بأسعار فلكية تغرد خارج حسابات محدودي الدخل.. إيجارات المنازل في اللاذقية تصل إلى مليون ليرة

يوسف علي – آلاء هشام عقدة:

كيف لعامل أو موظف أوصاحب دخل محدود لا يتجاوز دخله الشهري ١٢٠ ألف ليرة، على سبيل المثال، أن يدفع راتبه وأحياناً أكثر من راتبه إيجاراً لمنزل، ومن أين سينفق على تكاليف المعيشة خاصة الدواء والدراسة والنقل، في ظل عدم وجود ضوابط منطقية وقانونية تلجم المؤجر عن الاستمرار برفع الأجار الشهري، بمجرد سماعه برفع الأسعار، أو ارتفاع سعر صرف العملات مقابل الليرة في السوق السوداء؟
ارتفاع تلو ارتفاع، يعاني منه المواطن الذي يستأجر منزلاً في اللاذقية، وخاصة من يستأجر منزلاً لفترة بسيطة بموجب عقد لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر، حيث تكون الكارثة لأن أغلبية أصحاب المنازل يطالبون برفع قيمة الإيجار بعد انتهاء فترة العقد أسوة بغيرهم، وحجتهم جاهزة وهي أن كل شي ارتفع.

أسعار فلكية
بيّن مواطنون يسكنون بالإيجار ل”لتشرين” أن استئجار منزل حالياً أسوأ ما يقدم عليه أي شخص ولكنهم مضطرون، فالإيجارات مرتفعة بشكل كبير والارتفاعات متتالية.

رفع الايجار “ضعفين” مع تجديد كل عقد

حيث قال أحد المواطنين: استأجرت منزلاً بقيمة ٣٠٠ ألف لمدة ٦ أشهر في منطقة منظمة عمرانياً، وعند انتهاء مدة القعد طالبني المؤجر بمبلغ ٥٠٠ ألف، بحجة أن المبلغ أصبح قليلاً مقارنة بسعر منزله في سوق العقارات، وإذا لم يعجبني المبلغ فإنه يطلب مني إخلاء المنزل، فلديه زبائن كثر سيدفعون المبلغ دون تردد، متسائلاً: هل ٦ أشهر كافية ليبقى أي شخص في منزل، وهل من المعقول أن يقفز الإيجار الضعفين تقريباً خلال هذه المدة لتصبح الأسعار فلكية؟ ليتابع: تكلفة نقل أثاث المنزل أصبحت باهظة، ناهيك عما تتسبب به عملية النقل من تلف للأثاث.

حجة المؤجر
في المقلب الآخر، قال أحد المؤجرين: لدي منزل أقوم بتأجيره بسعر معقول ولأسرة فقيرة تخصني فالمبلغ زهيد جداً لكنه كبير بالنسبة لهم فظروفهم قاسية، ويضيف: يجب أن تتعزز روابط التكافل الاجتماعي في ظل هذه الظروف القاسية على البلد.
فيما قال مؤجر آخر: أقوم برفع الإيجار تلقائياً كل ستة أشهر لأنني أعتاش من إيجاره، وارتفاع الأسعار طال كل شيء ولم يعد الأمر مقتصراً على العقارات.

إيجارات تتجاوز المليون ليرة
من جهته، بيّن أحد أصحاب المكاتب العقارية “لتشرين” أن صاحب العقار يعتبر أي مبلغ يتم طلبه قليل بالنسبة لعقاره و بالمقابل فإن المستأجر يجد المبلغ مرتفعاً، مؤكداً أن قيمة الأيجار يحددها صاحب العقار ولا دخل للمكتب العقاري بذلك.
ولفت صاحب المكتب العقاري إلى أن إيجارات العقارات تختلف بين حي وآخر، وحسب تجهيز المنزل وجودة خدماته، فإيجار منزل مؤلف من غرفة وصالون غير مفروشة بتجهيز جيد في منطقة جيدة يتراوح بين ٢٠٠- ٢٥٠ ألف ليرة، فيما إيجار منزل غرفتين وصالون بمساحة ١٠٠ متر مربع بتجهيز جيد وفي منطقة معروفة يتراوح بين ٤٠٠-٥٠٠ ألف ليرة.

تحديد قيمة وهمية في عقد الإيجار للتهرب من دفع الرسوم المالية

أما في المناطق الشعبية ومناطق السكن العشوائي التي تقع خارج المخطط التنظيمي، فيبدأ ب ٢٠٠ ألف، فيما يمكن للمواطن العثور على منزل صغير في أحياء كل من الدعتور، الرمل الجنوبي، الزقزقانية ب١٠٠ ألف ليرة، ومنزل مؤلف من غرفة واحدة ومنتفعاتها ب٧٥ ألف ليرة شهرياً.
فيما يصل إيجار منزل في مناطق تصنف بالراقية كالكورنيش إلى مليون ليرة، والمنزل بحي الطابيات أو حارة عامود سنكلس بين ٧٠٠ – ٧٥٠ ألف ليرة، مؤكداً وجود أشخاص يدفعون مليون ليرة إيجار منزل، خاصة التجار الكبار ممن لا يرغبون بتجميد أموالهم في عقار ويفضلون السكن في مناطق راقية، مضيفاً إن أصحاب المكاتب العقارية يتقاضون إيجار شهر من المستأجر كعمولة في حين أنها يجب أن تكون من المؤجر.

الإيجارات تصنف “بالنجوم” حسب الحي وموقع المنزل وكسوته

وعن حالات إيجار البيوت دون عقد للتخلف عن الدفع للمالية أو القيام بعقود وهمية، أشار صاحب المكتب العقاري إلى أنه يتم وضع قيمة إيجار وهمية في العقد للتهرب من دفع رسوم للمالية، لأن تأجير منزل دون عقد أو بعقد بمبلغ وهمي من الممكن أن يجعل المستأجر لا يترك المنزل خاصة أن المؤجر ليس لديه إثبات بذلك.

محكومة باقتصاد السوق
من جهته بيّن الباحث الاقتصادي باسل زينة ل “تشرين” أنه عند النظر إلى إيجارات المنازل في الآونة الأخيرة يمكننا ملاحظة أنها تتراوح وسطيا بين ١٠٠ – ٤٠٠ ألف ليرة سورية شهرياً، على الرغم من وجود بعض الإيجارات التي تتجاوز المليون ليرة سورية شهرياً لأن شاغليها ليس لديهم مشكلة في دفع هذا المبلغ.

ورأى زينة أن متوسط إيجار المنزل بحده الأعلى ٤٠٠ ألف ليرة، هو سعر طبيعي مقارنة بالأسعار الثابتة لعام ٢٠١١، وهو ما يعادل ٥٠٠٠ ليرة سورية آنذاك أو أقل بقليل، بالإضافة لأن أصحاب المنازل يحذون حذو السوق، فكل شيء في السوق سعره عادل مقارنة بالأسعار الثابتة لعام ٢٠١١، مستدركاً: لكن الشيء الوحيد غير العادل في هذه المعادلة هو الرواتب وأجور العاملين في القطاع العام وبعض القطاعات الخاصة، حيث لا يتجاوز هذا الراتب بحده الأعلى قيمة ١٥٠٠ ليرة سورية بحسب الأسعار الثابتة لعام ٢٠١١.

المؤجر يرى قيمة الإيجار قليلة مقارنة بقيمة العقار

وأكد زينة أن إيجارات البيوت لن تنخفض في المدى المنظور، ولكن الشيء الوحيد المعول عليه هو زيادة الرواتب والأجور، بالإضافة لبناء أبراج سكنية خارج محيط المدينة وبمساحات متفاوتة وتقديم قروض مناسبة لامتلاك مسكن، ما يسمح بثبات أسعار الإيجارات أو حتى تخفيضها لاحقاً.

عقود الإيجار
أوضح المهندس حسين زنجرلي رئيس مجلس مدينة اللاذقية أن عقود الإيجار لعام ٢٠٢١ بلغت ٢١٦٧٠ عقداً سكنياً، ٤٣٤١ عقداً تجارياً، فيما بلغت عقود الإيجار لعام ٢٠٢٢، ١٤٨٠٠ عقد سكني، ٣٦٢٠ عقداً تجارياً، مبيناً أنه يتم إبرام عقود الإيجار في الوحدات الإدارية من مدن جبلة والقرداحة والحفة وباقي البلدات والبلديات بالمحافظة، ولكن حصة مدينة اللاذقية هي الأكبر فهي مدينة المركز وتشهد تزايداً على طلب إيجارات أكثر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار