الوضع المتوتر حول توريد الغاز المسال إلى أوروبا سيستمر على الأقل حتى عام 2026، وتوقعت الوكالة أن هذا ليس سوى بداية لأكبر أزمة طاقة في العقود الأخيرة، حيث إنه بعد فصل الشتاء ستكون مخازن الغاز فارغة وفي ظروف الحد الأدنى من إمدادات الغاز الروسي سيكون من الصعب ملؤها.
بدورهم عدّ محللو «بلومبيرغ» أنه إذا ارتفعت أسعار الغاز في الاتحاد الأوروبي مرة أخرى إلى 210 يورو لكل ميغا واط في الساعة فإن أوروبا ستواجه هبوطاً اقتصادياً حاداً بدلاً من الركود.
ويرى الخبراء أن الحرب الروسية- الأوكرانية، أثرت في مجمل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والغذائية، الأوروبية وسلاسل التوريد في العالم، حيث ارتفعت نتيجتها مجمل الأسعار وانخفضت القدرة الشرائية للأسر، ويلفت الخبراء إلى أنه بدأت التوقعات لنسب النمو الاقتصادي تتغيّر في الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا وأوكرانيا، والاقتصاد العالمي أصلاً كان يعاني التضخم، ما دفع بمنظمة التجارة العالمية في نهاية آذار 2022 إلى تخفيض توقعاتها للنمو بمقدار النصف تقريباً، من 4.7 % إلى 2.5 %، بسبب تأثير الحرب والسياسات الغربية المرتبطة بهذه الحرب، رغم أن أوكرانيا وروسيا تشكلان ما لا يزيد على 2.5 % من صادرات التجارة العالمية.
ويشير الخبراء إلى أن التجارة أصبحت أداة أساسية للضغط عبر ما يُسمّى العقوبات، فنتيجة العقوبات على روسيا التي تنتج 10 % من الطاقة العالمية، منها 17 % من الغاز الطبيعي، حيث بدأت المصارف المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا برفع الفوائد.
ووفق هذه الحال، من الطبيعي أن تتأثر اقتصادات القارة الأوروبية، وإن بنِسَب متفاوتة، بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، ولعلَّ الخسارة الأكبر، والتي لن تتحمّلها الاقتصادات الأوروبية، هي خسارة إمدادات النفط، وعليه من الطبيعي أن تتأثر كل القطاعات لأن روسيا تمدّ القارة الأوروبية بالغاز الطبيعي بنسبة 37 %.